بقلم / أفراح رامز عطيه
وسواس الخوف من الموت، هو من أكثر أنواع الوساوس شيوعاً، وهو وسواس حاد ومزمن، يلازم الشخص المصاب به لفترات طويلة، يشعر الشخص المصاب بهذا النوع من الوساوس، بأنه مقبل على الموت قريباً، فيشعر بأنه سيموت خلال أيام قليلة أو ساعات قليلة قادمة، فيظل طول الوقت متوتراً ومشدوداً، مترقباً مجيء ملاك الموت ليقبض روحه، وبهذا تنقلب حياة الشخص المصاب إلى جحيم، وتصبح حياته شاحبةً كئيبة سوداوية لا طعم لها . يفني الشخص المصاب بهذا النوع من الوساوس معظم وقته وهو شارد الذهن وسارح في الموت المنتظر، الموت القادم بعد أيام أو ساعات أو ربما لحظات!، يكون مزاج ذلك الشخص حاد، يميل إلى الانطواء والعزلة، وتصيبه رهبة التواجد في الأماكن المزدحمة وأماكن الجمهرة، ويميل حتى إلى الانعزال عن الأهل والأصدقاء؛ أي يصبح سلبياً من الناحية الاجتماعية، وتقل مشاركاته الاجتماعية، ويتذبذب تفاعله مع الآخرين. السلبيّة الاجتماعية أو الانعزال الاجتماعي لذلك الشخص، قد يتسبّب له في ويلات ومصائب شديدة؛ فالانطواء أو الانعزال عن الناس قد يُسبّب خلافات زوجية بين الشخص المصاب بالوسواس وزوجه، وقد يسبب مشاكل بين الشخص المصاب وأهله، والأسوأ من كل هذا، أن الشخص المصاب قد يفقد وظيفته وحظه في العمل، وذلك إذا ما اضطرّ إلى التغيب عن العمل لفترات طويلة، وإذا لم يتفهّم مرؤوسيه في العمل طبيعة إصابته بالمرض الحاد. التخلص من وسواس الخوف من الموت هو ليس بالأمر الهيّن، فالتخلص منه يتطلب تضافر الجهود، أي جهود عائلة المريض وأصدقائه وزملاء العمل والقائمين على علاجه أيضاً. ينبغي على كلّ من هم حول الشخص المصاب بالوسواس، أن يتفهّموا وضعه وحالته المرضية، لكن ثلثي الشفاء والتخلص من المرض، يقوم على دور الشخص المصاب نفسه، لذلك فالشخص المصاب هو صاحب الدور الأبرز في عمليّة الاستشفاء من وسواس الخوف من الموت. التخلّص من وسواس الخوف من الموت التسلّح بالإرادة القوية والعزيمة والإصرار على الشخص أن يؤمن منذ البداية، بأن الحال الذي هو فيه، ما هو إلّا ابتلاء من رب العالمين، لذلك بصبره على الابتلاء، ينول الثواب ويجزيه الله حسن الجزاء، وينبغي على الشخص المصاب بالوسواس أيضاً، أن يكون واثق تمام الثقة بأنّ الله هو الشافي المعافي، وعليه أن يتقرّب إلى الله بالعبادات، والذكر والتسبيح، وأن يحافظ على الصلاة في مواعيدها، وأن يصلّي النوافل، وأن يقرأ القرآن، وأن ينام على جنبه الأيمن، وأن يكثر من الصدقات وعمل الخير تجاه المحتاجين. التقرب من أفراد الأسرة والأصدقاء يجب على الشخص أن يجالس أفراد أسرته ويحادثهم؛ فالعزلة عن الأهل والأصدقاء تزيد الوسواس شدة وحدة، وينبغي على ذلك الشخص أيضاً، أن يستثمر وقته في أشياء مفيدة، من شأنها أن تلهيه عن الغرق في بحر الوساوس والأوهام، وتعد ممارسة الرياضة، أحد أهم الطرق التي من شأنها أن تحسن الحالة النفسية للشخص المصاب بالوسواس، وأفضل أنواع الرياضة على الإطلاق هي رياضة المشي، إلى جانب الركض والسباحة، وهناك الرياضة الذهنية، وخير مثال عليها لعبة الشطرنج. المطالعة تنشّط المطالعة الحالة الذهنية للشخص المصاب بالوسواس، وتجعل ذهنه منشغلاً عن الشرود والسرحان في عالم الوساوس؛ فالمطالعة تحسّن من الحالة النفسية للشخص المصاب، وترفع من روحه المعنوية، وتعزز من قناعته بإمكانية الشفاء