كتب :عز الدين ايمن
“إن كنت برشلونياً فهذا المقال يعنيك..وإذا لم تكن..فربما تُحب أن تقرأه من باب العلم بالشئ..وإن كنت مدريدياً..فأقرأه وتمنى أن يحدث العكس”.
بعد الفوز بدوري الأبطال 2006، دخل الفريق في نفق مظلم كانت نتيجته الخروج بلا بطولة على مدى موسمي 2006 / 2007 و2007 / 2008..في عام 2008..حل برشلونة ثالثاً في ترتيب الدوري الإسباني بفارق 18 نقطة عن المتصدر ريال مدريد..وقتها رأت إدارة النادي الكتالوني أن النادي في خطر حقيقي..ليس لأحتلاله المركز الثالث..ولكن لظهور حالة من التراخي والأستهتار في غرف الملابس..فقررت إقالة المُدرب ريكارد..والبحث عن مُدرب جديد.
الخيار الأول كان “جوزيه مورينيو”..صاحب الشخصية الفريدة، والنجاحات الخارقة، ولكن الراحل “يوهان كرويف” لم يُعجبه الأمر..كون كرة مورينيو لا تتناسب مع ما بناه في برشلونة..فهمس في أذن رئيس النادي “خوان لابورتا” بأسم “بيب جوارديولا” مُدرب الفريق الثاني..والذي يمتلك ولعاً بالتفاصيل كان يُعجب كرويف، أتخذ “لابورتا” قراراً تاريخياً..تعيين المُدرب المغمور وأعطاءه صلاحيات مُطلقة -بناءً على توصية كرويف-، فقال الجميع عنه “مجنون”..يترك مورينيو حاصد الألقاب وحديث العالم الأول من أجل مُدرب غير معروف!.
في أول حصة تدريبية لجوارديولا..لم يستطع رونالدينهو أكمال المران..وجلس أكثر من مرة ليستريح..لياقة اللاعب لم تكن على ما يرام..كثرة الحفلات والسهر أرهقته..وديكو كان يسير على هواه..لا يهتم بالتعليمات أو ما يحدث داخل الملعب.
رأى جوارديولا -المغمور كمُدرب وقتها- أن التفاحة الفاسدة تُفسد السلة..ويجب التخلص من التفاح الفاسد..وسط قلق كبير من رحيل الثنائي..قيمة رونالدينهو التسويقية خرافية -كان النجم الأشهر في العالم-، ورونالدينهو وديكو هما الثنائي الأقرب لنجم برشلونة الصاعد وقتها “ليونيل ميسي”..ولكن جوارديولا أتخذ القرار على مسئوليته الشخصية..يرحل الثنائي..ويبقى الفريق!.
*أنتهت الحكاية بالسداسية التاريخية!…وواصل ديكو ورونالدينهو الأنحدار..ولكن للحكاية بقية.
في موسم السداسية..دخل جوارديولا في خلاف مع “يايا توريه” حول طريقة تدوير الكرة في الوسط وعدم التقدم كثيراً للأمام..و”إيتو” حول طريقة الهجوم..جوارديولا يُريد أن يعود المُهاجم للخلف من أجل فتح المساحة للطرف “ميسي” للدخول للعمق..إيتو يُريد اللعب كرقم “9” أقرب للصندوق..حتى قال “إيتو” عبارة ألقت به خارج برشلونة:”أنت لاعب وسط..لا تُعلمني كيف ألعب كمُهاجم!”.
هنا..كان جوارديولا أمام الأختبار الأصعب..الثنائي مُنضبط داخل وخارج الملعب..ويؤدي بشكل مُمتاز..إيتو معشوق الجماهير وهداف تاريخي للنادي وفي أوج عطاءه..ولكنه يُهدد هيبته داخل الفريق..و”توريه” يُهدد تطور المنظومة، كيف يُقنع الجماهير بأن لاعب نحيف شاب يُدعى “بوسكيتس” أفيد للفريق من وحش أسمه “توريه”..فقرر مدعوماً بالسداسية -في وجه روسيل- أن يتخلى عن الثنائي..فقط من أجل الفريق والمنظومة.
*في وسط هذه الأحداث..تم تصعيد تياجو ألكنتارا وبوسكيتس وبيدرو وعودة بيكيه ليحل محل أسطورة ك”رافييل ماركيز”..وحصل تشافي وإنييستا على مركز أساسي -لم يحصلوا عليه قبل بيب-، وتم الأستغناء عن أسطورة ك”زامبروتا” من أجل داني ألفيش..وغيرها من الأمور التي خلقت الجيل الذهبي..الذي بدأ بقرار واحد شجاع..من مُدرب يمتلك أسلوب لديه إيمان كامل به..ورئيس نادي ينتمي للأقليم وشعار “أكثر من مُجرد نادي”..وأسطورة ك”يوهان كرويف” يفهم كرة القدم ككرة قدم..لا كأموال وملايين وأستثمارات.
