بقلم: رافع آدم الهاشميّ
أَعمالٌ أَصيلَةٌ غيرُ مسبوقةٍ مُطلقاً، ليسَ لها مثيلٌ في الوجودِ كُلِّه، أَبتكِرُها شخصيَّاً، وَ أَقومُ بتأَليفها بعدَ مخاضٍ عسيرٍ، وَ جميعُها خُلاصَةُ تجاربي الشخصيَّة وَ نِتاجُ تحقيقاتيَ الخاصَّة، فمحتواها قاطبةً غنيٌّ ثريٌّ بما وراء الوراء، سواءٌ كانَ المحتوى على شكلِ قصَّةٍ أَو شعرٍ أَو مقالٍ أَو أَيِّ شكلٍ آخَرٍ غيرها، وَ حتَّى الصُّورُ المرفقةُ بأَعماليَ هذهِ هيَ الأُخرى أَصيلَةٌ أَيضاً، أَقومُ بالعملِ جاهداً على تجهيزِها وَ تنفيذها بنفسيَ لغرضِ إِضفاءِ طابعٍ أَصيلٍ لأَيِّ مكانٍ تكونُ هيَ وَ المحتوى المتعلِّقِ بها فيه.
كُلُّ هذهِ الأَعمالُ تتطلّبُ منِّي بذلَ جهوديَ وَ وقتي (الّذي هُوَ عُمُري) وَ ماليَ أَيضاً حتَّى تصبحَ جاهزةً للنشر، فأَضعُها مجّاناً دُونَ أَدنى مُقابلٍ في الصُحفِ وَ المجلّات وَ غيرهما؛ لم أَتقاضَ وَ لا أَتقاضى أَيَّ راتبٍ منهُم جميعُهم، قانعٌ بالعَيشِ على أَقلِّ مِنَ الكَفافِ؛ راضياً مُحتسِباً أَجريَ عندَ اللهِ يومَ الحسابِ، {يَوْمَ لاَ يَنْفَعُ مَالٌ وَ لاَ بَنُونَ، إِلاَ مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}، دُونَ أَن أَلهثَ كالكلابِ المسعورةِ وراءَ ملذَّاتِ الدُّنيا الفانيةِ كما يفعلِ الكثيرونَ وَ الكثيراتُ؛ إِنَّما غرضي هُوَ خدمةُ النَّاسِ بجلبِ الفائدةِ وَ المتعة لَهُم وَ دفع الضرر عنهُم؛ قُربةً منِّي إِلى اللهِ ربِّيَ القُدُّوس الّذي أَطلبُ بذلكَ منهُ زيادةَ القُربِ إِليهِ وَ نيلَ المزيدِ مِن رِضاه، وَ ليسَ لغرضِ الشُهرةِ أَو كسبَ المال!
فللهِ الحمدُ حمداً كثيراً كما هُوَ أَهلُهُ، أَنا لا حاجةَ لي بالشهُرةِ؛ إِذ أَنَّ مؤلّفاتيَ المطبوعة ورقيَّاً معروفةٌ في الآفاقِ، وَ اسميَ موجودٌ بأَحرفٍ مِن نورٍ في العالَمِ كُلِّهِ، علانيتهِ وَ سِرِّهِ، وَ فيها ما تمَّ اعتمادُهُ رسميَّاً ضمنَ مصادرِ معلوماتِ العديدِ مِنَ الجهاتِ العالميَّةِ الرَّسميَّة، بما فيها مكتبة الكونجرس الأَمريكيَّة وَ جامعة فيلادلفيا الأَمريكيَّة وَ غيرها الكثير، ناهيك عن أَنَّني منذُ نعومة أَظفاري، في سنة (1996)، أَيّ: قبلَ سنتنا الميلاديَّةِ هذهِ (2020) بـ (23) ثلاثٍ وَ عشرينَ عاماً، وَ أَنا آنذاكَ أُناهِزُ مِنَ العُمُر (20) عشرينَ عاماً، قد دخلتُ التَّاريخَ من أَوسعِ أَبوابهِ؛ حينَ أَصدرَ رئيسُ العراقِ في ذلكَ الوقتِ أَمراً رئاسيَّاً يأَمرُ فيهِ وزارةَ التربيةِ بتعميمِ إِحدى أُنشوداتيَ الخاصَّةِ بالأَطفالِ، لتكونَ ضمنَ منهجِ كتاب القراءةِ للصفِّ الثالث الابتدائيّ، وَ تُحَفَّظَ لتلاميذِ وَ تلميذاتِ المرحلةِ تلكَ في جميعِ مدارسِ العراق، فتمَّ تعميمُ أُنشودتي على جميعِ مدارسِ العراقِ، منهجاً دراسيَّاً ضمن مُقرَّراتِ وزارة التربيَّةِ العراقيَّةِ، وَ على مدى سبعِ سنواتٍ متواصلةٍ، حتَّى الاحتلالِ الأَمريكيِّ للعراق في سنة (2003م)..
