“إذا قتلتمونا كلنا من ستحكمون؟” يقول عنوان أحدث عدد من صحيفة التوكتوك التي يصدرها يطبعها ويوزعها نشطاء مناهضون للحكومة العراقية على آلاف المتظاهرين في ساحة التحرير ببغداد.
وتعرض الصفحة الأولى صوراً لمتظاهرين يلوحون بالأعلام في تحد لحملة تشنها السلطات بعد أسابيع من الاضطرابات الدامية التي أخرجت البلاد من هدوء نسبي دام عامين بعد هزيمة تنظيم داعش.
وتحمل الصحيفة اسم مركبة بثلاث عجلات، أصبحت رمزاً للاحتجاجات العراقية لاستخدامها في نقل الجرحى من المتظاهرين إلى المستشفى الميداني، وبدأ صدورها منذ أقل من شهر.
وبدت التوكتوك محاولة للتغلب على التعتيم الإعلامي الذي فرضته السلطات التي قطعت خدمة الإنترنت لأسابيع ولبلورة مطالب الاحتجاجات التي اجتاحت بغداد وجنوب العراق.
ويقف وراء المشروع نشطاء لهم خبرة في مجال النشر الإلكتروني، يكتبون المقالات، ويحررون الصحيفة، ويطبعونها في ورش طباعة محلية، ويوزعون نحو ألفي نسخة على خيام المتظاهرين عدة مرات في الأسبوع.
ويقول رئيس تحريرها أحمد الشيخ ماجد، وهو جالس في مقهى ببغداد يراجع المقالات على جهاز كمبيوتر محمول، إن الصحيفة تعد أحد السبل القليلة التي تمكن المتظاهرين في الشارع من الحصول على تقارير حقيقية يعتد بها عن الاضطرابات الجارية في البلاد.
وتتضمن الصحيفة مقالات يكتبها نشطاء محليون، وترجمات لتقارير وسائل إعلام دولية عن العراق.
ويوزع المحتجون نسخ الصحيفة في ساحة التحرير، مركز الاحتجاجات في العاصمة.
وقال متظاهر عرف نفسه باسمه فقط حسن، وهو يقرأ نسخة من الصحيفة: “إنها عظيمة، إنها تحوي بعضاً من أدق الأخبار التي نراها. لا نعرف بالتحديد أين تكتب وتطبع، وهذا أفضل على الأرجح حتى لا يتعرض محرروها للاعتقال”.
وهاجم مسلحون مجهولون في الشهر الماضي مقار وسائل إعلام محلية، وإقليمية بسبب تغطياتها للاحتجاجات. وأدان زعماء العراق الهجمات على الإعلام، لكن لم تٌحدد هوية المهاجمين.
مستمرون في النشر
قُتل أكثر من 300 شخص منذ بداية الاحتجاجات في اشتباكات مع قوات الأمن التي استخدمت الذخيرة الحية والغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت لتفريق المحتجين.
وقال ماجد رئيس التحرير أنه لا يمكنهم الاعتماد على الإعلام الرسمي.
وفي الأيام التي اشتبكت فيها قوات الأمن مع المحتجين، كان التلفزيون الرسمي يتحدث عن الهدوء في بغداد، ويبث بيانات حكومية تتطرق على استحياء للاحتجاجات.
واندلعت المظاهرات، التي بدأت في 1 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ببغداد قبل أن تمتد سريعاً إلى جنوب العراق، احتجاجاً على نقص فرص العمل، وضعف الخدمات.
وتغيرت المطالب الآن لتشمل إقصاء النخبة السياسية التي ينظر إليها باعتبارها فاسدة وتخدم مصالح إيران، والولايات المتحدة، الحليفتان الرئيسيتان للعراق. والاحتجاجات، أكبر تحد للنظام السياسي الذي تشكل بعد غزو الولايات المتحدة الذي أطاح بصدام حسين في 2003.
وتعهدت حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بإصلاحات تشمل توفير فرص عمل للخريجين، ومحاسبة المسؤولين الفاسدين، وإدخال تعديلات انتخابية وإجراء انتخابات مبكرة.
ويقول المتظاهرون ومحررو التوكتوك، إن هذه الإصلاحات غير كافية، وستُبقي على الزمرة الحاكمة في السلطة. ويعتزمون الاستمرار في الاحتجاج، والاستمرار في النشر.
وقال ماجد: “مستمرون في النشر حتى تُلبى مطالب الثورة”.