كتب : على امبابى
دولة الوعي، ارضها اجسامنا وزمنها اعمارنا.
رعاياها جوارحنا ..
وقوانينها قيمنا..
دفاعها ضميرنا..
وحدودها أدراكنا لحدودنا في الحياة.
أرض وزمن الوعي يتناميان مع تقدمنا في العمر والمعرفة والتجربة، والأهم تقدمنا في الأخطاء لنبلورها في دروس حياة. وكرعايا لأي دولة، فالوعي حتما يقتات ليعيش ويقوى، وقوت الوعي في المعرفة ومفتاح المعرفة في الترحال والكلمة! الكلمة المطبوعة والمسموعة والمرئية، والترحال في الذات والمكان والبشر وكلما غذيت وعيك كلما اصبح صحيحا، نشطا، قابلا للعطاء والفهم.
وبنقص التغذية او فسادها او انعدامها، يوهن الوعي، يمرض، يشيخ، يموت . وحده الوعي ما يكفل لمكونات الدولة البقاء بعد الفناء، خاصة اذا كان الوعي متجاوزا الذات الي الوعي بالغير وبالله.
فكلما ازداد وعيك بالآخر كلما تمكنت من قبول وجوده ولو كان مختلفا معك! فالوعي الصحي يكفل لك استيعابا لاهمية وجود الاضداد وكيفية استثمار الاختلاف لتحديث الاستمرار!
فمفهوم (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) دعوة الهية عالمية مستمرة، لتبادل الوعي باهمية تعاصر وجود الشعوب والقبائل، لتبادل التعارف والتعامل والتعايش، ضمانا لاستمرار الحياة. والامر بالتعارف يقتضي استمرار الحياة ذاتها وتنميتها، لا إبادتها او تدميرها او افسادها.
ولأمان التعارف بين الشعوب، يلزم وعينا بذاتنا، ثم وعينا بالآخر، ثم نحن معا، ثم مجتمعنا، ثم كلنا، ثم بلدنا، ثم منطقتنا، ثم موقعنا من العالم الكبير،
في كل مستوى، تنمو دولة الوعي بشكل مختلف ومتطور بصورة تصلك لنضج وعيك الذاتي، المتصاعد لتكوين الوعي الجمعي، الذي يوحد فهم الجماعة لامر ما .. مثل اهمية القانون والسلام، او تعريفات القيم، او اهمية التدين ضد التطرف، وهكذا.
كلما توغل وعينا وتجاوز رعايا جمهوريته وتوصل الي باطننا او لوعينا، كلما انطلقت تلقائيتنا مشبعة بهذا الوعي، اصبح تواصلنا وتعارفنا اكثر امنا واستقرارا.
وكأي دولة ايضا، قد يصيب مكوناتها الهجوم والتمرد والفوضى والتسييس والتعمية والمرض والفساد. وهنا من المهم استيعاب اهمية تجديد دولة وعينا، بتحديث وصيانة وترقية قوتها ومعارفها وجوارحها، وإلا اصيبت بالوهن والضعف والتشتت والتشرذم والانحلال.
لا يمكن اغفال اعداء الدولة، من محترفي الغضب والجهل والتغفيل والتأجيل والغباء والرعونة والسبات والخلط والتسرع والابتزاز العاطفي والاهمال والتواكل وامراض البدن والنفس والروح، فمن الوعي ان نعي اعدائنا ونكشفهم ونتحصن منهم، ولن يكون ذلك إلا بالتدبر والتفكير والمقاومة، توصلا للتجديد والتحديث واحتراف المحاولات وعدم مهابة التجربة اوالخوف من التغيير.
لذلك من المهم …
تجدد مكامن دهشتك واسئلة حياتك، معلوماتك، كتبك، بحثك عن الحقيقة وبدايات الطريق، تأصيل المصادر، مقاومة الشائعات، الانتباه للتغفيل، التمسك بالاستمرار، بتعاريف جديدة لمعني وشكل الوصول. صمم خريطة لمصادرك وسمي استخدامها وضعها في مجال نظرك وسمعك، فقواد دولة الوعي يحتاجون دعمك، فهمك، استيعابك لموقعك في حياتك وحياة الاخرين.
صحح قيمك، انعش ضميرك بعشق الصح والحق، رقي زمنك بإصرارك أن تُكمل روحا لا جسدا فقط، استوعب حجج خطأك وصادق التوبة، صون دورك بفهم امكانياتك وموقعك ممن حولك، كن مثالا صحيا لجوارحك، لا ترفع الراية البيضاء ابدا، انتبه لاختباراتك وغير لجان الامتحان، قاوم استثمار الآخرين بتغفيلك لتعاند مصلحتك، فدولتك بيدك ووعيك ينتظر الافاقة الدائمة،
إن تخير ومراجعة وفرز قوت دولة الوعي مهمة شاقة، قد يحتال فيها احد اعدائك فيستدرجك للاعجاب بالشكل والاسماء واللغات، لدرجة التمرغ في الاحباط من الانبهار بالاخرين، فتغتال باستسلامك تجديد دولتك! ولكن وعيك الداخلي وحده، من ينقذك بتتبع قوانينك الاولي وقيمك الاساسية.
الوقت دوما متاحا لتجديد دولة الوعي لتستعيد قيادتها! اهم شيء ان (تعي) انك محتاج الافاقة، لتكمل طريقك بأمان، فتستحق خلافته