دخوليَ التَّاريخَ مِن أَوسعِ أَبوابهِ، لَم يكُن فقط لِمُجرَّدِ أَنَّ اسميَ وَ أُنشودتي أَصبحا طيَّ الكتبِ التعليميَّةِ في جميعِ مدارس العراق، وَ لَم يكُن فقط لِمُجرَّدِ أَنَّ محطّةَ الإِذاعةِ الرَّسميَّةِ في العاصمةِ العراقيَّةِ بغدادَ وَ التلفزيون العراقِيِّ الرَّسميّ قَد أَذاعا اسميَ وَ أُنشودتي في بثِّهما المباشرَ بأَصواتِ التلاميذِ وَ التلميذاتِ بعدَ أَصواتِ الْمُذيعينَ وَ المذيعاتِ، وَ لَم يكُن فقَط لِمُجرَّدِ أَنَّني أَينما كُنتُ أَسيرُ في العاصمةِ بغدادَ صباحاً وقتَ ذهابِ الأَطفالِ إِلى مدارسِهم، أَسمَعُ التلاميذَ وَ هُم يُردِّدونَ وَ التلميذاتِ وَ هُنَّ يُردِّدنَ أُنشودَتي بأَصواتهم وَ أَصواتهنَّ عالياً وَ المرَحُ وَ السَّعادَةُ تغمرُهُم وَ تغمرهُنَّ لِشدَّةِ الأَثرِ الإِيجابيِّ الّذي تتركُهُ في نفوسِهم البريئةِ أُنشودتي الأَصيلة ذات الإِيقاعِ الموسيقيِّ الجميلِ الرنَّان، لتغمُرني السَّعادَةُ أَيضاً وَ أَنا أَراهُم وَ أَسمَعُهُم وَ أَسيرُ على مقربةٍ منهُم وَ منهنَّ وَ هُم لا يعلمونَ (وَ لا يَعلَمنَ) أَنَّ الّذي يسيرُ قريباً منهُم (وَ منهنَّ) هُوَ ذاتُهُ مؤلِّفُ الأُنشودةِ الّتي يتغنَّونَ (وَ يتغنينَ) بها في مرحٍ كبيرٍ!
دخوليَ التَّاريخَ مِن أَوسعِ أَبوابهِ، كانَ لأَجلِ ذلكَ كُلِّهِ، وَ لأَكثرِ مِن هذا أَيضاً، دخوليَ التَّاريخَ مِن أَوسعِ أَبوابهِ، كانَ لأَنَّ شاعرَ العرب الأَوحدِ في زمانهِ عبد الرزَّاق عبد الواحد (رحمةُ اللهِ تعالى عليه)، الّذي هكذا كانَ يُلقِّبوهُ، كانت أُنشودتُهُ الخاصَّةُ بالأَطفالِ، قَد تمَّ تعميمُها في الكتابِ ذاتهِ، إِلَّا أَنَّ اسمَهُ وَ عنوانَ أُنشودتهِ كانا مكتوبينَ بخطٍّ صغيرٍ غيرَ غامقٍ، أُسوةً بجميعِ مَن كانوا في جميعِ الكُتب التعليميَّةِ في كافَّةِ المراحلِ الدِّراسيِّة، إِلَّا أَنا، وَ أَعوذُ باللهِ مِنَ الأَنا، كان اسميَ وَ عنوانَ أُنشودتي مكتوبانِ بخطٍّ عريضٍ بارزٍ جدَّاً وَ بالنمطِ الغامقِ الواضح، وَ كانت عبارة (للشَّاعر) وَ هي مكتوبةٌ بخطٍّ مُميَّزٍ عريضٍ غامقٍ تسبقُ اسميَ الْمُميَّز أَيضاً، وَ متنُ أُنشودَتي (كلماتها) كُتِبَتْ هيَ الأُخرى بخطٍّ مُميَّزٍ بارزٍ للعَيانِ، بينما كانَ جميعُ المؤلِّفينَ الآخَرونَ، بمَن فيِهم عبد الرزَّاق عبد الواحد، قَد كُتِبَتْ أَسماؤهُم مجرَّدَةً دُونَ أَيِّ وصفٍ يسبقُها مُطلقاً، وَ متنُ كلماتهم متشابهٌ معَ الجميعِ على شاكلةِ متنِ جميعِ الكتُبِ المنهجيَّةِ الأُخرى، ما دفعَ صديقيَ المرحوم الشَّاعر عبد الرزَّاق عبد الواحد (أَبو خالد) إِلى أَن يغبطَني كثيراً، وَ يُفاجَئُ حينَ التقى بي لأَوَّلِ مرَّةٍ، عندما التقينا سويَّةً وَ نحنُ مُشارِكانِ رسميَّاً معَ (18) ثمانية عشرَ شاعرٍ آخَرين؛ بدعوةٍ خاصَّةٍ من وزارة الثقافةِ العراقيِّةِ للمشاركةِ في مهرجانِ شُعراءِ الطفولةِ الأَوَّلِ، الّذي أُقيمَ على قاعةِ الرباط في العاصمةِ العراقيَّةِ بغداد، بتاريخ يوم السبت المصادف (8/ محرَّم/ 1429هـ) الموافق (24/4/1999م)، لأَحمِلَ مُنذُ ذلكَ التَّاريخِ معَ جميعِ زُملائيَ الشُّعراءُ المشاركينَ رسميَّاً في ذلكَ المهرجان، لقباً رسميَّاً هُوَ: (شاعِرُ الطفولة)..
