بقلم/ أحمد الطحاوي
لما أراد طاز الرحيل من منى سلم أمراء المجاهد وحريمه إلى الشريف عجلان وأوصاه بهم وركب الأمير طاز ومعه المجاهد محتفظاً به وبالغ في إكرامه يريد الديار المصرية وصحب معه أيضاً الأمير بيبغا أرس مقيداً وبعث بالأمير طقطاي إلى السلطان يبشره بما وقع ولما قدم الأمير طاز إلى المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والرحمة قبض بها على الشريف طفيل وأما الديار المصرية فإنه في يوم الجمعة خامس المحرم من سنة آثنتين وخمسين وسبعمائة قدم الأمير أرغون الكاملي نائب حلب إلى الديار المصرية بغير إذن فخلع عليه وأنزل بالقلعة وسبب حضوره أنه أشيع عنه بحلب القبض عليه ثم أشيع في مصر أنه خامر فكره تمكن موسى حاجب حلب منه لما كان بينهما من العداوة ورأى وقوع المكروه به في غير حلب أخص عليه فلما قدم مصر فرح السلطان به لما كان عنده من إشاعة عصيانه ثم قدم الخبر على السلطان بأن طيلان تسلم بيبغا أرس من الأمير طاز وتوجه به إلى الكرك من بدر فسر السلطان أيضاً بذلك ثم في يوم السبت عشرين المحرم قدم الأمير طاز بمن معه من الحجاز وصحبته الملك المجاهد والشريف طفيل أمير المدينة فخرج الأمير مغلطاي إلى لقائه إلى البركة ومعه الأمراء ومد له سماطاً جليلاً وقبض على من كان معه من الأمراء من أصحاب بيبغا أرس وقيدهم وهم الأمير فاضل أخو بيبغا أرس وناصر الدين محمد بن بكتمر الحاجب وأما الأمير أزدمر الكاشف فإنه أخرج السلطان إقطاعه ولزم داره ثم في يوم الإثنين ثاني عشرينه طلع الأمير طاز بالملك المجاهد إلى نحو القلعة حتى وصل إلى باب القلة قيده ومشى الملك المجاهد بقيده حتى وقف عند العمود بالدركاه تجاه الإيوان والأمراء جلوس وقوفاً طويلاً إلى أن خرج بر جاندار يطلب الأمراء على العادة فدخل المجاهد على تلك الهيئة معهم وخلع السلطان على الأمير طاز ثم قدم الملك المجاهد وقبل الأرض ثلاث مرات وطلب السلطان الأمير طاز وسأل عنه فما زال طاز يشفع في المجاهد إلى أن أمر السلطان بقيده ففك عنه وأنزل بالأشرفية من القلعة عند الأمير مغلطاي جرى له الرواتب السنية وأقيم له من يخدمة ثم أنعم السلطان على الأمير طاز بمائتي ألف درهم ثم خلع السلطان أيضاً على الأمير أرغون الكاملي بآستمراره على نيابة حلب ورسم أن يكون موسى حاجب حلب في نيابة قلعة الروم وفي يوم تاسع عشرين المحرم حضر الملك المجاهد الخدمة وأجلس تحت الأمراء بعد أن ألزم بحمل أربعمائة ألف دينار يقترضها من تجار الكارم حتى ينعم له السلطان بالسفر إلى بلاده ثم أحضر الأمير أحمد الساقي نائب صفد مقيداً إلى بين يدي السلطان فأرسل إلى سجن الإسكندرية ثم في آخر المحرم خلع السلطان على الأمراء المقدمين وعلى الملك المجاهد صاحب اليمن بالإيوان وقبل المجاهد الأرض غير مرة وكان الأمير طاز والأمير مغلطاي تلطفا في أمره حتى أعفي من أجل المال وقربه السلطان ووعده بالسفر إلى بلاده مكرماً فقبل الأرض وسر بذلك وأذن له أن ينزل من القلعة إلى إسطبل الأمير مغلطاي ويتجهز للسفر وأفرج عن وزيره وخادمه وحواشيه وأنعم عليه بمال وبعث له الأمراء مالاً جزيلاً وشرع في القرض من الكارم تجار اليمن ومصر فبعثوا له عدة هدايا وصار يركب حيث يشاء ثم في يوم الخميس ثاني صفر ركب الملك المجاهد في الموكب بسوق الخيل تحت القلعة وطلع مع النائب بيبغا ططر إلى القلعة ودخل إلى الخدمة السلطانية بالإيوان مع الأمراء والنائب وكان موكباً عظيماً ركب فيه جماعة من أجناد الحلقة مع مقدميهم وخلع على المقدمين وطلعوا إلى القلعة وآستمر المجاهد يركب في الخدم مع النائب بسوق الخيل ويطلع إلى القلعة ويحضر الخدمة ثم خلع السلطان على الأمير صرغتمش وآستقر رأس نوبة على ما كان عليه أولاً بعناية الأمير طاز والأمير مغلطاي.