نعود من حقبة جوارديولا الذهبية إلى حقبة فالفيردي الكارثية.
للأسف..عدد كبير من جماهير برشلونة ترى أن القضية تُحل فور رحيل فالفيردي، هذا ليس حقيقياً بالمرة..القضية أكبر من ذلك بكثير.
برشلونة الحالي يعتمد على الأسماء لا على المنظومة..فمثلاً لو جاء مُدرب وقال “يرحل سواريز وبوسكيتس وبيكيه”..سيرحل هو قبل أن يُكمل كلامه، إدارة بارتيميو المالية لا تُفكر بعقل رياضي..هذا الثلاثي منجم ذهب وأصدقاء مقربون لميسي..وميسي يجعلنا نفوز..فليبقى من يبقى، المُهم أن ينعم النجوم بالهدوء.
لو رحل “فالفيردي” سيأتي آخر ولكن بأسم مُختلف..لن يتعاقد برشلونة مع مُدرب صف أول أبداً..سيبقى يبحث عن مُدربين مغمورين تدريب برشلونة حلم بالنسبة لهم..وبالتالي لن يعترضوا على أي شئ خشية فقدان الوظيفة..الوظيفة المرتبطة بأرضاء النجوم..ولتذهب الجماهير للجحيم..الجماهير ستنسى مع الوقت..ستنسى مع أول أنتصار على الريال..أو ركلة حرة لميسي..الجماهير تنسى سريعاً.
*برشلونة هو أكثر فريق في العالم حصل على راحة من التدريبات..في أحصائية نشرها الزميل “أحمد مختار”..برشلونة مُنذ بداية أغسطس الماضي حتى مُنتصف نوفمبر الماضي حصل على 26 يوم راحة مُقارنة ب17 لريال مدريد!..في 3 أشهر فقط..حصلوا على قرابة الشهر من الراحة!.
*برشلونة بعد خسارة الأمس كان من المُفترض أن يعود للتدريبات يوم الأحد القادم..ولكن الفريق حصل على راحة حتى يوم الثلاثاء!.
ويؤسفني وسط كل هذا أن أُزيد من ألمك كبرشلوني وأقول لك:
-برشلونة يمتلك مُدافع شاب يُدعى “أروخو” سجل 3 أهداف في أخر 6 مُباريات مع (برشلونة ب)..ويُقال عنه أسطورة دفاعية جديدة لن تقل عن بويول.
-برشلونة يمتلك مُدافع شاب (20 عاماً) يُدعى توديبو وأنت تعرفه..ورأيت ما فعله في لوتارو مارتينيز ولوكاكو في لقاء الإنتر..قال عنه أسطورة ألمانيا لوثار ماتيوس:”هو ظاهرة دفاعية، لو صحت أخبار أنتقاله لشالكة..فسيُضيف الكثير للدوري الألماني”.
-برشلونة يمتلك لاعب يُدعى “ريكي بويغ”..هو إنييستا..نعم هو إنييستا في كل شئ..عندما واجه برشلونة توتنهام وميلان في أحدي الجولات التحضيرية..طلب بوكتينيو التعاقد معه فوراً..وذهب جاتوزو إليه ليصافحه ويأخذ قميصه.
-برشلونة يمتلك أحد أفضل لاعبي الوسط الشباب في العالم “كارليس إلينا”، ولكنه رحل على سبيل الإعارة لأنه لم يحصل على فرصة.
-برشلونة يمتلك ظهير أيمن هو “موسى واغية”..ليستر سيتي يُريد التعاقد معه من أجل تعويض رحيل مُحتمل لأحد أفضل ثلاثة أظهرة يُمنى في البريميرليج (ريكاردو بيريرا).
-برشلونة يمتلك أفضل مُهاجم إسباني شاب تحت 21 عاماً “أبيل رويز”..ولم يلعب أي دقيقة مع الفريق الأول.
-برشلونة يمتلك فاتي..يمتلك كارلوس بيريز.
-برشلونة قادر على تكوين فريق كامل من الشباب أفضل بمراحل من التشكيل الحالي.
-برشلونة لو قام بتصعيد هؤلاء الشباب..وباع الأسماء التي لا حاجة لها وتعاقد مع نواقصه خارجياً..لن يوقفه شئ..أبداً.
حالياً..الوضع يُشبه تماماً وضع تولي بيب تدريب الفريق ،”أبقار مُقدسة” داخل غرف الملابس لا يُمكن المساس بها وتفعل ما تشاء..تراجع عام في مردود الفريق فنياً وبدنياً..أصدقاء مقربون من ميسي..منجم ذهب في “لامسيا” مُعطل من أجل الأسماء الكبيرة.
لكن كرويف قد مات..لابورتا قد رحل..وبيب في مانشستر..ولا زال البحث جارياً عن “دكر”.