في ذلكَ المهرجانِ، عندما التقينا سويَّةً لأَوَّلِ مرَّةٍ، أَنا وَ عبد الرزَّاق عبد الواحد، تفاجئَ أَبو خالدٍ (رحمهُ الله) حينَ سِمعَ اسميَ، وَ نظرَ إِليَّ باستغرابٍ شَديدٍ قائلاً لي:
– أَنَّهُ توقّعني شيخاً كبيرَ السنِّ أَتجاوزُ التسعينَ عاماً، وَ لأَجلِ هذا العُمُرِ الكبيرِ الّذي توقّعَهُ هُوَ لديَّ، فخبرتي بفنونِ الأَدبِ تفوقُ كُلَّ مستويات الإِبداع، مِمَّا جعلَ الرئيسَ العراقِيَّ يُصدِرُ أَمراً ليسَ بتعميمِ أُنشودتي فقط، وَ إِنَّما أَيضاً بكتابةِ اسميَ وَ عنوانَ أُنشودَتي وَ متنها بالخطِّ الْمُميَّزِ الغامقِ، وَ كذلكَ أَن يسبقَ اسميَ بلقبِ وَ وصفِ (للشَّاعرِ) دُونَ أَن يفعلَ هذا الشيءَ مسبقاً على مدى التَّاريخِ كُلِّهِ معَ جميع المؤلّفينَ بمَن فيهم شخصهُ هُوَ عبد الرزَّاق عبد الواحدِ بشحمهِ وَ لحمهِ وَ دمهِ وَ عظمهِ، وَ لَم يتوقّع يوماً أَن أَكونَ أَنا شابَّاً في مُقتبَلِ العُمُرِ.
ما جعلَ المغفور لَهُ، عبد الرزَّاق عبد الواحدِ، تغمَّدَهُ اللهُ برحمتهُ الّتي وسعت كُلَّ شيءٍ وَ أَسكنهُ فسيحَ جنَّاتهِ، يَشدُّ على يدي بحرارةٍ كبيرةٍ جدَّاً، وَ يُبارِكُ لي هذا الإِنجاز العظيمِ غير المسبوقِ في تاريخِ العراقِ كُلِّهِ قاطبةً دونَ استثناءٍ.
و هكذا فعلَ جميعُ الشُّعراءِ معي في ذلكَ المهرجانِ، شدَّوا على يدي بحرارةٍ كبيرةٍ، وَ باركوا لي هذا الإِنجازِ العظيمِ، بمَن فيِهم أَخي الكبير الشَّاعر رعد بندر (حفظهُ اللهُ تعالى مِن كُلِّ سوءٍ وَ مكروه).
اليومَ، بعدَ كُلِّ هذهِ السنواتِ الّتي تزيدُ عن العَقدينِ بتمامهما، أَخذتُ أَستذكِرُ ما مضى وَ ما وصلتُ إِليهِ:
ماديَّاً: من سيِّئٍ إِلى أَسوءٍ، إِلى درجةِ أَنَّ التزاميَ بتقوى اللهِ يُزيدُني عَوَزاً وَ حِرماناً يوماً بعدَ يومٍ، وَ يُضَيِّقُ عَليَّ قبرَ السجنِ الّذي أَنا مجبورٌ على الرضوخِ فيهِ، بينَ سجَّانينَ يُتاجرونَ بالدِّينِ وَ الدِّينُ مِنهُم بريءٌ جُملةً وَ تفصيلاً، فبتُّ أَفتقِدُ لأَبسطِ مُقوِّماتِ البقاء.
وَ معنويَّاً: مِن حَسنٍ إِلى أَحسنٍ، إِلى درجةِ أَنَّ رسوخَ إِيماني وَ ثقتي باللهِ، جعلانيَ أَكثرَ صلابةً في مواجهةِ أَعداءِ الإِنسانيَّةِ أَيَّاً كانوا وَ أَينما كانوا وَ كيفما كانوا، خاصَّةً أُولئك ذوي العمائمِ وَ اللحى كهنةُ المعابدِ سُفهاءُ الدِّينِ الْمُتأَسلمينَ لا الْمُسلمين، دُونَ أَن تأَخذني في اللهِ لَومَةُ لائمٍ أَبداً، حتَّى و إِن كانَ اللائمُ هذا أَحَدُ والديَّ أَو كِلاهُما معاً، فأَصبحتُ أَحفِرُ الصخورَ بأَظافري المتهرِّئةِ قسراً لأَصلَ إِلى أَفضلِ المستوياتِ إِبداعيِّاً رُغمَ فُقدانيَ مقوِّمات الارتقاء الماديَّةِ معَ امتلاكيَ الكاملِ لمقوِّماتِ الارتقاءِ الروحيَّةِ كُلِّها.
