هَل يُمكِنك الإِجابة عَن أَخطَرِ سؤالٍ في القُرآن؟

86283095 2653781124896157 5097455276395593728 o

بقلم: رافع آدم الهاشميّ

باسمِ اللهِ الْحُبّ، باسمِ اللهِ الْخَير، باسمِ اللهِ السَّلام، باسمِ اللهِ أَبدأُ وَ باسمِ اللهِ أَمضي وَ باسمِ اللهِ أَنتهي إِلى مُبتغاي، باسمِ اللهِ الّذي لا يَضرُّ مَعهُ شَيءٌ في الأَرضِ وَ لا في السَّماءِ وَ هُوَ السَّميعُ العَليمُ..

وَ باسمِ اللهِ أَضَعُ بينَ يديك وَ أُقدِّمُها إِليك:

– باقَةُ وَردٍ مِنَ الْحُبِّ وَ الْخَيرِ وَ السَّلام.

أَمَّا بَعدُ:

فلأَنَّ محتوى مَقاليَ هذا يتناوَلُ شيئاً مُهمَّاً جدَّاً يَخصُّك أَنت وَ يَخصُّ الْجَميعَ دُونَ استثناءٍ، وَ لأَنَّ محتوى مقاليَ هذا هُوَ الأَوَّلُ مِن نوعهِ على مُستوى العالَمِ وَ التَّاريخِ كُلِّهِما قاطبةً دُونَ استثناءٍ (على الأَقلِّ حسبَ عِلميَ بذلكَ وَ وِفقَاً للشكلِ الّذي أَتناوَلُ مُحتواهُ فيهِ)، لأَجلِ هذا، أَرجو منك التمهُّلَ في القِراءَةِ بعينِ الْحُرِّ اللبيبِ الحَصيفِ، عَليك القَراءَةِ تتابُعيَّاً دُونَ أَن تتعجَّل أَنت شيئاً مِنَ النتيجَةِ؛ فإِنَّ الموضوعَ مُترابِطٌ بعضُهُ ببعضٍ بشكلٍ دَقيقٍ، وَ عَلى اسمِ اللهِ أَبدأُ مَعَك، فأَقولُ:

