كتب : على امبابى
تطورت وسائل الإعلام في العصر الحديث تطوراً ملحوظاً إلى الحد الذي جعل العالم كما يقولون قرية واحدة ، فالحادثة تقع والخبر تنشر عنه وسائل الإعلام في أمريكا ، تسمعه كل آذان الناس في أرجاء المعمورة ، بل تشاهده كل العيون في العالم في نفس اللحظة التي وقعت فيها الحادثة أو أذيع فيها الخبر ، وأصبحت الإذاعات المسموعة والمرئية سريعة سرعة البرق في نقل الحادثة والخبر ، وما كان يحلم أي إنسان أن يعيش تلك اللحظة ، وهذه الطفرات العجيبة التي عرفها العلم الحديث ، بل أصبحت الأجهزة التي تساعد على الرؤية والسماع في كف اليد أو أقل غير مكلفة أو مجهدة ، وما على المرء إلا أن يحرك إصبعه حتى يقف على كل صغيرة وكبيرة في أي مكان مهما كان بعيداً أو قريباً ، ولهذا كان حتماً وضرورياً الحفاظ على خصوصية الإنسان وحقه في المحافظة على هذه الخصوصية أمام جحافل التتبع والتلصص وإفضاء الأسرار ، وملاحقتها دون جدوى سوى تحقيق السبق في نشر المعلومات أو الفضائح
ولأجل إحداث التوازن والإستقامة ، وعدم حدوث فوضى مجتمعية يكون الأمر بيدي أولى الأمر المنوط بهم الحفاظ على مقدرات المجتمع وشئونه ، وليس لكل من تسول له نفسه أن ينصبها رقيباً أو حسيباً ، وشيوع الفاحشة يكون بنشر الأكاذيب ، وترويج الأباطيل حتى ينخدع الناس فلا يعرفون الحق من الباطل ولا الليل من النهار فتختلط الأمور ، ويهتز كيان المجتمع ويضيع الأمن والأمان والاستقرار الذي ينشده الله للناس .
أما ما نراه ونتابعه منذ فترة ليست بالقصيرة في أجهزة الإعلام الآن فإنه يفوق كل حد ، ويتخطى كافة الأسس المقررة لحماية الناس من الشحن بالبغضاء والكراهية المفرطة بين الناس بعضهم بعضا .
حتى رأينا بعض الأفراد يعتدون على البعض الآخر بكافة وسائل الإعتداء من السب والقذف إلى الضرب بالأيدي والعصي ، والأسلحة بكافة أنواعها ظنا منهم أن ذلك في مصلحة البلاد وأمنها .
والحقيقة أن الشحن المستمر والدائم ليل نهار في كافة أجهزة الإعلام لا يصب إطلاقاً في خانة الخير للبلاد واستقرارها ، وإن كنا ننشد مصر الآمنة المستقرة إن شاء الله ، فلابد من التوقف فوراً عن عرض كافة أساليب الاستفزاز وتنتهي روح العداء المنهمرة من فصيل ضد فصيل ، حتى يمكن محاسبة من يثبت عليه العمل للإفساد أو السير في طريق الانشقاق وإن كان ولابد من إبداء الرأي فيكون من باب النقد المباح
إن النقد يجب أن يكون فى حدود ما يحقق مصلحة الأمة ورعايتها ، ومتعلقا بأفعال وأفكار كل من يلي منصباً عاماً أو أنيط به إدارة البلاد
ولذلك فإننا نربأ بأجهزة الإعلام ألا تتخذ من الحق في النشر التأثير في الرأي العام لتكوين عقيدة أو رأى لدى القارئ والمستمع والمشاهد ، ونتمنى أن تؤدى دورها الوطني الصحيح لرفعة وتقدم الوطن والحفاظ على وحدة شعبه واراضيه، وهذا أمل كل مصري يحب بلاده ويسعى لخيرها ، وينأى بها عن طريق التشرذم والانقسام الذي تترقبه جهات معادية ، ودول تنتظر نصيبا من وهم الكراهية في منطقة الشرق الأوسط في البلاد العربية.
حمى الله مصرنا الحبيبة من شر ينسجه الأعداء حولها .