لأَجلِ أَن أُسابقَ الزَّمنَ، فأُقدِّمُ للنَّاسِ أَكثرَ ما أَستطيعُ تقديميَ لَهُم، قبلَ أَن تحينَ ساعةَ رحيلي إِلى الدارِ الآخِرةِ، فينتفعوا بذلكَ أَكثرَ فأَكثر، لذا فأَنَّا غزيرُ الإِنتاجِ، لا أَدَعُ يوميَ يمضي دُونَ أَن أُنجزَ أَكثرَ مِن عملٍ أَو عدَّة أَعمالٍ أُخرى، أُقَدِّرُ الوقتَ إِلى أَقصى الحدودِ، وَ لهذا فأَنا طوالَ حياتيَ وَ حتَّى يومِنا هذا، غالباً، أَسهرُ الليلَ وَ أُواصِلُ العملَ لساعاتٍ متواصلةٍ تزيدُ عن الـ (72) اثنينِ وَ سبعينَ بتمامها وَ كمالها، فلا أَنامُ طيلةَ أَيَّامٍ ثلاثٍ بلياليها، حتَّى أَجِدُني مُتعباً نائِماً في مكانيَ المتواضع الّذي أُحقِّقُ وَ أُؤلِّفُ فيهِ؛ بعدَ أَن أَصِلَ إِلى درجةِ الإِرهاقِ وَ الإِعياءِ الشَّديدينِ، لأَصحو بعدَ ساعاتٍ قليلةٍ لا تزيدُ عَنِ الخمسِ أَبداً، وَ أُعيدُ الكَرَّةَ مرَّةً أَخرى في العملِ الجادِّ الدؤوبِ، لأَحصلَ في يومنا هذا، بعدَ هذا كُلِّهِ، على الجحودِ في أَقصى درجاتهِ مِن الغالبيَّةِ العُظمى بمَن فيِهم أُولئكَ الّذينَ ظننتُ فيهِم أَنَّهُم ذو نظرةٍ ثاقبةٍ واسعةٍ ترى الأُمورَ بمنظارِها الصحيح، حتَّى كلمةُ (شكراً) لَم أَسمعها منهُم، وَ لَم أَرها مكتوبةً منهُم في تعليقٍ أَسفلَ عملٍ مِن أَعماليَ أَيَّاً كانت، رُغم أَنَّني لا أَبحثُ عن كلمة (شُكراً)، إِلَّا أَنَّ مَن لا يُشكرَ النَّاسَ لا يُشكرَ الله، وَ “المرءُ مَخبوءٌ تحتَ طَيِّ لسانهِ لا طَيلسانهِ” كما علَّمني أَبي أَميرُ المؤمنين الإِمامُ عليّ بن أَبي طالبٍ الهاشميّ (كرَّمَ اللهُ تعالى وجهَهُ الشَّريفَ وَ عليهِ السَّلامُ وَ روحي لَهُ الفِداءُ) الّذي هُوَ بابُ مدينةِ العلِم، الّتي هيَ جَدِّيَ الْمُصطفى الصادق الأَمين رسول الله محمَّد بن عبد الله الهاشميّ (صلّى اللهُ عليهِ وَ على آلهِ الأَطهار وَ صحبهِ الأَخيار وَ عليهِ وَ عليهم السَّلامُ وَ روحي لَهُ وَ لَهُم جميعاً الفِداءُ)، فأَجدُني أَنا الوحيدُ الّذي أُواصِلُ الشُكرَ وَ التقديرَ وَ الاحترامَ للآخرينَ لأَقَلِّ مجهودٍ يبذلوهُ، رغمَ أَنَّ مجهودَهُم ذاكَ يأَخذونَ عليهِ المالَ أَو يحقِّقونَ مِن خلالهِ مكسباً ماديَّاً وَ معنويَّاً لأَنفُسهِم عاجلاً أَو آجِلاً، وَ (شُكراً) في يومِنا هذا، لَم تصلُني إِلَّا مِن قلَّةٍ قليلةٍ جدَّاً لا يتجاوزُ عددُها أَصابعَ اليدِ الواحدة فقَط، وَ رُبَّما قَد يصلُ العَددُ إِلى أَقلِّ مِن أَصابعِ اليدينِ سويَّةً!
– يا للهول!
لستُ أَدري:
– هل أَنا أَحمقٌ إِلى هذهِ الدرجةِ لكي يكونَ الآخرونَ بمَن فيهِم القُرّاءُ هُم المستفيدونَ دائماً وَ أَنا صاحِبُ العطاءِ بدونِ مُقابلٍ لا أَجني سوى الجحود؟!
بل: لا أَجني أَيضاً سوى أَحقادَهُم وَ حَسدَهُم مُنقطِعَيّ النضير!
– أَمْ أَنَّ جُلَّ النَّاسِ في مُجتمعاتِنا الشرخ أَوسطيَّة لا الشرق أَوسطيَّة قد اعتادوا على احترامِ مَن يحتقِرُهُم حتَّى وَ إِن كانَ مُحتقِرُهُم مُنافِقاً وَ تمرَّسوا على احتقارِ مَن يحترِمُهُم حتَّى وَ إِن كانَ مُحترِمُهُم عالِماً ربَّانيَّاً تقيَّاً عابداً الله؟!!
– أَمْ في أَغلَبِ الشرقِ الأَوسطِ وَ الأَدنى، كُلُّ شيءٍ يؤدِّي إِلى لا شيء، وَ في جُلِّ الغربِ وَ أُوربّا، شيءٌ واحِدٌ يؤدِّي إِلى كُلِّ شيءٍ؟!!!
إِذاً:
– هَل مِن عاقِلٍ بعدَ هذا يفتخِرُ بشيءٍ لا يستحقُّ الافتخارَ أَو يموتُ مِن أَجلِ شيءٍ لا يستحقُّ حتَّى الحياة؟!