لأَنَّني موحَِّدٌ بالإِلهِ الخالقِ الحَقِّ الّذي هُوَ اللهُ تقدَّسَت ذاتُهُ وَ تنزَّهَت صفاتُهُ، وَ لأَنَّني مِن ذُريَّةِ جَدِّي رسولِ الله الْمُصطفى الصادق الأَمين (روحي لَهُ الفِداءُ)، وَ لأَنَّني إِنسانٌ حُرٌّ عابدٌ للهِ وَ لَستُ عَبداً لأَيِّ مَخلوقٍ أَيَّاً كانَ، وَ لأَنَّني مُستَقِلٌّ بآرائيَ وَ توجُّهاتيَ كُلَّها وَ لا أَنتمي لأَيِّ جهةٍ دينيَّةٍ أَو سياسيَّةٍ أَو غيرِهما أَيَّاً كانت، وَ لأَنَّني لَستُ تابعاً لغيرِ الله، وَ لأَنَّني لَستُ تحتَ قيادَةِ قائدٍ غيرَ جَدِّيَ رسول الله (روحي لَهُ الفِداءُ)، وَ لأَنَّني صادِقُ فيما أَقولُ وَ أَفعلُ دائِمَاً وَ أَبداً، وَ هكذا كُنتُ وَ لا زلتُ وَ سأَبقى حتَّى الرَمقِ الأَخيرِ في حياتي، وَ لأَنَّني مُحقِّقٌ وَ عالِمٌ ربَّانيٌّ وَهَبَني اللهُ عَزَّ وَ جَلَّ ما وهَبَني مِن عِلْمِ (ما وراءِ الوراء)، وَ لأَنَّ الإِرثَ إِرثيَ خاصَّةً، وَ لأَنَّ التَّاريخَ تاريخُ آبائيَ وَ أَجداديَ الأَطهارُ الشُّرفاءُ (روحيَ لَهُم جميعاً الفِداءُ)، وَ لأَنَّني غَيورٌ على جَميعِ صحابَةِ رسولِ اللهِ الأَخيار قاطبَةً دُونَ استثناءٍ، بدءً مِن سيِّدنا أَبي بَكرٍ الصدِّيق، مروراً بسيِّدنا عُمر بن الخَطّاب، وصولاً إِلى سيِّدنا عُثمان بن عَفَّان، وَ انتهاءً بسيِّدنا عليٍّ بن أَبي طالبٍ (عَليهِمُ السَّلامُ جَميعاً وَ روحي لَهُم جَميعاً الفِداءُ)، وَ لأَنَّني لَستُ شيعيَّاً بأَيِّ طائفَةٍ مِن طوائِفِها، وَ لَستُ سُنيَّاً بأَيِّ طائفَةٍ مِن طوائِفِها، إِنَّما أَنا مُسلِمٌ فَقَط، موحِّدٌ باللهِ، عَلى نهجِ جَدِّيَ النبيِّ المصطفى رسول الله محمَّد بن عبد الله الهاشميّ (روحي لَهُ الفِداءُ)، نهج الإسلام الأَصيل الّذي لا طوائفَ فيهِ مُطلَقاً، الإسلام الأَصيل الّذي كانَ عليهِ جَميعُ الأَنبياءِ وَ الْمُرَسلينَ قاطبةً دُونَ استثناءٍ (عليهِمُ السَّلامُ وَ روحي لَهُم جميعاً الفِداءُ)، الإسلام الأَصيل الّذي كانَ عليهِ جَدِّيَ رسول الله محمَّد بن عبد الله الهاشميّ (صلّى اللهُ عليهِ وَ آلهِ وَ صحبهِ وَ سلّم وَ روحي لَهُ الفِداءُ)، الإِسلام الأَصيل الّذي كانت عليهِ جَميعُ أُمّهاتِ المؤمنينَ وَ المؤمنات، بدءً مِن جَدَّتي خديجة الكُبرى، وَ مروراً بأُمّي عائشة، وَ انتهاءً بآخرِ زوجاتِ الحبيبِ المصطفى (رضيَ اللهُ تعالى عَنهُنَّ وَ أَرضاهُنَّ وَ عَليهِنَّ السَّلامُ وَ روحي لَهُنَّ جَميعاً الفِداءُ)، الإِسلام الأَصيل الّذي كانَ عليهِ أَبي أَميرُ المؤمنين وَ قائِدُ الغُرِّ الْمُحَجَّلين الإِمامُ عليٍّ بن أَبي طالبٍ الهاشميّ (كَرَّمَ اللهُ تعالى وجَهَهُ الشَّريفَ وَ عليهِ السَّلامُ وَ روحي لَهُ الفِداءُ)، الإسلامُ الأَصيل الّذي كانت عَليهِ أُمّي فاطمةُ الزهراء سيِّدة نساء العالمين و بضعةُ خاتم النبيين وَ المرسلين (روحي لَهُما الفِداءُ)، الإِسلامُ الأَصيل الّذي لا يُكَفِّرُ فيه أَحَدٌ أَحَداً، بَل لا يُزَكِّي أَحَدٌ أَحَداً مُطلَقَاً، حتَّى نفسَهُ؛ لأَنَّ الّذي يُزَكِّي الأَنفُسَ هُوَ (اللهُ) تقدَّسَت ذاتُهُ وَ تنزَّهَت صفاتُهُ، لا مَنْ سِواهُ، الإِسلام الأَصيل الّذي لا يوجَدُ شَيءٌ فيهِ اِسمُهُ سُنيٌّ أَو شيعيٌّ أَو غيرهما!!! الإِسلام الأَصيل الّذي لا يُفرِّقُ بينَ البشرِ كافَّةً إِلّا على أَساسِ تقوى الله! لا على أَساسِ المذهبيَّةِ أَوِ التحزُبيَّةِ أَوِ المصالحِ الْمُشترَكةِ بينَ الأَطراف!!! الإِسلام الأَصيل الّذي يدعو إِلى نشرِ وَ ترسيخِ الحُبِّ وَ الخيرِ وَ السَّلامِ بينَ أَبناءِ الأُسرَةِ الإِنسانيَّةِ الواحدَةِ، بغَضِّ النظرِ عَنِ العِرقِ أَوِ الانتماءِ أَوِ العَقيدَةِ!!! الإِسلام الأَصيل الّذي بدأَ غَريباً وَ سيعودُ غَريبَاً فَطوبى للغُرباءِ!! وَ أَنا واحِدٌ مِنَ الْغُرباءِ!!!

وَ لأَنَّني لَم وَ لَن تأَخُذُني في اللهِ لَومَةُ لائِمٍ قَطّ، لهذا كُلِّه وَ أَكثرُ أَيضاً، قَد اختارَني اللهُ لأَن أَكونَ أَوَّلَ إِنسانٍ في عالَمِنا هذا يَطرَحُ هذا السؤالَ، وَ يَكشِفُ هذهِ الأَسرارَ الخافيةَ عَنِ الغالبيِّةِ الْعُظمى مِنَ البشرِ إِن لَم يَكُنِ الْجميعُ خاصَّةً في زمانِنا هذا، وَ هُوَ أَخطَرُ سؤالٍ في القُرآنِ، (وَ في جُعبَتي مِنَ الحَقائقِ وَ الخفايا وَ الأَسرارِ الكَثير الكَثير)، وَ السؤالُ المطروحُ عَلى طاولَةِ البحثِ هُوَ:

– مَنِ المقصودُ في الآيةِ التاليةِ بعبارَةِ “إِنَّا نَحْنُ”؟

– {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}..

[القُرآن الكَريم: سورة الحجر/ الآية (9)]

وَ بالتالي: فإِنَّ شخصَ “إِنَّا نَحْنُ” هُوَ الّذي نزَّلَ القُرآنَ؛ بدلالَةِ اِعترافِهِ الصريحِ في الآيةِ أَعلاهُ بقولهِ الّذي أَردَفَهُ مُباشرةً: “نَزَّلْنَا الذِّكْرَ”!!!

