بقلم: نجوى الذوادي
لا يختلف اثنان في ان المرأة التونسية تعد الاكثر حظا بين قريناتها العربيات بل لعل الحرية التي تتمتع بها تفوق ما تتمتع به بعض النساء في دول متقدمة.
ولان الحرية سلاح ذو حدين فلم تشفع القوانين الحامية لها و الرادعة للرجل سواء كان زوجا او ابا او اخا حيث ان منسوب العنف الممارس على النساء في تونس يعد كبيرا مقارنة بترسانة القوانين الواردة في مجلة الاحوال الشخصية و غيرها من الاوامر و القوانين المصاحبة.
وقد عرّفت مجلة الأحوال الشخصية الطلاق في فصولها 29 و 30 و 31 بما يلي: “الطلاق هو حل عقدة الزواج” و”لا يقع الطلاق إلا لدى المحكمة” و يحكم بالطلاق إمّا بـالتراضي بين الزوجين، أو لحصول ضرر من أحد الزوجين، أو إنشاء أي بناء على طلب الزوج أو الزوجة”.
و تتنامى ارقام العنف بأنواعه المادية و اللفظية و المعنوية بين الازواج و عادة ما تكون المرأة هي الضحية بنسبة تفوق السبعين بالمائة ما يؤدي في اغلب الاحيان الى الطلاق وهو الجحيم الذي تلقى فيه المرأة هربا من جحيم الزوج.
جمعية نجوى للدفاع عن المرأة المطلقة
في مبادرة فريدة من نوعها في تونس اسست جمعية “نجوى للدفاع عن المرأة المطلقة” وهي فكرة لاقت استحسان الكثيرين و المجتمع المدني في تونس لانها ستكون منبرا مهما للدفاع عن هاته الفئة و ابنائهن كما ان لديها خططا مهمة للاحاطة بهن ماديا ومعنويا بالتعاون مع جمعيات تونسية و اوروبية وعلى رأسها المجتمع السويسري .
من جحيم الى جحيم تعيش عشرات الاف النساء في تونس اللاتي اخترن الطلاق او اجبرن عليه حيث تسجل تونس معدل 1500حالة طلاق سنويا وهذه الارقام في تصاعد حيث انتقلت من 13867 حالة سنة 2013 الى 16452حالة في 2017
•
وهذا التصاعد في حالات الطلاق يقابله نزولا في حالات الزواج حيث انخفض سنة 2017الى 95336حالة بعدما كان 110119حالة سنة .2013
ولان المصير واحد وهو الطلاق فان اسبابه متعددة اهمها الظروف الاجتماعية و المشاكل الجنسية.كما ان زواج الاقارب يعد سببا مهما في حدوث حالات الطلاق بسبب تدخل القرابة في مشاغل و مشاكل الزوجين.كما ان زواج الغصب لايزال يسجل حضورا قويا في مجتمعنا و يعد احد الاسباب المهمة للطلاق.
أن الأسباب الرئيسية تتعلق خاصة بالمشاكل الجنسية والخيانة والتأثير السلبي لموقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، وأيضا إلى الأسباب الاقتصادية والمالية، وكذلك اختلاف المستوى الثقافي.
احد قضاة الاسرة الذين تحدثنا اليهم لاحظ من خلال تجربته ومباشرته لملفات وقضايا الطلاق أن النساء أكثر طلبا للطلاق من الرجال في تونس، بالرغم من غياب النسب المضبوطة بشكل رسمي، كما اعتبر أن ارتفاع نسب طلاق الإنشاء الذي أثبتته الإحصائيات الأخيرة مقارنة بقضايا الطلاق للضرر يرجع إلى أنه يبدو لطالب الطلاق الحل الأسهل إجرائيا بسبب صعوبة إثبات الضرر إذا كان هناك طرف متضرر، وأيضا يلجأ إليه كثيرون حفاظا على سمعة العائلة والأبناء.