آلَمَني كثيراً ردُّ أَحَدُ المسؤولينَ في إِحدى الصُحفِ الّتي أَعمَلُ معها (مجَّاناً أُسوةً بعملي مع غيرِها) بأَنَّهُ يُعلِّقُ على عملٍ لي رفعُتُه لمجموعةِ التحريرِ الخاصَّةِ بالنشرِ، لغرضِ أَن يقومَ أَحدُ المحرِّرين أَو إِحدى الْمُحرِّرات بنشرهِ على موقع الجريدةِ، قائلاً:
– أَنَّ عمليَ ذاكَ مُكرَّرٌ لأَنَّهُ منشورٌ قبلَ ساعاتٍ ثلاثٍ في جريدةِ أُخرى..
لذا: فَهُوَ قَد امتنعَ عن نشرِ العملِ في موقعِ جريدتهِ تلك؛ بذريعةِ وجوب أَن يكونَ العملُ حصريَّاً بجريدتهِ فقط وَ أَن لا يكونَ منشوراً في جريدةٍ أُخرى مُطلقاً.
و بعدَ أَن أَلقيتُ عليهِ الْحُجَّةَ علميَّاً وَ منطقيَّاً في لا منطقيَّةِ وَ لا عدالةِ سلوكِهِ ذاكَ، وجَّهَ التُّهمةَ إِلى المحرِّرينَ وَ المحرِّراتِ بتأَخُّرِهم وَ تأَخرهنَّ في نشرِ عمليَ قبلَ أَن يُسارِعَ مُحرِّرو وَ مُحرِّراتُ الصُحفِ الأُخرى إِلى نشرِ العملِ ذاتهِ، فيحصلونَ هُم على سَبقِ النشرِ التنافسيِّ (مِن وجهةِ نظرهِ القاصرةٍ جدَّاً)..
وَ لستُ أَدري:
– هلِ نجاحُ الصحيفةِ مرهونٌ بتسابقها بنشرِ العملِ قبلَ الصُحُفِ الأُخرى؟!
– أَمْ أَنَّهُ مرهونٌ بجديَّةِ محتوى منشوراتها وَ جودَةِ المادَّةِ الّتي يُقدِّمُها المؤلِّفونَ وَ المؤلِّفاتُ بما يضمنُ ديمومة مُتابعةِ القُرّاء لها وَ بالتالي يضمِنُ ديمومة وصولِ الإِعلاناتِ إِليها عبرَ الْمُعلنينَ وَ بالتالي يضمِنُ ديمومة الحصولِ على الأَموالِ الّتي يضمِنُ بها أَصحابُ الصُحُفِ قدرتُهم هُم وَ قدرة مَن معَهُم في الصحيفةِ ذاتها مِنَ المؤلّفينَ وَ المؤلّفاتِ وَ الْمُحرِّرينَ وَ الْمُحرِّرات على مواصلةِ المسيرةِ في الحياةِ؛ باعتبارِ المالِ وسيلةً وَ ليسَ غاية، مِن خلالِ إِعطاءِ كُلِّ ذي حقٍّ فيها حقَّهُ منها؟!
بعدَ ذلكَ، طلبَ منِّي أَن أُجريَ تغييراتٍ متباينةٍ في أَعماليَ وَ عناوينها، عَلِمتُ من طلبهِ هذا أَنَّ الغرضَ منها هُوَ أَن توحي للقُرَّاءِ على أَنَّ العملَ حصريُّ بجريدتهِ هُوَ فقط دُونَ غيرها، فعلمتُ من طلبهِ نرجسيَّةً لا تستوجِبُ منِّي الردَّ مُطلقاً؛ إِذ:
– أَيُّ عاقلٍ يطلبُ مِن مؤلِّفٍ إِجراءَ تغييراتٍ مُتباينةٍ في مقالاتهِ وَ قصَصهِ وَ أَشعارهِ؟!
– وَ هلِ العَملُ الإِبداعيُّ لا يكونُ مُتكامِلاً إِلَّا بصيغتهِ الإِبداعيَّةِ الّتي يراها المؤلِّفُ بحذافيرِها دونَ زيادةٍ أَو تغييرٍ أَو نقصانٍ؟!
– لم يبقَ لَهُ سوى أَن يطلبَ منِّي أَيضاً أَن أَضعَ اسماً جديداً لي مُختلِفاً معَ كُلِّ تغييرٍ أُجريهِ في كُلِّ عملٍ لي حسبَ رغبتهِ النرجسيَّةِ تلك؛ ليظهرَ لقُرَّاءِ جريدتهِ أَنَّ مَن يكتبونَ في جريدتهِ هُم مؤلِّفونَ كثيرونَ لا تنتهي أَسماؤهم أَبداً!!!
وَ حتَّى لو فعلتُ الإِجراءَ الأَحمقَ هذا بتغييرِ اسميَ معَ كُلِّ عملٍ لي في كُلِّ جريدةٍ وَ مجلّةٍ:
– أَلا يوجَدُ شيءٌ اسمُهُ النَّفَسُ الأَدبيُّ الّذي مِن خلالهِ يمكِنُ للقارئ الحصيفِ أَن يكتشِفَ مؤلِّفَ العملِ حتَّى وَ إِن لَم يكُن اسمُ المؤلِّفِ موجودٌ عليهِ؟!!