فإِنْ كانَ المقصودُ بهِ هُوَ الإِلهُ الخالِقُ الْحَقُّ الّذي هُوَ اللهُ عَزَّ وَ جَلَّ، كَما يقولُ ذلكَ جَميعُ المفسرينَ قاطبةً دُونَ استثناءٍ، فأَقولُ لَهُم جَميعاً أَيَّاً كانوا:

– أَليسَ اللهُ لَفظٌ مُفرَدٌ أَم هُوَ لَفظٌ جَمعٌ؟!

ممَّا لا شَكَّ فيهِ أَنَّ لفظَ (الله) مُفرَدٌ وَ ليسَ جَمعَاً؛ لأَنَّهُ لَو كانَ اللهُ جَمعاً لأَصبحَ اللّهون!!! باعتبارِ تحويلِ اللفظِ المفرَدِ الْمُذكَّرِ إِلى اللفظِ الْمُفرَدِ الجَمعِ، عَلى غِرارِ تحويلِ (خالِق) إِلى (خالِقون)، أَيّ: أَصبَحَ هُناكَ أَكثرُ مِن إِلهٍ خالقٍ للوجودِ، وَ هذا يُخالِفُ المنطِقَ بداهَةً، لذا: لا بُدَّ مِن وجودِ إِلهِ واحِدٍ فَقط؛ بدلالةِ قولهِ تعالى في القُرآنِ الكَريمِ ذاتِهِ:

– {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَ اللهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ}..

[القُرآن الكريم: سورة الأَنبياء/ الآية (22)].

لكن!

عليك الانتظارُ هنا قليلاً مِن فضلك..

في سورةِ الأَنبياءِ، نجدُ الآياتَ التاليةَ بتمامِها هيَ الّتي سَبقَت قولَهُ تعالى سالِفَ الذِّكرِ، أَو: الّتي قيلَ عنها أَنَّها آياتُ اللهِ، لتكونَ معَ الآيةِ ذاتِها على النحوِ التالي:

– {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ، يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ، أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الأرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ، لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَ اللهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ}..

[القُرآن الكريم: سورة الأَنبياء/ الآيات (19 – 22)].

وَ هُنا لا بُدَّ مِن طَرحِ الأَسئلةِ التاليةِ على طاولةِ البحثِ؛ سعياً للوصولِ إِلى الحَقيقةِ:

لقَد قالَ اللهُ (أَو هكذا قيلَ أَنَّ اللهَ قالَ):

– {أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الأَرْضِ}..

وَ لَم يَقل:

– (أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الأَرْضِ وَ السَّماءِ)!!

وَ بالتالي: فإِنَّ الآيةَ التاليةَ مُتعلِّقَةٌ بها لا محالة، وَ ليسَت مُتعلِّقَةً بما قبلَها، أَيّ: أَنَّ الآيةَ التاليةَ تردُّ على مَن اتِّخذَ آلِهَةً مِنَ الأَرضِ بشكلٍ مُحدَّدٍ وَ لَم يتَّخِذِ اللهَ إِلهاً لَهُ..

إِذاً:

– كَيفَ يقولُ اللهُ: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ} بدلاً عَن وجوبِ أَن يقولَ: (لَوْ كَانَ فِيها آلِهَةٌ)؟!!!

لأَنَّ (الأَرضَ) لَفظٌ مُفرَدٌ، وَ (فيهما) لَفظٌ مُثنَّى، وَ لا بُدَّ أَن يتمَّ استخدامُ لفظِ (فيها) للإِشارةِ إِلى (الأَرضِ) باعتبارِها لَفظٌ مُفرَدٌّ مؤنــَّثٌ، وَ ليستَ مُثنَّى!

– فَهَلِ اللهُ الخالِقُ لا يُجيدُ اللُّغةَ العَربيَّةَ الفُصحى الّتي قيلَ أَنَّهُ أَنزلَ بها القُرآنَ بينما أَنا وَ أَنت نُجيدُ هذهِ اللُّغَةَ أَفضلَ مِنهُ؟!!!!

مِنَ الْمُحالِ أَنْ يكونَ هذا قَطعَاً؛ لأَنَّ اللهَ الإِلهُ الخالِقُ الحَقُّ هُوَ الأَفضَلُ وَ الأَحسَنُ وَ الأَعلَمُ مِنَّا بداهةً لا محالة، دُونَ أَدنى شَكٍّ في ذلكَ مُطلَقاً..

إِذاً:

– كيفَ يَجعلونَ اللهَ جاهِلاً بلُغَةِ القُرآنِ وَ هيَ لُغَةُ نبيِّهِ الْمُصطفى الأَمينِ (روحي لَهُ الفِداءُ)؟!!!!

وَ أَعني بـ (يَجعلونَ) أُولئكَ الأَشخاصُ الّذينَ كَتبوا القُرآنَ وَ دَوَّنوهُ لنا كَما هُوَ الآنَ بينَ الدَّفتينِ، وَ أَلصَقوا التُّهمةَ الْباطِلَةَ بحَقِّ الخليفةِ الصَّالحِ عُثمان بن عَفَّان (رضيَ اللهُ تعالى عَنهُ وَ أَرضاهُ وَ عَليهِ السَّلامُ وَ روحي لَهُ الفِداءُ) مِن أَنَّهُ هُوَ حَرَّاقُ المصاحِفِ، وَ مِن أَنَّهُ هُوَ الّذي كَتبَ وَ دَوَّنَ لنا هذا القُرآنَ عبرَ لُجنَةٍ أَمَرَ بها لهذا الغَرضِ!!!

