بقلم : ياسر بهاء الدين
هل سألت نفسك يوماً أين تقع اهتماماتك؟ وهل تتماشى أم تتعارض تلك الاهتمامات مع اهتمامات ومصالح الآخرين ممن حولك وممن يتأثرون أو يؤثرون في حياتك بشكل ما؟ هل لديك الإدراك الكامل لتأثير ما تقوم به على علاقاتك بمن حولك؟
إذا بدأت بنفسي وأجبت على تلك الأسئلة فبكل أمانة سأجد أنني لم أكن مدركاً بما يكفي لمدى تأثير ذلك الوعي بتلك العلاقة على حياتي الشخصية والمهنية وبالتالي تعلمت الكثير أو أستطيع القول بأنني تكلفت الكثير نتيجة عدم الإدراك الكامل لحقيقة ما أهتم به وأمارسه على علاقاتي بمن حولي والسؤال هنا هل من المهم النظر والتمعن فيما أمارسه أو أتحدث به أو أسعى إليه وتأثيره على كل من حولي أم أتبع ما يقوله الكثيرون على شاكلة “علي أن أتجاهل من هم حولي في سبيل تحقيق ما أريد” حيث أنني فقط أتحمل مسؤولية ما أقوم به وأيضاً “ليس هناك من يستطيع الحكم على أهدافي وأحلامي وإمكانياتي مثلما أستطيع أنا”؟
بكل شفافية فإن كلا الرأيين صواب ولكن لكل مقامٍ مقال. أي أنه هناك بعض المواقف التي يجب أن تتجاهل رأي الآخرين فيما تفكر فيه أو تعمل على الوصول إليه انطلاقاً من مبادئ مختلفة مثل “واستعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان” وأيضاً في حالة ما إذا كان سقف أحلامك يفوق قدرات وإدراك من هم حولك أو أن رغبتك المشتعلة تساعدك على تحقيق ما لا يستطيع غيرك تخيل أنه قابل للتحقيق ولكن كل ذلك بشرط أن تكون متأكداً تمام التأكد أن ما تقوم به هو الصواب من الناحية الدينية والأخلاقية والمهنية والاجتماعية. فلا يمكن أن نتخيل أن تستمر فيما هو مخالف للأخلاق بحجة أن لديك هدف لا يستطيع الآخرون تقديره ويكون سبيلك في الوصول إليه لا يتسم بالنزاهة والاحترام وقد تصل للإضرار بمصالح الآخرين فقط بحجة أنهم لا يؤيدون ما تقوم به وأنهم دون المستوى لفهم ما تسعى إليه!
ولكي نضع الأمور في نصابها الصحيح فلنقم بتقسيم ما هو في مجال اهتماماتنا واهتمام الآخرين وبالتالي نصل إلى وجود أربعة احتمالات وهم كما يلي:
1. ما يقع في مجال اهتماماتي ومجال اهتمامات الآخرين:
وتتسم هذه المنطقة بالتوازن والوسطية حيث أن ما أسعى إليه هو في سياق وتناسق ما يسعى إليه الآخرون وبالتالي فإن الأهداف مشتركة ومكملة لبعضها البعض مما يساعد على إضفاء روح التعاون والتحفيز واختفاء الضغائن والمكائد وأحياناً كره الخير للغير مما يؤدي إلى إنجاز المهام بشكل أسرع بفعالية وبكفاءة.
2. ما يقع في مجال اهتماماتي وليس اهتمامات الآخرين:
وهنا أسعى فقط لتحقيق أهدافي بغض النظر عن تحقيق أهداف الآخرين من عدمه وقد يؤدي ذلك لنجاحي وظيفياً بسبب التركيز الكامل على ما أسعى إليه وبالتالي الوصول لنتائج أسرع ولكن يصاحب ذلك علاقات محطمة مع الآخرين وفشل في كثير من الأدوار الأخرى والمطلوب فيها التعاون بيني وبين من حولي وقد تصل العلاقة لذروة الصدام إذا ما كان تحقيق أهدافي يتعارض مع تحقيق أهداف الآخرين.
3. ما لا يقع في مجال اهتماماتي ويقع في اهتمامات الآخرين:
وهنا أكون أنا الحلقة الأضعف إما نتيجة عدم وجود خطة أو أهداف واضحة ومحددة لنفسي أو ليس لدي القدرة على تخصيص الموارد المتاحة من وقت وجهد لخدمة تحقيق أهدافي وفي هذه الحالة أكون لا إرادياً جزء من خطة الآخرين لتحقيق أهدافهم وبالتالي يدفعني الآخرين للعمل إما عن طريق الترغيب أو الترهيب وبالتالي أشعر بعد فترة بأنني ضحية ما أنا فيه من ظروف وقد أنتظر ثناء الآخرين أو تحفيزهم حتى أشعر ولو بالشيء البسيط من التقدير الذاتي الذي يجعلني أغض البصر عن إدراك ما أنا عليه من وضع يجب تغييره في أسرع وقت ممكن.
4. ما لا يقع في مجال اهتماماتي وخارج اهتمامات الآخرين:
وهذه هي الطامة الكبرى حيث أنني محاط بمن ليس لديهم أي أهداف أو طموح في الحياة وليس لدي ما أسعى إلى تحقيقه ولا يوجد أي عامل محفز داخلي أو خارجي لتغيير ما أنا عليه وهنا يظهر انعدام كامل للمسؤولية من قبل الجميع ويعتمد كل فرد على الآخرين وبالتالي تحميل المسؤولية للغير في حالة الإخفاق في تحقيق أي مهمة مما يؤدي إلى الشعور بالسلبية الدائمة وعدم التقدير الذاتي وتدمير الصورة الذاتية مما ينعكس على الأفكار والمشاعر مما يستدعي وقفة ضرورية مع النفس لإيجاد أسرع الحلول للخروج من هذه الدوامة اللانهائية فما أروع أن أنجح أنا ومن حولي.
يتضح مما سبق أهمية تحديد إلى أي منطقة ينتمي كلاً منا حتى نحاول الوصول إلى المنطقة الأولى إن أمكن والتي هي الوضع الأمثل الذي إذا ما حدث ستكون النتائج مذهلة ومستدامة وتتسم بمشاعر الإيجابية والتطوير المستمر وغيرها مما يساعد على تحقيق النجاحات على المستوى الذاتي والاجتماعي في ذات الوقت.