وَ أَحزنني كثيراً الأَمرُ ذاتُهُ حينَ حصلَ بحذافيرهِ على يدِ مسؤولٍ آخَرٍ في جريدةٍ ثانيةٍ، وَ على يدِ مُحرِّرٍ في جريدةٍ ثالثةٍ، وَ على يدِ مُحرِّرةٍ في جريدةٍ رابعةٍ، وَ القائمةُ تطولُ بعشراتِ الصحفِ بمَن فيها مِن ذوي النرجسيَّةِ الّتي تُطالِبُ أَصحابُها (النرجسيِّونَ وَ النرجسيِّاتُ) بحصريَّةِ العملِ لها فقط؛ لتكونَ هيَ سيِّدَ سوقِ الإِعلامِ وَ الصحافةِ في الوسطِ كُلِّهِ على حسابِ أَصحابِ الجرائدِ وَ المجلّاتِ الأُخرى.
لستُ أَدري:
– كيفَ يُطالبُني شخصٌ بأَن يكونَ عمليَ حصريَّاً بجريدتهِ وَ هُوَ في الوقتِ ذاتهِ يعملُ في صُحفٍ عديدةٍ بمُسمِّياتٍ أُخرى، بينَ مُحرِّرٍ وَ رئيسِ تحريرٍ وَ نائب رئيسِ تحريرٍ وَ غيرها مِنَ الْمُسمِّيات؟!!
– أَليسَ الْمُفتَرضُ بمَن يطالبُني بالحصريَّةِ أَن يكونَ هُوَ أَيضاً مُلتزِماً بالحصريَّةِ هذهِ فيُقصِرُ عملَهُ على جريدتهِ فقط وَ لا يسمَحُ لنفسهِ العملَ معَ صُحفٍ أُخرى؟!
– أَمْ أَنَّ الْحَلالَ لديهِ حَرامٌ عَليَّ لا يجوزُ لي فِعلُ ما يُجيزُهُ هُوَ لنفسهِ؟!
بالتأَكيدِ، إِنَّ ذوي الفِكر النرجسيِّ القميءِ هذا موجودونُ في تلك الصُحُفِ الّتي كُنتُ أَعملُ معها سابقاً، بمَن فيِهِم الصحفُ الّتي كنتُ أَعمَلُ معَها حتَّى السَّاعاتِ الأُولى مِن صباحِ هذا اليوم، وَ بعدَما بدَرَ مِنهُم جُحودُهم تجاهيَ، تركتُ العملَ معَهُم بشكلٍ فوريٍّ إِلى الأَبدِ، فقَد طلّقتُهُم ثلاثاً لا رجعةِ لي فيها مُطلقاً، وَ طالما أَنت (قارئي العَزيز وَ قارئتي العزيزة) قَد وجدت مقاليَ هذا منشوراً في موقع الجريدةِ (أَو المجلّة) هذهِ، وَ طالما ستجِدُ أَنت (وَ تجدينَ أَنتِ) استمراريَّةَ أَعمالي الأُخرى منشورةً لاحقاً بالتتابعِ في موقع الجريدةِ (أَو المجلّة) هذهِ أَيضاً، فاعلَم (ي) أَنَّ الكلامَ السابقَ منِّي يتعلَّقُ بجريدةٍ (أَو مجلّةٍ) أُخرى لا عَلاقةَ لهُ بهذهِ الجريدةِ (أَو المجلّة) الّتي هيَ بينَ يديك الآن، وَ الّتي هيَ (هذه الجريدة أَو المجلّة) منبرٌ إِعلاميٌّ حُرٌّ نزيهٌ أَتشرَّفُ بالعملِ معَ مَن فيهِ مِن زُملائيَ وَ زميلاتي، على رَغمِ قلَّةِ الصُحفِ وَ المجلّاتِ الْحُرَّةِ النزيهةِ في يومنا هذا، بينَ هذا الكَمِّ الهائلِ مِنَ الصُحفِ وَ المجلّاتِ الزائفةِ في أَغراضِها، الّتي أَبسطُ ما يُمكِنُنُي وصفيَ عنها: أَنَّها تجاريَّةٌ بامتيازٍ ما هَمُّ أَصحابها إِلا الحصولُ على الأَموالِ دُونَ مُراعاةٍ لحقوقِ الآخَرين وَ دُونَ احترامٍ لأَيِّ حرفٍ من حروفِ الـ (عدالة)، لتكونَ هذهِ الصحيفةُ وَ جميعُ الصُحُفِ الّتي أَعملُ معها باستمرارٍ هي بقعةُ ضوءٍ تُضيءُ ظُلمةَ الجهلِ وَ النِّفاق الْمُتشفيِّينِ (معَ بالغِ الأَسفِ الشَّديد) في عُقولِ وَ قلوبِ الكثيرينَ وَ الكثيراتِ مِن أَبناءِ وَ بناتِ مُجتمعاتنا الشرخ أَوسطيَّة الغافلةِ وَ الْمُتغافلةِ معاً عن الحَقِّ وَ عنِ الحَقيقة؛ بعدَ أَن ملأَتِ الأَطماعُ نفوسَهُم (وَ نفوسهنَّ) وَ عاثتِ الأَحقادُ فساداً بأَرواحِهم (وَ أَرواحِهنَّ).
لستُ أَدري:
– كيفَ يُطالِبُني أَحدُهُم بحصريَّةِ عمليَ بجريدتهم، وَ أَنا أَعمَلُ مجَّاناً دُونَ مقابلٍ؟!!!