ثُمَّ (بضَمِّ الثاءِ لا بفتحها):

– كَيفَ يقولُ اللهُ في الآيةِ ذاتِها: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَ اللهُ لَفَسَدَتَا}؟!!!!

وَ الصحيحُ لُغَةً وِفقَ قواعِدِ اللُّغةِ العَربيَّةِ الّتي نعرِفُها جيِّداً نحنُ العَربُ جَميعاً دُونَ استثناءٍ، الصحيحُ أَن يقولَ:

– (لَوْ كَانَ فِيهِا آلِهَةٌ غيرَ اللهِ لَفَسَدَتْ)!!!

لأَنَّ المقصودَ هُوَ الجوابُ عَن أُولئكَ الأَشخاصِ الّذينَ {اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الأَرْضِ}!

وَ كما مَرَّ سَلَفاً، فلَفظُ (الأَرض) يستوجِبُ أَنْ يقولَ:

– (فيها) بدلاً عَن {فيهما}.

وَ:

– (فَسدَت) بدلاً عَن {فَسَدَتا}.

وَ الأَكثرُ أَهميَّةً أَن يقولَ:

– (آلِهَةٌ غيرَ اللهِ) بدلاً عَن {آلِهَةٌ إِلاَ اللهُ}.

عليهِ أَسأَلُ الْعُقلاءَ جَميعاً:

– هَل يَجوزُ على اللهِ أَن يكونَ جاهِلاً بقواعِدِ اللُّغةِ العَربيَّةِ الفُصحى؟!!!!

(حاشا اللهُ ذلكَ جُملةً وَ تفصيلاً)

– وَ هَل يَجوزُ على اللهِ أَن يُجيبَ بشيئينِ اِثنينِ وَ هُوَ يتحدَّثُ عَن شيءٍ واحِدٍ واضحٍ لا لَبسَ فيهِ؟!!!

– أَم أَنَّ الّذين ادَّعوا على سيِّدنا عُثمان بن عفَّان (روحي لَهُ الفِداءُ) أَنَّهُ حَرَّقَ المصاحِفَ وَ دوَّنوا لنا القُرآنَ بهذهِ الشاكلةِ الْمُتضاربةِ فيما بينَ البعضِ (إِن لَم يَكُنِ الكَثيرُ) مِن آياتِها، هُم الّذينَ توَهّموا أَثناءَ سردِهِم هذهِ الآياتِ، فظّنوا أَنَّ الجوابَ مُتعلِّقٌ بما سَبقَ مِن حَديثٍ عَنِ {السَّمَوَاتِ وَ الأَرْضِ}، فجعلوها هُنا بهذا الشَكلِ الْمُطابقِ للإِجابةِ عَنِ اللفظِ الْمُثنَّى، بدلاً منَ الإِجابةِ عَنِ اللفظِ الْمُفرَدِ المؤنِّثِ في {أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ}؟

وَ هذا التضارُبُ في الأَلفاظِ هُوَ أَحَدُ الأَسبابِ الّتي جَعلَتِ الكَثيرينَ يُلحِدونَ باللهِ وَ يَكفرونَ بسيِّد الْخَلقِ أَجمَعينَ، نبيُّ اللهِ، نبيُّ الرَّحمَةِ، الْمُصطفى الصادِقُ الأَمينُ مُحمَّدٌ بن عبد اللهِ الهاشميُّ (روحي لَهُ الفِداءُ)!!!

وَ السؤالُ الأَهمُّ هُوَ:

– مَنِ الّذي كانَ وراءَ هذا التشويهِ وَ التحريفِ الواضحِ الّذي لا لَبسَ فيهِ؟!!

– هَل هُم كَهنةُ معابدِ اليهودِ؟

– أَم كَهنةُ معابدِ النصارى؟

– أَم كَهنةُ معابدِ الأَعرابِ لا العَرب؟

– أَم مَن، بشكلٍ دَقيقٍ واضحٍ لا لبسَ فيهِ على الإِطلاقِ؟

البحثُ في الإِجابةِ عَنهُ مَتروكٌ إِليك أَنت وَ لِكُلِّ باحثٍ وَ حُرٍّ نزيهٍ غيورٍ على عَقيدتهِ وَ على تاريخهِ وَ إِرثهِ الّذي هُوَ تاريخُ وَ إِرثُ آبائِنا وَ أَجدادِنا جميعاً.

وَ لَعَلَّ قائلٍ يَقولُ لي:

– ليسَ هذا تحريفاً في الْقُرآنِ.

