اقتصاد الصين يسجل أبطأ وتيرة نمو

سجل الاقتصاد الصيني العام الماضي أبطأ وتيرة نمو خلال ثلاثة عقود بعد تضرره من ضعف الطلب المحلي والتوترات التجارية، وفق ما أظهرت أرقام نشرت الجمعة، فيما حذّر خبراء من استمرار هذا المنحى.

وتراجع النمو في الصين إلى 6.1 % تزامناً مع تصاعد الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، وذلك رغم مساعي بكين لتحقيق الاستقرار.

وتطابق النتائج المعلنة الجمعة توقعات المحللين الذين تحدثت إليهم وكالة فرانس براس كما تتوافق مع الهدف الذي رسمته الحكومة بداية العام الماضي، والذي يتراوح بين 6 و6.5 %.

ولكن النسبة تمثل انخفاضا ملحوظا بالمقارنة مع 2018، حيث بلغ النمو الصيني حينها 6.6%، رغم أنه كان في أدنى مستوياته منذ نحو 3 عقود.

تتبادل بكين وواشنطن فرض رسوم جمركية إضافية منذ مارس 2018 على مئات مليارات الدولارات من التجارة السنوية، ما يؤثر بشدة على الاقتصاد الصيني ويكبح النمو العالمي.

وأعلن عن الأرقام بعد أيام من توقيع نائب رئيس الحكومة ليو هي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتفاقاً “مرحلياً” الأربعاء اعتبر بمثابة هدنة في الحرب التجارية بين البلدين.

وتعهدت الصين زيادة مشترياتها من السلع الأمريكية (200 مليار دولار إضافية على امتداد عامين) لتقليص الخلل التجاري بينهما.

وتخلت الولايات المتحدة في المقابل عن فرض رسوم جمركية جديدة على الصادرات الصينية، لكن ذلك قد لا يكفي لدفع النمو هذا العام.

وقال البنك العالمي إنه يتوقع تباطؤاً جديداً يسجل معه النمو 5.9% هذا العام. ومن المنتظر أن تعلن بكين عن هدفها السنوي بداية مارس

لكن الصورة ليست قاتمة تماما بالنسبة للاقتصاد الصيني: عاد الانتاج الصناعي إلى النمو الشهر الأخير بنسبة 6.9% على أساس سنوي ، مقابل 6.2 في نوفمبر وحافظت عمليات البيع بالتجزئة في ديسمبر على نفس مستوى الأشهر الأخيرة (8 %).

وأكد ليو هي، كبير المستشارين الاقتصاديين للرئيس الصيني شي جينبينغ وكبير المفاوضين في الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، أن أرقام شهر يناير التي لم تنشر بعد، تظهر “آفاقا اقتصادية أفضل من المتوقع”.

ومع ذلك، يحذر الاقتصادي في بنك نومورا تينغ لو من أن بعض المؤشرات تبقى مثيرة للقلق، على غرار التراجع الكبير في مبيعات المساكن الجديدة ( نسبة سلبية من 1.7%) والاستثمار في قطاع العقارات (نسبة سلبية من 7.6%).

ويقدر بعض المحللين أن تباطؤ الصين يمثل مسألة هيكلية لأن البلد، الذي كان يسمى “ورشة العالم”، صار اقتصاداً أكثر تطوراً. علاوة على ذلك، تراجع عدد الأشخاص في سن العمل لأسباب ديموغرافية.

ونسبة 6.1% من النمو التي قد تحسدها عليها الدول الأوروبية، هي الأضعف في الصين منذ عام 1990 (3.9%) الذي أعقبته أعوام بلغت فيها نسبة النمو رقمان أو ما يقارب.

لكن الأزمة المالية في 2008ـ2009 قلصت الطلب الخارجي ودفعت البلد للاستدانة لدعم اقتصاده. وأجبر الدين السلطات إلى تشديد شروط الاقتراض لتقليص المخاطر المالية.

ويفسّر ذلك حذر السلطات الصينية اليوم تجاه اجراءات الإنعاش الاقتصادي الضرورية لتخطي أثر الحرب التجارية.

وأكد الاقتصادي في مؤسسة أكسفورد إيكونوميكس لويس كويجس لوكالة فرانس برس أن تباطؤ الاقتصاد الصيني يمثل جزءا من “وضع طبيعي جديد”، مضيفاً “ما لا يريد (المسؤولون) رؤيته هو التباطؤ شديد السرعة”.