يا هؤلاءِ الْمُطالبونَ وَ الْمُطالباتُ بالحصريَّةِ، اشتروا منِّي أَوَّلاً حقوق حصريَّةَ العملِ وَ بعدَ ذلكَ اطلبوا منِّي ما تطلبوه، أَمَّا وَ أَنتُم حتَّى لا تدفعونَ لي راتباً وَ لا أَيَّ مبلغٍ مِنَ المالِ..
– فكيفَ تعطونَ الحقَّ لأَنفُسِكُم بالمطالبةِ بحصريَّةِ أَعماليَ لكَمُ وَ تريدونَ منعيَ عَن إِيصالها إِلى مَن يستحقّونها مِنَ ذوي الفِكر الإِنسانيِّ النبيلِ في الصُحفِ الأُخرى؟!!
– أَمْ أَنَّكُم لا تدرونَ شيئاً عن قوانينِ حُقوقِ مِلكيَّةِ المؤلِّف الّتي تؤكِّدُ عليها بشكلٍ حازمٍ المنظّمةُ العالميّةُ للمِلكيَّةِ الفِكريَّة الـ (ويبو) التابعةُ لمنظّمةِ الأُممِ المتحدةِ العالميَّةِ وَ تعاقِبُ الْمتجاوزينَ وَ الْمُخالفينَ عقوباتٍ عادلةٍ بامتياز؟!!
– أَمْ أَنَّكم تتغافلونَ عنها؟!
– أَمْ أَنَّكُم حقَّاً مُغفَّلون؟!
يا هؤلاءِ الْمُطالبونَ وَ الْمُطالباتُ بالحصريَّةِ، مُجرَّدُ وجود أَعمالي في جرائدكم وَ مجلّاتكُم هُوَ دفعٌ بعجلةِ تقدُّمها إِلى الأَمامِ؛ إِذ أَنَّ جودَةَ أَعماليَ الأَصيلةِ غير المسبوقةِ على مَرِّ التَّاريخِ كُلِّهِ، وَ الحصريَّةُ بي أَنا فقط دونَ أَحدٍ سوايَ في العالَمِ كُلَّهِ قاطبةً، وَ تنوِّعِ أَشكالها الأَدبيَّةِ وَ العلميَّةِ، معَ تعدُّدِ فحوى محتوياتها بمعالجتي مِن خِلالها شتَّى مجالاتِ الحياةِ، بما يجلبُ النفعَ لقارئيها وَ يدفعُ عنهُم الضررَ، أَضيفوا إِلى هذا كُلِّهِ: أَنَّني أَقومُ بتوثيقِ روابط أَعماليَ المنشورةِ وَ مشاركتها لاحقاً في قنواتي الرَّسميَّةِ الّتي يُناهِزُ عَددُ مَن يُتابعونني فيها في يومنا هذا عنِ الـ (14000) أَربعةَ عشرَ أَلف شخصٍ من مُختلَفِ دولِ العالمِ، وَ مِن شتَّى الدرجاتِ العلميَّةِ الأَكاديميَّةِ وَ المراتبِ الاجتماعيَّةِ، وَ غالبيِّتُهم من صفوةِ المثقّفينَ وَ المثقّفات، حيثُ أَقومُ لاحقاً بشكلٍ تتابعيٍّ بُمشاركةِ روابط النشر، وِفقَ خطَّةٍ إِستراتيجيَّةٍ أَعتمِدُ فيها أَوقاتً مُحدَّدةً معلومَةً لديَّ؛ بما يجلبُ المزيدُ مِنَ القُرّاءِ وَ القارءاتِ إِلى الصُحفِ وَ المجلّاتِ الّتي أَعملُ معها، وَ بالتالي: فأَنا واقعيَّاً أَصنعُ إِعلاناً لكُلِّ تلكَ الصُحفِ جميعاً، هذا الإِعلانُ الّذي أَعملُهُ وَ أَصنعهُ لَكُم بجهوديَ الذاتيَّةِ هُوَ إِعلانٌ مجّانيٌّ منِّي دونَ مُقابلٍ، لم أُطالبُكم يوماً بدفعِ حقوقهِ لي، في الوقتِ الّذي أَنتُم تأَخذونَ حقوقَ الإِعلاناتِ مِنَ الْمُعلنينَ لديكم على صفحاتِ جرائدكم هذهِ، وَ مِن حقِّكم أَخذ ثمنِ الإِعلاناتِ؛ لتستمرَّ ديمومةُ العملِ معكم، لكن! ليسَ مِن حقِّكم أَن تمنعوني عن إِيصالِ أَعماليَ إِلى مُستحقِّيها في الصُحفِ النزيهةِ جميعاً وَ لقُرَّائيَ الشُّرفاءِ (وَ قارئاتيَ الشَّريفاتِ) فيها أَيضاً، وَ في الوقتِ ذاتهِ لا تدفعونَ لي ثمنَ إِعلانيَ عنكم في قنواتيَ الرَّسميَّةِ، بما فيها صفحاتي الرَّسميَّة على مواقع التواصل الاجتماعيِّ كافَّةً، مثل: (فيسبوك) وَ (تويتر)، وَ كذلكَ موقع الأَعمال العالميِّ (لينكد إِن)، وَ في الوقتِ ذاتهِ أَيضاً لا تدفعونَ لي ثمنَ حصريَّة العملِ بكم، وَ في الوقتِ ذاتهِ كذلكَ لا تدفعونَ لي سِنتاً واحِداً كراتبٍ شهريٍّ أَو كتعويضٍ ماديٍّ لِما أَبذلُهُ مِن جهدٍ وَ وقتٍ وَ مالٍ، وَ فوقَ هذا وَ ذاكَ كُلِّهِ لا تقولونَ لي (شُكراً)، وَ تُطالِبونني بحصريَّةَ العملِ بكم لوحدكم فقط..