فأَقولُ لَهُ:

– إِنْ لَم يَكُن هذا تحريفاً، فماذا تُسمِّيهِ إِذاً غيرَ ذلكَ؟

أَترُكُ الجوابَ إِليك أَنت أَيضاً، معَ تأَكيديَ الشَديدِ على أَنَّ كُلَّ مَن حرَّفَ القُرآنَ الأَصيلَ إِنَّما هُوَ كافِرٌ باللهِ لا محالة، أَيَّاً كانَ هذا الشخصُ، وَ أَينما كانَ، وَ عَليهِ وِزرُ ما عَمِلَ مِن شَرٍّ وَ وِزرُ مَن تبعَهُ عامِداً مُتعَمِّداً (أَيّ: ذو نيَّةِ سوءٍ عَن قصدٍ مُسبقَةٍ منهُ) إِلى يومِ القيامَةِ، وَ أَمَّا الّذينَ وقعوا في الاشتباهِ فيهِ فظّنوا فيهِ ما ليسَ فيهِ عَن سهوٍ مِنهُم لا عَن قَصدٍ مُطلَقاً، إِنَّما حسابُهُم عَلى اللهِ، وَ هُوَ أَرحَمُ الرَّاحمين.

وَ السؤالُ الْمُهِمُّ هُوَ:

– لماذا الّذي كانَ وراءَ هذا التشويهِ وَ التحريفِ قَد فعلَ فعلَهُ الْمُشينِ هذا؟

الجوابُ بسيطٌ جدَّاً، وَ هُوَ:

لأَجلِ زرعِ التفرقَةِ بينَ الْمُسلمينَ أَوَّلاً، مِن خلالِ جعلِهِم يظّنونَ أَنَّ ما في القُرآنِ هُوَ كُلُّهُ مِنَ القُرآنِ الأَصيلِ ذاتهِ، وَ بالتالي: سيعتبرونهُ مُقَدَّساً فوقَ مُستوى الشُّبهاتِ، مِمَّا يَجعَلُ الْمُسلمينَ وَ فُقهاءَهُم خاصَّةً (الْمُنزَّهونَ كُلُّهُم عَن أَيِّ شَينٍ رضوانُ اللهِ تعالى عليهِم أَجمعينَ)، يُسارِعونَ لإِيجادِ تفسيراتٍ تُحاوِلُ أَن تكونَ مُجيبَةً عَنِ التناقُضاتِ الموجودَةِ في القُرآنِ هذا ذاتهِ، مِمَّا يؤدِّي (بداهةً) إِلى إِحداثِ نزاعاتٍ فقهيَّةٍ بينهُم؛ إِثرَ إِحداثِ أَحكامٍ شرعيَّةٍ مُتضارِبَةٍ مُتعارِضَةٍ فيما بينها، وَ بالتالي: يؤدِّي إِلى إِحداثِ طوائِفٍ مُتفرِّقَةٍ بينَ الْمُسلمينَ، كُلُّ طائِفَةٍ منهُم تُدافِعُ عَن آراءِ فُقهائِها؛ ظنَّاً مِن أَصحابِ الطائِفَةِ هذهِ ذاتَ العَلاقَةِ، أَنَّ فُقهاءَهُم هُم فقَط الّذينَ على صوابٍ، وَ كُلَّ شخصٍ آخَرَ غيرَهُم على باطلٍ محضٍ حتَّى وَ إِن كانَ ذلكَ الشخصُ الآخَرُ فَقيهاً تَقيَّاً عابداً للهِ!!!

نعم، القُرآنُ كِتابٌ مُقَدَّسٌ فوقَ مُستوى الشُّبهاتِ، إِلَّا أَنَّ السؤالَ هُوَ:

– أَيُّ قُرآنٍ يكونُ كتاباً مُقدَّساً فوقَ مُستوى الشُّبهاتِ؟

– هذا الّذي حَرَّفوهُ أُولئكَ عَن مواضعِهِ؟

– أَمِ القُرآنِ الأَصيلِ الّذي أَوحاهُ اللهُ إِلى نبيِّهِ الْمُصطفى الصادقِ الأَمينِ (روحي لَهُ الفِداءُ)؟

بالطبعِ هُوَ ذلكَ القُرآنُ الأَصيلُ وَ ليسَ غيرَهُ مَطلَقاً، فتدبَّرَ أَنت جيِّداً وَ تبصَّر!

وَ ثانياً: لأَجلِ إِبعادِ غَيرِ الْمُسلمينَ عَنِ الإِسلامِ الأَصيلِ الّذي يدعو إِلى الْحُبِّ وَ الخيرِ وَ السَّلام، مِمَّا يؤدِّي (بطبيعةِ الحالِ) إِلى بقاءِ أَتباعِ أُولئك الكَهنةِ في تلكَ المعابدِ على طاعتهِم، وَ بالتالي: بقاءُ أُولئكَ الكَهنةُ في مناصبهِم، مِمَّا يضمِنُ لَهُم حصولَهُم على مُكاسبهِم الدُّنيويَّةِ الزائلةِ لا محالة..

