بقلم الداعية الإسلامية مهندسة بهيرة خيرالله .
جزء ١ : والخلاف بين الزوجين أمر طبيعي ، إذا ما تجاهل الزوج حقوق زوجته أو قصرت الزوجة فى أداء واجباتها ، هنالك تظهر المشاكل ويصبح من الصعب تحقيق السكينة المنشودة وتصبح سعادة الأسرة معرضة للإنهيار والأولاد للتشتت ،
لذا تدخل العلاج الإسلامي ليحفظ الأسرة ويعالج سلبيات العلاقة ويصونها من الضياع . فعالج الأسباب والدوافع ووضع وسائل العلاج واتبع فيه التدرج المناسب لكل حالة ليصل بها إلي بر الأمان والشفاء التام .
– وقد عالج الشارع حالات نشوز المرأة : إذ يترتب علي إخلال الزوجة بواجباتها أن تكون ناشزا ولا تستحق النفقة ؛ وللزوج حينئذ حق التأديب باعتباره سيد البيت والمسئول الأول عن الأسرة ؛ كما قال تعالي :{ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ } [ النساء :34] ، فقرر لهن طريقة للعلاج والإصلاح بالتدرج : –
يبدأ بالوعظ والإرشاد بالكلمة الطيبة لا بالسب والتقبيح ، كما قال تعالي :{ يا أيها الذين آمنوا قو أنفسكم وأهليكم نارًا ..} [ التحريم:6 ] فيذكرها بما أوجب الله عليها من الطاعة وحسن الصحبة والاعتراف بالدرجة التي له عليها وهي الولاية والقوامة ويبصرها بعواقب نشوزها ، …
وإلا فالهجر فى الفراش والإعراض عنها بأن يوليها ظهره ولا يجامعها، وهي عقوبة نفسية لإثارة أنوثتها التي تتدلل بها لعلها ترتدع ، ولا يزيد الهجر عن الكلام علي ثلاثة أيام ، وعن الفراش شهراً إلي أربعة أشهر ،
مع بقائه فى البيت ، وإلا أثم . … فإن لم تُجْدِ المرحلتين الأولين فالضرب غير المُبرَّح الذي لا يُخشي منه تلف عضو أو تلف النفس ولا يترك أثرًا، فالقصد هو تأديبها لا إهانتها وتعذيبها فما هو إلا تعبير شديد اللهجة عن عدم الرضا، فلا يضرب الوجه، ولا يضرب بسوط أو عصا، ولكن بأوهن شئ بسواك أو منديل أو بيده، كما قال (ص) : ( ولا تضرب الوجه، ولا تُقبِّح، ولا تهجر إلا في البيت )؛ وعلي الرجل ألا يستغل هذه الوسيلة استغلالا سيئا ، فقد نفر الرسول (ص) منها ورغَّب فى تركها فقال : ( إني لأكره الرجل يضرب أمته عند غضبه ، ولعله يضاجعها من يومه )؛ وقال : ( لا يضرب خياركم )؛ ولنا فيه (ص) الأسوة الحسنة، فكما قالت عنه عائشة : ( ما ضرب امرأة له ، ولا خادما قط ). – والمرحلة الثالية إن لم تفلح هذه الوسائل السابقة فى علاج نشوز المرأة، وادَّعي كلا من الطرفين ظلم صاحبه ، هنالك شرع التحكيم بتدخل حكم من أهله وحكم من أهلها للإصلاح لا للتفريق بينهما ، وهو كقوله تعالي : { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35) } [النساء] ، وهنا يجب صدق النية من الحكمين العدلين فى جمع الشمل ورأب الصدع بين الزوجين ، والحكمة فى كونهما من الأهل أنهم أعرف بطباع الزوجين وأحوالهما ، وهم أكثر ائتمانا علي سرهما ، فلو صدقا النية وفقا بتوفيق الله وعونه . …. وكما عالج الشارع نشوز المرأة كذلك عالج حالة نشوز الرجل … نتعرف علي أسلوب المعالجة فى مقال آخر بمشيئة الله تعالي .