كتب : على امبابى
لن تشعر بالحياة، اذا لم يلمس قلبك برد الرحمة، و لن تغتسل روحك من الأنانية إلا إذا أحسست بوجع المكروب، أو ألم المحزون، فتحركت نفسك بين جنبيك فنفضت تراب ذاتك، و طين الأرض الذي خلقت منه، لتسمو روحك بعد أن تتخلص من ثقلاتها و جاذبيتها لذاتها و دورانها حول كيانها فقط دون غيرها!.
ان سعادة الإنسان لا تكتمل إلا إذا كان قلبه قطعة من السماء فشعر بألم الآخرين، لتتحرك في عينيه دمعات يذرفها رحمة لطفل يتألم من مرض عضال أو شيخ دارت به الأيام فأبلت جسده و أهلكت نفسه أو إمرأة ثكلي تبكي زوجها ركن حياتها و اساس عزتها و حافظ كرامتها. ان هذه الدمعات هي رسول الي روحك تقول لك في رسالتها انك انسان تملك من الرحمة ما يجعلك قريبا من الملائكة في سمتها و أخلاقها و انك من سعداء البشر لأنك ملاك من بشر!.
أطعم الأفواه الجائعة، و استر الأجساد العارية، و فرج كرب محزون، و امش في حاجة مظلوم، يكن لك من حصيلة ذلك كله شعور سرمدي، يمتد بأشعته الي كيانك، فتشعر بسعادة من عافاه الله من إبتلاء غيره، و كرامة من شرفه الله ان يكون يده الحانية لأسعاد عبيده المقهورين في دنيا الشقاء.
ان من يرحم الضعفاء، كالبدر الذي لا يظهر إلا إذا شق رداء الليل! و من يعين البؤساء كالفجر الذي لا يرخي أشعته اللؤلؤية إلا وسط استار الظلام!
سيبقي الفرد الرحيم هو اساس المجتمع الإنساني، السليم الفطرة النافع لغيره، و مجمل القول لن يجتمع في مجتمع الرحماء قسوة الأشقياء، إلا إذا إجتمع الملك الرحيم مع الشيطان الرجيم.
و من المستحيل أن يكون ذلك كذلك.