وَ هذا ما هُوَ حاصِلٌ بالفعلِ مُنذُ قرونٍ مَضَت وَ حتَّى يومِنا هذا، دُونَ أَن يتنبَّهَ عُلماءُ الإِسلامِ وَ فُقهاؤُهُ الأَطهارُ (عليهِمُ السَّلامُ جَميعاً وَ روحي لَهُمُ الفِداءُ)، في شتَّى طوائِفِ الْمُسلمينَ، لهذهِ المؤامرةِ الْكُبرى، ليسَ جَهلاً مِنهُم أَو عَدمَ قُدرةٍ لديهِم في كَشفِ الحقائقِ وَ إِظهارِ ما توارى مِنَ المؤامراتِ ضِدَّ الإِسلامِ الأَصيلِ، وَ إِنَّما لأَنَّهُم أَساساً لَم يجعلوا هذا القُرآنَ تحتَ مُستوى الشُّبهاتِ، حالُهُ حالَ أَيِّ كتابٍ آخَرَ، مثلما جَعَلَني اللهُ سُبحانهُ أَن أَفعلَ هذا؛ لأَكتَشِفَ الْمُؤامَرةَ الْكُبرى ضِدَّ الإِسلامِ الأَصيلِ وَ ضِدَّ الأَنبياءِ جَميعاً وَ ضِدَّ البشريَّةِ قاطِبَةً دُونَ استثناءٍ.

فلاحِظ أَنت جيِّداً وَ تأَمَّل وَ تبصَّر وَ تدبَّر!

وَ عَودَاً على بدءٍ، لنرجِعَ مَعَاً إِلى أَوِّلِ الكَلامِ، أَقولُ:

قولُهُ تعالى:

– {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}..

– إِن كانَ حقَّاً اللهُ هُوَ الّذي قالَ هذهِ الآيةَ، فكيفَ يقولُ اللهُ عَن نفسهِ: {إِنَّا نَحْنُ} وَ هُوَ مُفرَدٌ مُذكَّرٌ؟!!!

– أَليسَ الصحيحُ وفقَ قواعدِ اللُّغةِ العَربيَّةِ أَن يقولَ: (أَنا) بصيغةِ الْمُفردِ بدلاً عَن (إِنَّا نحنُ) بصيغةِ الجَمعِ؟!

وَ إِلَّا:

لماذا نجدُ أَنَّ اللهَ قالَ عَن نفسهِ بالفعلِ بصيغةِ المفردِ في آياتٍ أُخرى، كَقولهِ تعالى:

– {إِنَّنِي أَنَا اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي}..

[القُرآن الكَريم: سورة طه/ الآية (14)]

فَهُوَ عَزَّ وَ جَلَّ لَم يَقُل فيها:

– (إِنَّنا نحنُ اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَ نحنُ فَاعْبُدْنا وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِنا)!!!

وَ كَقولهِ تعالى (أَيضاً):

– {يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}..

[القُرآن الكريم: سورة النمل/ الآية (9)]

فَهُوَ عَزَّ وَ جَلَّ لَم يَقُل فيها:

– (يَا مُوسَى إِنَّهُم نحنُ اللهُ الْعَزِيزُونَ الْحَكِيمُونَ}..

وَ كَقولهِ تعالى (كذلكَ):

– {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الأيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}..

[القُرآن الكَريم: سورة القصص/ الآية (30)]

فَهُوَ عَزَّ وَ جَلَّ لَم يَقُل فيها:

– {… أَنْ يَا مُوسَى إِنِّا نحنُ اللهُ أَربابُ الْعَالَمِينَ}..

فلاحِظ أَنت جيِّداً وَ تبصَّر وَ تدبَّر!

ثُمَّ (بضمِّ الثاءِ لا بفتحها):

– هَل قالَ اللهُ: (نَزَّلْنَا القُرآنَ وَ إِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)؟!!!

أَم أَنَّهُ قالَ (أَو هكذا قيلَ أَنَّهُ قالَ):

– {نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}؟!!!

أَيّ:

– أَنَّ الّذينَ نزَّلوا قَد نزَّلوا الذِّكرَ وَ لَم ينزِّلوا القُرآنَ، وَ فَرقٌ شاسِعٌ في اللُّغةِ العَربيَّةِ الفُصحى بينَ الذِّكرِ وَ بينَ القُرآنِ؛ إِذ لِكُلِّ لَفظٍ مَعناهُ الْمُطابقُ لفحواهُ المؤدِّي إِلى الغَرضِ مِن اِستخدامهِ، وَ مِن غَيرِ المعقولِ (بداهةً) أَن لا يعرِفَ الإِلهُ الخالِقُ الْحَقُّ (اللهُ سُبحانهُ وَ تعالى) هذهِ الفوارِقَ في معاني الأَلفاظِ، و إِلَّا لأَصبحَ ليسَ إِلهاً حَقَّاً جُملةً وَ تفصيلاً، وَ حاشا اللهُ أَن يكونَ ذلكَ مُطلَقاً..

عَليهِ أَقولُ:

– فمَن هؤلاءِ الّذين نزَّلوا الذِّكرَ لَنا؟!!!

– هَل هُم أُولئكَ الّذين دَوَّنوا لَنا القُرآنَ الّذي بينَ أَيدينا اليومَ؟

– أَم أَنَّهُم أَشخاصٌ آخَرونَ؟!!!

إِذاً:

– هَلِ القُرآنُ الّذي بينَ أَيدينا اليومَ هُوَ بالفعلِ كَلامٌ مُنَزَّلٌ مِنَ اللهِ؟!!

