بقلم الداعية الإسلامية : مهندسة / بهيرة خيرالله
- ونحن نتحدث عن الهجرة من دار الشرك إلي دار الإسلام ، ومن دار الخوف إلي دار الأمان ، والتي كانت منذ أكثر من 1442 عاما ، يوم هاجر رسول الله صلي الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه من مكة إلي يثرب ، يوم هاجر بدين الله ليظهره الله علي الدين كله ؛ لا ننسي أن المرأة صنو الرجل منذ بدء الخليقة ؛ وقد كانت لها أدوار علي مدي التاريخ بجانب الرجل ، ونذكر هنا بعض من نساء وضعن بصماتهنَّ المباركة في رحلة الهجرة .
- فقد سبق بالهجرة رجال ونساء إلي الحبشة فى السنة الخامسة من البعثة النبوية ، وكان المهاجرون الأوائل اثني عشر رجلا وأربعا من النساء من أكابر البيوتات القرشية ، وكان وراء هذه الهجرة أسبابا أولها اتخاذ مكان آمن يتمكن فيه المهاجرون من ممارسة عقيدتهم دون اضطهاد وفتنة ، وكذلك إثارة هزة في أوساط قريش أن أبناؤها الكرام يهاجرون بعقيدتهم فرارًا من الجاهلية , تاركين وراءهم كل وشائج القربى , في بيئة قبلية تهزها هذه الهجرة على هذا النحو هزا عنيفا .
- لذا كان أول بيت هاجر “رقية بنت رسول الله ” وزوجها “عثمان بن عفان” ، وولدت له ابنها عبد الله هنالك ، وهي أول من لقبت بذات الهجرتين إلي الحبشة ، ثم عادت إلي مكة وشهدت وفاة أمها خديجة بنت خويلد ثم هاجرت مرة أخري إلي يثرب ، وبعد عامين من الهجرة توفي ابنها عبد الله ، ثم توفت حزناً عليه ولها من العمر اثنتان وعشرون سنة (22) يوم وصول خبر نصر بدر فى العام 2 هـ … رحم الله المهاجرة بنت المهاجر الأعظم صلوات ربي وسلامه عليهما .
- وكانت من السابقات إلي الهجرة أم المؤمنين ” أم سلمة هند بنت أبي أمية بن المغيرة المخزومية” مع زوجها آنذاك ” أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد” ابن عمة رسول الله وأخوه بالرضاع ، وولدت له سلمة بالمهجر ، وعادا إلي مكة ثم هاجرا إلي يثرب ، فهما من أصحاب الهجرتين .
- وكانت هجرة أم المؤمنين ” أم حبيبة بنت أبي سفيان” ابنة زعيم الجاهلية وأكبر المتصدين لحرب العقيدة الجديدة وصاحبها ، مع زوجها آنذاك “عبيد الله بن جحش” والذي ارتد عن دين الإسلام بدار الهجرة ثم مات ، فكرَّمها رسول الله صلي الله عليه وسلم بأن وكَّلَ النجاشي بتزويجها له مواساة لها ومؤازرة لها فى غربتها عن الوطن والأهل ، واستقدمها النبي صلي الله عليه وسلم من الحبشة فى العام 7 هـ وبني بها ودخلت بيت النبوة كأم من أمهات المؤمنين .
- وكانت هجرة “أسماء بنت عُمَيس” مع زوجها آنذاك “جعفر بن أبي طالب” ، وهي التي كانت زوجة لثلاثة من المُبشرين بالجنة تزوجها أبو بكر الصديق بعد استشهاد جعفر الطيار يوم مؤته عام 8 هـ ، ثم تزوجها من بعده علي بن أبي طالب بعد وفاة فاطمة الزهراء . وهي من دخلت على نساء النبي فقالت: هل نزل فينا شيء من القرآن ؟ قلن: لا ، فأتت النبي صلي الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ، إن النساء لفي خيبة وخسار ، قال : ومم ذاك ؟ قالت : لأنهنَّ لا يُذكرن بخير كما يُذكر الرجال ، فأنزل الله هذه الآية من سورة الأحزاب :{ إِنَّ ٱلۡمُسۡلِمِينَ وَٱلۡمُسۡلِمَاٰتِ وَٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰاتِ وَٱلۡقَانِتِينَ وَٱلۡقَانِتَٰاتِ وَٱلصَّٰادِقِينَ وَٱلصَّٰادِقَٰاتِ وَٱلصَّٰابِرِينَ وَٱلصَّٰابِرَاتِ وَٱلۡخَٰشِعِينَ وَٱلۡخَٰاشِعَاتِ وَٱلۡمُتَصَدِّقِينَ وَٱلۡمُتَصَدِّقَاٰتِ وَٱلصَّٰٓائِمِينَ وَٱلصَّٰٓائِمَاتِ وَٱلۡحَافِظِينَ فُرُوجَهُمۡ وَٱلۡحَافِظَٰاتِ وَٱلذَّٰاكِرِينَ ٱللَّهَ كَثِيرٗا وَٱلذَّٰاكِرَاتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغۡفِرَةٗ وَأَجۡرًا عَظِيمٗا (35)} .
