امسك حرامي!

امسك حرامي!
امسك حرامي!

امسك حرامي!

بقلم / الدكتور ظريف حسين رئيس قسم الفلسفة بآداب الزقازيق…

لماذا نصف السارق وحده بأنه “حرامي” رغم أن السرقة وحدها ليست هي كل المحرمات؟!


الجواب هو لأن كل المحرمات هي في الحقيقة أنواع من “السرقات” : فالكذب سرقة للحقيقة،و القتل سرقة للعمر،و النفاق سرقة للواقع،و التزييف سرقة للأصل،و الزنا سرقة للعرض…و هكذا.
إذن السرقة هي أصل كل المحرمات،و رأس كل المظالم لأنها تُطمَس الحقائق و تُهضَم الحقوق! و يعد الغش و الخداع و التلاعب و التمويه و التدليس و التخليط و إساءة النوايا و التحريفات المتعمدة للمعاني و المقاصد،كلها محرمات ؛ لأنها سرقات.


و تُعرَّف السرقة بأنها نقل الملكية بطريقة غير شرعية،و الاستمتاع و الانتفاع بما لا حق لنا فيه،لأننا لم ندفع مقابله من جهدنا أو لم نرثه عن أهلنا،و لم يُوهَب لنا. فالملكية هي،إذن، أهم حق من حقوق الإنسان،و أول ما يملكه الإنسان دمه و حياته، ثم كل ما يُبقِي علي هذين الحقين،و هناك حقوق تتطور و تتغير حسب الظروف ،من جهة،و حسب مراحل تطور الحياة نفسها،من جهة أخري.


و لما كان ما لا تتحقق الضرورات إلا به فهو ضروري فإن البشر علي طول تاريخهم الثقافي و الحضاري،و رغم تلاعبهم الدائم في مفاهيم الحقوق الأساسية و ضماناتها فقد آمنوا بضرورة وضع ضمانات لإيصال الحقوق لملاكها الأصليين،و رفع المظالم. و بغض النظر عن التحولات الجوهرية التي طالت أشكال المؤسسات المهيمنة بدءا من شكل القبيلة حتي شكل الدولة الحديثة فإن هناك نظما و جهات مسئولة عن حفظ الملكيات و الحقوق.


و تاريخيا فقد اندثرت الشعوب و انهارت الدول التي لم ترسخ فيها أقدام النظم القانونية العادلة،و أيا ما كانت مصادر هذه النظم و طبائعها. فلا يهم أصل القانون ما دام قادرا علي تحقيق ما شُرع له،فقد تصبح القوانين العرفية و الوضعية، مثلا، أقدر علي الضبط الاجتماعي من النظم التي تصف نفسها بالشرائع الإلهية،إذا كانت تتمتع بالشفافية و النزاهة و مساواة المتقاضين أمام القانون،و بضمان كامل لتكافؤ الفرص سواء في الادعاء أم في الدفع،ثم لتنفيذ الأحكام.


و لقد تنبهت البشرية إلي أن ضرورة الحياة و استمرارها مرهونان بـ “ضرورة” إعمال القوانين التي هي بمثابة شروط قيام الحياة،مع مراعاة فائقة للتوازنات بين الحقوق و الواجبات بين أفراد المجتمع.
و الخلاصة هي أن للمجتمعات القوية دعامتين:


الأولي تنظيمية،أي شكلية، أي إجرائية،و هي صياغة قوانين و تشريعات قادرة علي دعم استمرار الحياة و دفعها نحو الترقي ،أي تشريعات قادرة علي استلهام طموحات الجميع، فضلا عن إدراك عميق لحاجاتهم الأساسية.
و أما الدعامة الثانية فموضوعية،أي مبنية علي دراسات و مسوح علمية شاملة للمشكلات الاجتماعية و الاقتصادية…

و حتي الروحية لهذا المجتمع أو ذاك،بغرض وضع مفاهيم واقعية متوازنة للعدل تحفظ الملكيات و الحقوق،أي لا تقتل الحياة و لا تقهر و لا تستغل و لا تستعبد.

و تقاس قوة المجتمعات و مستواها الحضاري بقدرة تشريعاتها علي حفظ الحياة و بلوغ أعلي درجات الرفاه.

https://www.nesral3roba.com/%d8%a3%d9%8a%d9%86-%d9%85%d9%81%d8%a7%d8%aa%d9%8a%d8%ad-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b6%d8%a7%d8%b1%d8%a9%d8%9f/أين مفاتيح الحضارة؟!


#جريدة_نسر_العروبة🦅🇪🇬🦅الدكتور/ محمد القصاصوبيتكلم عن التأخر الدراسي تابعونا كل يوم جمعة أن شاء الله تابعونا كل حصرى وجديد على قناة جريدةنسر العروبة يوتيوب 👇https://youtube.com/channel/UC5fN2oPtbwd4hHKapb-IVKA