– فهل مِنَ العدالةِ أَن تُجحِدوا بيَ أَنتُم في الوقتِ الّذي أُكرِمُكم فيهِ أَنا بكُلِّ مُحتوىً وَ مَرَفَقٍ أَصيلٍ لا مَثيلَ لَهُ في الحياة؟!
أَنَّا إِنسانٌ حُرٌّ، نزيهٌ، تقيٌّ، أَعبدُ اللهَ وَ أَسعى إِلى القُربِ منهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِن خلالِ أَن أُقدِّمَ للنَّاسِ جميعاً ما وهبني رَبِّيَ القُدُّوس مِن عِلمِ (ما وراء الوراء) وَ ما فيهِ من الحقائق وَ الخفايا وَ الأَسرارِ الّتي لا يعلمُها اليومَ أَحَدٌ مِنَ البشرِ سوايَ، وَ تكرُّماً منِّي أَقومُ بإِيصالها شيئاً فشيئاً إِلى الآخرينَ مجَّاناً دونَ مقابل..
– أَوَ تظنُّونَ أَنَّني لا أَعلَمُ أَنَّ بإِمكانيَ أَن أَطبعَ أَعماليَ هذهِ ورقيَّاً لِتُباعَ في المكتباتِ فأَحصُدُ مِن خلالها الكثيرَ مِنَ الأَموالِ؟!!
– فما لَكُم كيفَ تحكمون؟!
– أَمْ على قلوبكُم أَقفالُها؟!
بالسَّلامِ الصادقِ الأَمينِ، يدي ممدودَةٌ دائِماً للجميعِ، فمَن يضعُ يَدَهُ في يدي، نكونُ كِلانا رابحينِ معاً، وَ مَن لا يضعُ يدَهُ في يدي أَكونُ أَنا الرابحُ وَ يكونُ هُوَ الخاسِرُ الأَكيد، لذا أَقولها لكَمُ صراحةً أَيُّها النرجسيِّونَ وَ أَيَّتُها النرجسيِّاتُ: لا شروطَ توضَعُ عليكُم معَ الأَحرارِ الربَّانيِّينَ أَمثاليَ إِلَّا تحقيقَ العدالةِ الّتي هيَ إِعطاءُ كُلِّ ذي حقٍّ حقَّهُ وَ قبلَ ذلكَ تقوى الله، شروطٌ تضعونها أَنتُم بأَنفُسِكُم على أَنفُسِكُم؛ لتحديدِ سلوكيِّاتكمُ معَ الأَحرارِ، وَ لا شروطَ توضَعُ على الأَحرارِ مُطلقاً؛ لأَنَّنا نحنُ الأَحرارُ صادقونَ حدَّ النخاعِ، وَ لا نرى الحياةَ بتدرُّجٍ لونيٍّ أَبداً، إِنَّما: أَبيضٌ، أَو أَسودٌ، فقط لا غير، وَ نحنُ الأَحرارُ الربَّانيِّونَ معَ الأَبيضِ حتَّى الرمقِ الأَخير.
دائماً أُكرِّرُ معَ نفسيَ قائلاً:
– نحنُ ذوي القُلوبِ النقيَّةِ الطاهرةِ نبقى سالكينَ في مَسلكِ الإِيثارِ بالنَّفسِ مِن أَجلِ الآخَرين وَ نتحمَّلُ مِن أَجلِ جلبِ المنفعةِ إِليهم وَ دفعِ الضررِ عَنهُم حتَّى وَ إِن كانوا هُم لا يعلمونَ، فَطِب نفسَاً يا صاحِبَ القلبِ الطاهرِ النقيِّ؛ فلِكُلِّ مُؤثرٍ بنفسهِ آهاتٌ وَ جروح.
وَ يؤسِفُني أَن أَنعى نفسيَ قائلاً:
– كُلُّ شَيءٍ ترتَفِعُ قيمتُهُ يَومَاً بَعدَ يَومٍ، حتَّى الْمُنافِقونَ وَ الْكِلابُ!!! إِلَّا شيئاً واحِدَاً فقَط باتت قيمتُهُ تنحدِرُ أَدنى مِنَ اللاشيءِ؛ إِنَّهُ: دماؤنا وَ مشاعِرُنا وَ أَحاسيسُنا وَ حياتُنا نحنُ الصادقونَ في أُمَّةِ يكثرُ فيها الْجَرَبُ لا العربُ بينَ المتأَسلمينَ لا الْمُسلمين!
اللهُمَّ احفظ وَ بارِك جميعَ المؤمنين وَ المؤمنات، وَ اهدِ الغافلينَ عنك وَ الغافلاتِ إِلى سبيلِ الرشاد، وَ انتقِم مِنَ المنافقينَ وَ المنافقات، وَ عَجِّل لوليك الفرج، يا قُدُّوس يا ذا الجَلالِ وَ الإِكرام؛ إِنَّكَ حميدٌ مُجيبُ الدُّعاء.