– أَم أَنَّ يَداً خَفيَّةً قَبلَنا بمئاتِ السنينِ قَد تلاعبَت بهِ كَيفما شاءَت وَ دسَّت فيهِ ما جعلَ غَيرَ الْمُتدبِّرينَ يكونونَ بينَ مُلحدٍ بهِ وَ بينَ مُجرمٍ قاتلٍ يعتدي على رقابِ وَ أَعراضِ وَ أَموالِ النَّاسِ في كُلِّ زمانٍ وَ في كُلِّ مكانٍ؟!!!

– وَ هَل كُلُّ ما في الْقُرآنِ مُتلاعَبٌ بهِ بهذا الشكلِ أَو بشكلٍ آخرَ؟

– أَم أَنَّ في القُرآنِ ما هُوَ حَقُّ بالفعلِ قَد قالَهُ النبيُّ إِيحاءً إِليهِ مِنَ اللهِ؟

فإِن كانَ حَقَّاً، كَما يدَّعي جَميعُ الْمُفسرينَ قاطِبَةً دُونَ استثناءٍ بناءً على تاريخنا المزوَّرِ بما فيهِ مِن تزويرٍ بفعلِ فاعلٍ خَبيثٍ، إِن كانَ حَقَّاً المقصودُ بالآيةِ أَعلاهُ الّتي مَرَّت سَلَفاً، وَ الّتي هيَ قولهُ (أَو قولهم أُولئكَ الّذينَ كَتبوا هذا القُرآنَ):

– {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}..

إِن كانَ المقصودُ بـ {الذِّكْرَ} هُوَ (القُرآن) كما يدَّعونَ، إِذاً:

– كَيفَ يَحفَظُ اللهُ كِتاباً تأَكلُهُ النَّارُ؟!!!!

– أَليسَ مِنَ العارِ عَلى اللهِ أَن يَكونَ كاذِباً؟!!!!

(حاشا اللهُ أَنْ يكونَ كَذلكَ مُطلَقاً)

إِذاً:

– لماذا نجدُ النَّارَ تأَكُلُ كُلَّ هذا القُرآنَ جُملةً وَ تفصيلاً بكُلِّ يُسرٍ وَ سهولَةٍ مثلما تأَكُلُ أَيَّ شَيءٍ آخرَ غيرَهُ بما فيها الأَوراقُ الّتي تمتلئُ بالْخُزعبلاتِ أَيَّاً كانت؟!!!

– فَهَلِ القُرآنُ وَ الْخُزعبلاتُ أَمامَ النَّارِ مُتساويانِ؟!!!

– أَم ماذا؟

وَ:

– لماذا؟

دقِّق أَنت جيِّداً في المقاطع الواقعيَّةِ المنتشرةِ على مواقع التواصل الاجتماعيّ و خاصَّةً اليوتيوب، الّتي أَحرقَ فيها القُرآنَ هذا مسلمونَ وَ مسلماتٌ وَ غيرَهُم، فأَكَلَتِ النَّارُ القُرآنَ كُلَّهُ بكُلِّ يُسرٍ وَ سهولَةٍ دونَ رادعٍ لها (أَيّ: للنَّارِ) مِنَ اللهِ!!!

عِلماً: أَنَّ هؤلاءِ الأَشخاصُ الّذينَ حَرَقوا هذا القُرآنَ، هُم أُناسٌ شُرفاءٌ في خِصالِهِم الإِنسانيَّةِ السَّليمةِ، وَ الإِنسانيَّةُ الّتي فَطرَهُم اللهُ عَليها، جعلتهُم يَفعلونَ ذلكَ؛ بعدَ أَن تيَقَّنوا أَنَّ ما يفعلهُ سُفهاءُ الدِّينِ وَ مَن حَذا حَذوَهُم اِعتماداً على ما جاءَنا في هذا القُرآنِ، ما يفعلونهُ مِن قَتلٍ وَ اِغتصابٍ وَ سَبيٍ وَ عُنفٍ وَ إِكراهٍ باسمِ القُرآنِ ذاتِهِ، هُوَ الّذي جعلَهُم يَكفرونَ بكُلِّ شَيءٍ يُخالِفُ الفِطرَةَ الإِنسانيَّةَ السَّليمةَ، مِمَّا دَفعَهُم مَكرَهينَ لحَرقِ القُرآنِ، إِثرَ الخَلطِ الحاصلِ لَهُم؛ نتيجَةَ أَفعالِ سُفهاءِ الدِّين وَ أَتباعِهِم!!! وَ ليسَ لأَيِّ أَحَدٍ مِن هؤلاءِ عَلاقَةٌ بأَيِّ طائِفَةٍ أَو جهةٍ أَيَّاً كانت، وَ ليسوا هُم كَما اِدَّعى أَو يدَّعي الْمُنافقونَ بأَنَّهُم أَقباطٌ أَو مسيِّحيِّونَ أَو مُندَسّونَ مِنَ المخابراتِ الأَمريكيَّةِ وَ غيرها، إِنَّما هُم مُجرَّدُ أَشخاصٍ أَسلَموا ثــُمَّ كَفروا لاحِقَاً بكُلِّ ما وجدوهُ يُخالِفُ فِطرَتهُم الإِنسانيَّةَ السَّليمَةَ، وَ إِيضاحيَ هذا ليسَ تحريضاً منِّي على حَرقِ القُرآنِ، بَل هُوَ للإِيضاحِ فقَط ليسَ إِلَّا، فتبصَّر أَنت جيِّداً وَ لاحظِ، وَ لا حَظَّ لِمَن لا يُلاحِظ!