- ثم كانت الهجرة الثانية فى نفس العام إلي الحبشة 38 رجلا & 19 امرأة منهن امرأتان من خيرة النساء :
أم المؤمنين “سودة بنت زمعة ” مع زوجها آنذاك وابن عمها ” السكران بن عمرو العامري” ، وهي التي شرفها رسول الله صلي الله عليه وسلم بالزواج منها بعد وفاة زوجها بعدعودتهما من الحبشة ، ووفاة أم المؤمنين خديجة بنت خويلد بعامين ، وقبل هجرته إلي يثرب بعدة أشهر ، ثم استقدمها إليه بعد وصوله إلي دار الهجرة واستقراره بها . - وكانت هجرة الصحابية الجليلة “خولة بنت حكيم” مع زوجها “عثمان بن مظعون” ، وهي التي خطبت لرسول الله صلي الله عليه وسلم بعد وفاة خديجة بعامين ، زوجتيه ” سودة بنت زمعة” رفيقتها فى المهجر ، و”عائشة بنت الصديق أبي بكر” .. وكلهنَّ من أصحاب الهجرتين ، هاجرن من بعد إلي يثرب مدينة رسول الله .
- وقد سبقت الهجرة إلي يثرب كمقدمة لها بيعتي العقبة الأولي والثانية في السنة الثانية عشر والثالثة عشر من البعثة ، وقد شاركت في البيعة الثانية امرأتان مع ثلاثة وسبعين رجلا ، هما ” أم عمارة نُسيبة بنت كعب” وهي من وقفت يوم أحد مدافعة عن رسول الله صلي الله عليه وسلم حاملة السيف تذب عنه وأصيبت بالعديد من الطعنات فى أجزاء جسدها كله. والمرأة الثانية ” أم منيع أسماء بنت عمرو ” حضرت البيعة مع ابنها معاذ بن جبل ، وهو من اختاره رسول الله سفيرا إلي أهل اليمن ليعلمهم الدين الجديد … فيالهنَّ من نساء عظيمات وأمهات لأبناء عظام .
- ثم كانت من طلائع الهجرة إلي يثرب : “أم سلمة ” مع زوجها ” أبو سلمة ” وكانوا أول بيت مهاجر إليها وفي هجرتهما قصة دامية للقلوب ، إذ لما عرف رهطها من بني مخزوم بهذه الهجرة انتزعوها منه ، ثم تدخل رهطه من بني عبد الأسد فانتزعوا ابنهما سلمة منها وخلعوا يد الصغير ، ففرقوا بين الرجل وزوجه وولده . وهاجر أبو سلمة وحده إلي يثرب ، وحُبست أم سلمة بمكة عاما تبكي زوجها وابنها إلي أن رقَّ قلب رجل من بني عمومتها ، فتركوها تلحق بزوجها وهنالك أعاد رهطه لها ابنها ليرحل معها . ولم تصب أسرة في الإسلام في الهجرة مثلما أصاب هذه الأسرة المؤمنة حقا . وقد شرفها رسول الله صلي الله عليه وسلم بالزواج منها بعد موت زوجها شهيدا متأثرا بجراحه يوم أحد ، فأخلفها الله بخير خلف لزوجها المهاجري الشهيد . وهي ذات العقل الراجح التي كانت مشورتها سببا فى درء الفتنة بين الصحابة يوم صلح الحديبية فى العام 7 هـ .
- وهاجرت أم المؤمنين ” حفصة بنت عمر بن الخطاب” مع زوجها آنذاك “خنيس بن حذافة السهمي” وهو من أصحاب الهجرتين ، والذي كان من أوائل الشهداء يوم بد 2 هـ ، فكان تشريف النبي صلي الله عليه وسلم بالزواج منها كرامة لأرملة الشهيد ولأبيها الفاروق ، وهي حافظة المصحف الشريف الذي جمعه أبو بكر الصديق، ثم انتقل إليها من أبيها .
– وكانت هجرة أم المؤمنين “زينب بنت جحش” ابنة عمة النبي ، مع أخوتها بقيادة أخوها ” عبد الله بن جحش” .
… ولنا حديث عن دور المرأة فى رحلة الهجرة النبوية ، نعرضه فى مقال ثان بإذن الله تعالي ..