فلسطين لا تسامحينا

87251509 2962947553768301 1402635954077827072 n

بقلم /بومدين جلالى

( 1 ) كنا ننتسب إلى مشرق الشمس وضحاها، وطلعة البدر إذا تلاها، وتاريخ الأرض ومن بالإعجاز بناها، لكننا تناسينا ثم نسينا، فما عاد شيء من ذلك يعنينا، فيا فلسطين لا تسامحينا … ( 2 ) تنكرنا للمعراج فما عادت الصلاة في قدسك تستهوينا، وكفرنا بالمروءة فما أصبحت لعروبتك دلالة في معانينا، كرهنا الورد والياسمين والتين والزيتون وما جاءت أخباره في الأيام والسنين وما دونته الأسفار في القرون بعد القرون، فزالت من وجودنا كل قضية تعنينا، فيا فلسطين لا تسامحينا … ( 3 ) كان شِعرنا مجدا للسيف في يوم الحَيْف، وكان لساننا حياة في الحياة وحياة بعد الحياة، وكانت ألبابنا نجوما بأيّ منها يقتدي الوجود سيهتدي إلى المقصود وما بعد المقصود. واليوم ذل الشعر وبكأ اللسان وتوارى اللب في قبر مقبور أو جحر مهجور أو حيز محظور، فما عاد يستفزنا ما يستفز الناس ولا يقنعنا ما يقنع الناس ولا يحركنا ككل الناس ما يفعله فيك الصهاينة على مرأى من الناس وغير الناس … هكذا مات كل شيء فينا، فيا فلسطين لا تسامحينا … ( 4 ) لم يبق فينا من الحرية إلا حرية الشهوات والنزوات، ولم يبق فينا من الطموح إلا تراكم البترودولارات وممارسة ناتن الملذات ومشاهدة ما صُوّر من الكاسيات العاريات حين الرقصات والمسلسلات … ضاع الإنسان فينا ولم يبق منا إلا أشكال مشوهة تشبه القردة الخاسئين المجرمين فأحببنا القردة الخاسئين المجرمين … هذه هي حريتنا وهذا هو طموحنا، فيا فلسطين لا تسامحينا … ( 5 ) انتفضي انتفاضتك الثالثة كما فعلت في الأولى والثانية، وإذا شئت ثوري وانتفضي رُباع وخماس وسداس وسباع إلى نهاية التعداد … ادفعي فتيتك وفتياتك إلى الموت الشريف والخلود النظيف … افعلي كل جميل جليل نبيل … افعلي ما يليق بتوصيفك يا أيتها الجميلة الجليلة النبيلة ولا تعتمدي علينا في شيء، ولا تنتظري منا إلا الخذلان بعد الخذلان … فنحن ما صرنا نحن … لقد غيرنا في قواميسنا وقلوبنا وقوانينا معاني الانتفاضة والثورة والموت الشريف، كما غيرنا معاني الجمال في مختلف صيغه ودلالاته … فالانتفاضة عندنا هي تنظيم مسيرة تأييد للحاكم بأمره دون شريك ولا رقيب … والثورة عندنا هي محاربة كل قيم النقل والعقل وتجديد حرب داحس والغبراء في كل بقعة وفي كل جيل … والموت الشريف عندنا هو الرحيل في مستشفى غربي أو شبه غربي بعد مائة حول أو يزيد … والجمال عندنا يا جميلتي العجيبة الحبيبة هو ما نعيشه من قبح عظيم في مسارنا الذميم … هذا هو حالنا، هذا هو عارنا، فيا فلسطين لا تسامحينا