فإِن كُنتُ مُخطِئاً في تحليليَ الموضوعيِّ طَيَّ مُحتوى مَقاليَ هذا، فليُصحِّح ليَ الْعُقلاءُ ما أَخطأَتُ فيهِ سَهواً، عَلى أَن يَكونَ تصحيحُهُم بالأَدلّةِ القاطعةِ وَ البراهينِ الساطعةِ الّتي لا تقبلُ إِلّا اليقينَ، لا أَن يتهجَّموا عَليَّ باتّهاماتٍ باطلةٍ ما أَنزلَ اللهُ تعالى بها مِن سُلطانٍ، أَو يُصدِروا فتاواهم الْحمقاء بالتفسيقِ أَوِ التكفيرِ أَو القتلِ، لَستُ أَقولُ هذا الشيءَ خوفاً مِن هذهِ الفتاوى الحمقاءِ، إِذ لَو كُنتُ خائِفَاً ما أَفصحتُ عَن بَعضِ ما وَهَبَني اللهُ بهِ مِن عِلْمٍ جعَلَهُ أَمانةً في عُنقي يُحاسُبني يومَ القيامةِ عَمَّا وهبَني إِيَّاهُ في هذهِ الدُّنيا الفانية، إِنَّما أَقولُ هذا لأُبيِّنَ لك أَنت وَ لِكُلِّ حُرٍّ عاقلٍ حصيفٍ مثلك، أَنَّ مُحتوى مَقاليَ هذا لا يقبلُ إِلَّا الحقَّ، فإِمَّا أَن يَكونَ كَلاميَ هذا هُوَ الْحَقُّ بعينهِ، وَ حينها توجَّبَ عليك وَ على الجَميعِ الأَخذ بهِ، وَ إِمَّا أَن يكونَ الحَقُّ معَ خِلافهِ، وَ حينها توجَّبَ على مَن يَدَّعي خلافَهُ أَنَّهُ هُوَ الْحَقُّ أَن يُفصِحَ عَنهُ بالدَليلِ وَ البُرهانِ، لا أَن يتحايلَ وَ يُنافِقُ مِن أَجلِ مصالحهِ الدُّنيويَّةِ الزائلةِ لا محالة!

أَخيراً وَ ليسَ آخِراً إِن شاءَ اللهُ تعالى، أَقولُ:

مقاليَ هذا، دعوةٌ منِّي إِلى الجميعِ قاطبةً أَيَّاً كانوا وَ أَينما كانوا، خاصَّةً الباحثينَ الأَحرارَ الغيِّورينَ على إِرثنا وَ تاريخنا وَ مُستقبلنا أَيضاً؛ للتدبُّرِ في القُرآنِ الكَريمِ، لكي يَبحثوا وَ يتدبَّروا فيما بينَ أَيدينا اليومَ مِن آثارٍ أَيَّاً كانت؛ بُغيةَ تهذيبها وِفقَ الفطرةِ الإِنسانيِّةِ السَّليمَةِ..

مقاليَ هذا، دعوةٌ منِّي إِلى الجَميعِ قاطبةً أَيَّاً كانوا وَ أَينما كانوا؛ للرجوعِ إلى دينِ الإِسلامِ الأَصيلِ، دينِ التوحيدِ بالإِلهِ الخالقِ الحَقِّ الّذي هُوَ الله، للرجوع إِلى عبادةِ الله الْحُبّ، الله الخير، الله السَّلام، وَ ترك كُلَّ الأَصنامِ وَ الأَوثانِ البشريَّةِ أَيَّاً كانت، دعوةٌ خالِصَةٌ مِن فُؤاديَ الطاهرِ النقيِّ؛ مِن أَجل أَن نحيا جَميعاً في حُبٍّ وَ خَيرٍ وَ سلامٍ، دُونَ طوائِفٍ، دُونَ تبعيَّةٍ لغيرِ الله، دُونَ عُنفٍ، دُونَ إِكراهٍ، دُونَ قَتلٍ، دُونَ شيءٍ يُلَوِّثُ سُمعَةَ اللهِ وَ يُلَوِّثُ سُمعَةَ الأَنبياءِ (روحي لَهُم جميعاً الفِداءُ)..

مقاليَ هذا، دعوةٌ منِّي إِلى الجَميعِ قاطبةً أَيَّاً كانوا وَ أَينما كانوا؛ لأَن نكونَ مِن مَصاديقِ الآيةِ الشَّريفَةِ التاليةِ:

– {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَ بَيْنَكُمْ أَلاَ نَعْبُدَ إِلاَ اللهَ وَ لاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَ لاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}..

[القُرآن الكَريم: سورة آل عمران/ الآية (64)].

– فهَل مِن مُجيبٍ لدعوتي هذهِ؟

إِنِّي أَستبشِرُ فيك خَيراً؛ فَفِطرَتُك الإِنسانيَّةُ السَّليمَةُ لا زالَت تنبضُ فيك بالْحُبِّ وَ الخَيرِ وَ السَّلام.