وأشار القاضي إلى أن الأسباب العميقة لارتفاع حالات الطلاق في تونس تعتبر اجتماعية بالأساس، موضحا أن ذلك مرتبط بتغير مفهوم العائلة والأسرة في المجتمع التونسي عن المفهوم التقليدي المتعارف عليه.
وتحتل المشاكل الجنسية والخيانة الزوجية مرتبة متقدمة في لائحة أسباب الطلاق في نظره، معرجا على الدور الكبير الذي باتت تلعبه مواقع التواصل الاجتماعي ومنها فيسبوك “تقريبا نجد أثناء الجلسات الصلحية أن نصف الملفات التي يتم التعرض إليها تظهر أن سبب المشاكل والخلافات بين الزوجين هو الدردشات والدخول في علاقات عبر فيسبوك”.
أما في ما يخص اختلاف المستوى الثقافي بين الزوجين فيقول إن ملفات القضايا المرفوعة تكشف دورا هاما لعدم التوافق في المستوى الثقافي بين الطرفين، بل أحيانا نلاحظ فوارق كبيرة بين الزوجين كأن يكون الزوج أستاذا جامعيا وزوجته لديها مستوى تعليم ابتدائي.
من جانبه نبه احد المختص في علم الاجتماع إلى ضرورة لفت أنظار الأزواج الراغبين في الطلاق إلى آثاره السلبية خاصة على الأبناء، حيث يكونون غير محميين ويعيشون تمزقا بين الأبوين المنفصلين، وهو ما يخلف اهتزازا نفسيا لديهم.
كما أشار المختص إلى أن شبح العنف المادي والمعنوي يهيمن على حالات الطلاق في تونس، حيث يكون الطفل شاهد عيان على حركات عنيفة أو سوء معاملة أو كلام مهين، كما أنه يمكن أن يكون شاهدا على عنف مقنّع مثل التلميحات أو الاستغلال أو غير ذلك من أساليب العنف غير المباشر، وهي تؤثر بشكل كبير على نفسية الأبناء خاصة في مرحلة الطفولة والمراهقة.
ولايتوقف الامر عند لغة الارقام فحسب فهذه الاحصائيات تترجم واقعا مريرا تعيشه المرأة المطلقة بداية رفض العائلة لقرارها مهما كان صائبا اذ ان اغلب العائلات تعد المطلقة عبئا عليها ومصدر ازعاج لها ما يظطر اغلب المطلقات الى عدم اختيار العودة الى دفء العائلة والسكن بمفردها او مع ابنائها.
وهنا يبدأ المجتمع بأطلاق سهامه نحوها دون اعتبار لخصوصيتها ودون احترام لابنائها الذين تطالهم هذه السهام ايضا لان مجتمعنا لم يتقبل بعد فلسفة ان تختار المرأة حياتها بعيدا عن الرجل ولم يستوعب بعد انها قادرة على تربية الابناء و المحافظة على شرفها و المساهمة في بناء مجتمعها وهو ما يتنافى مع عدد من الحالات التي تحدثن اليهن خيث كان الطلاق صهوة النجاح التي ركبتها و ابنائها.
احدى المطلقات اللاتي نستعرض شهادتهن في هذا التقرير تدعى م.ن التقيناها بعد ان ذاع صيتها في حيها و عائلتها الكبرى خاصة وان الطلاق كان نعمة عليها و ليس نقمة حيث طلقت قبل قبل ثلاثين سنة ورفضت فكرة الزواج مجددا لكنها بطرق شتى اطردت من قريتها بتواطئ و سكوت من عائلتها .فحوّطت صغارها الثلاثة (ابنان و بنت) اعمارهم لاتزيد عن السبع سنوات و نزحت في اتجاه احدى المدن الساحلية اين استقرت و اشتغلت و تعبت و كافحت وقد رسمت هدفا واضحا في حياتها هو ان تنجّح ابناءها و تبلغ بهم اعلى المراتب ..وبعد سهر وتعب ومرض السنين هي اليوم ام لثلاثة اطارات عليا تفاخر بهم و يفاخرون بها بل ان العائلة ال