بقلم الدكتور عبدالغنى الغريب طه
أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر
خرج علينا أحد دعاة التنوير الذى لا يستطيع قراءة البسملة، ولا كيفية الوضوء ليقول لنا : بأن ابن عباس ليس ترجمان الأمة، ولا يفقه شيئا.
ابن عباس رضي الله تعالى عنه ليس حاصلاً على بكالوريوس، ولا ليسانس، ولا ماجستير، هذه الشهادات تذهب وتفنى، لكن كان معه الكافية، الواقية، دعوة المعصوم صلى الله عليه وسلم، حين قال عنه : اللهم فقهه في الدين ، فى حديث، وفى حديث آخر قال : اللهم علمه الحكمة. رواهما البخارى. فكان ببركة هذه الدعوة وبتخرجه من مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم: كالبحر العرمرم. شاب عطرّت سيرته الكتب، وملأت أخباره مجالس العلم والذكر. شاب استثمر شبابه فيما ينفعه، فعاد نفعه بالذكر الطيب،وأعلى أمته مما ترك من علم غزير. يقول” مجاهد ” رأيت ابن عباس على عرفات يتكلم في تفسير سورة البقرة ، بدأ من بعد صلاة الظهر، وانتهى عند غروب الشمس ، فسر سورة البقرة آية آية، ووالله ما تنحنح، ولا تلعثم، ولا سعل، ولا أعاد كلمة ، والله لورآه اليهود والنصارى وهو يخطب لشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله . من أين تخرج ابن عباس هذا ؟ تخرج من مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم.
روى ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم 1660حديثا.
قال عنه عمرو بن العاص: والله إنك لأصح فتياننا وجها، وأحسنهم عقلا، وأفقههم فى كتاب الله عز وجل.
قال عنه سعد بن أبى وقاص: ما رأيت أحدا أحضر فهما، ولا ألبّ لبا، ولا أكثر علما، ولا أوسع حلما من ابن عباس.
قال عنه عبدالله بن مسعود: نعم ترجمان القرآن.
لما مات قال عنه رافع بن خديج: مات اليوم من كان يحتاج إليه من بين المشرق والمغرب.
معذرة ياابن العباس إن كان أمثالك من الكبار لايعرف قدرهم الصغار، فمن تجاوز تاريخه فقد تجاوز وجوده… معذرة ياابن العباس إن تاهت بى المفردات، واعتصرتنى الكلمات، وتبعثرت حروفى فى واقع القحط العربى، والزمن الهزائمى. لكن رغم كل حالات العجز، وحالات الرماد، إلا أن سماء أمتنا فيه بريق من الأمل الذى يبشر بمواسم الخصب وليالى الحصاد، التى تزرع الأمل، وتنتصر على روائح النفايات.
( وأفوض أمرى إلى الله إن الله بصير بالعباد)