والمعافاة، ويفضّل عند المطالعة أن تكون الكتب منتقاة، فليست كل الكتب تصلح للقيام بذلك الدور العلاجي؛ فالكتب المطلوبة لهذه الغاية يجب أن تكون كتباً رفيقة لينة، ليس فيها ما يعكّر مزاج الشخص القارئ ويجعله حاداً. البعد عن الانفعالات الانفعالات من شأنها أن توتّر مزاج الشخص، فتتفاقم حالة الوسواس لديه، وبهذا يجب أن يتجنب الدخول في أي صدامات، أو نقاشات حادة، أو خلافات أسرية، من شأنها أن تجعله متوتراً، وينبغي على الشخص المصاب بالوسواس أن يحافظ على اتّزانه الانفعالي؛ فالاتزان الانفعالي ضروري للخروج من حالة الإحباط والكآبة، التي تخلفها الإصابة بداء وسواس الخوف من الموت. وسائل الترفيه والتسلية من وسائل الترفيه: ألعاب الكومبيوتر، ومشاهدة الدراما، وحضور المسرح؛ فوسائل الترفيه والتسلية تحسّن الحالة المزاجية للشخص المصاب، وتجعله أكثر قدرة على التخلص من داء الوسواس، وتبعاته وأعراضه المؤلمة الفظيعة، وتتم التسلية والترفيه أيضاً، من خلال السفر والترحال، وخصوصاً السفر والترحال إلى الأماكن الطبيعيّة البعيدة عن التمدن والعمران. إذاً فالشخص المكتئب والمصاب بوسواس الخوف من الموت، عليه مبارحة المنزل، وخوض الرّحلات والخروج لزيارة الأماكن الطبيعية؛ كالحدائق العامة، والمزارع، والريف، والمروج، وشاطئ البحر؛ فزيارة الأماكن الطبيعية، تُحسّن الحالة المزاجية، وتكافح حالة الكآبة والقلق المزمن، والتي تصيب الشخص المصاب بوسواس الخوف من الموت. التجديد هو أمر مطلوب ومستحب، بالنسبة للشخص المصاب بهذا النوع من الوساوس؛ أي إنّ الشخص المصاب مطالب بتجديد واستحداث بعض الأنماط الجديدة في حياته؛ كزيارة أماكن جديدة لم يزرها من قبل، وتكوين صداقات جديدة، واتباع عادات اجتماعية كانت غائبة عنه في السابق، وممارسة هوايات جديدة لم يمارسها من قبل، وتطبيق أساليب اجتماعيّة وحياتيّة جديدة لم تكن مطبقة من قبل التجديد والاستحداث في حياة الإنسان، من شأنهما أن يحسّنان الحالة الذهنية والمزاجية للإنسان، فالبقاء على نفس الروتين في كافة جوانب الحياة، يُسبّب الملل والضجر والتوتر وانعدام الثقة بالنفس عند الإنسان. تغيير النظام الغذائي إنّ التخلص من العادات الغذائية السيئة، هو أمر ضروري للشخص المصاب بهذا النوع من الوساوس، فتناول الطعام المشبع بالدهون مثلاً، من شأنه أن يعكّر الحالة المزاجية، وأن يحدث توترات في القولون والأمعاء، فتلازم العادات الغذائية السيئة مع مرض الوسواس، من شأنه أن يرفع معدلات الإصابة بالتلبك الهضمي، والإصابة بالقولون العصبي، ولذلك يجب الترشيد من استهلاك الدهون، والدهون المشبعة والكولسترول تحديداً، في المقابل يرجى زيادة تناول الخضار والفواكه وجميع الأطعمة التي تحتوي على نسبةٍ كبيرة من الألياف والفيتامينات والأملاح المعدنية. ونشير إلى ضرورة التخلص من عادة تناول الطعام بشكل متقطّع بين الوجبات الرئيسية الثلاث، وتجنب تناول طعام العشاء بكميات كبيرة، وتجنب تناوله قبل النوم مباشرة، هذا بالإضافة إلى أنّ الشخص المصاب بالوسواس عليه أن ينقطع عن تناول المنبهات؛ كالقهوة، والشاي، والمشروبات الغازية؛ فهي سيّئة الأثر على الحالة العصبية والمزاجية للشخص المصاب بالوسواس، كما أن الشخص المصاب بالوسواس مطالبٌ بشرب الماء وبكميات وافية، ومطالب أيضاً بالنوم لساعات كافية، فقلة النوم تُسبّب