تعرف على قراقوش … الأمير المظلوم!!!

تعرف على قراقوش ... الأمير المظلوم!!!
تعرف على قراقوش ... الأمير المظلوم!!!

تعرف على قراقوش … الأمير المظلوم!!!

“قراقوش” اسم تردد على ألسنة المصريين منذ ما يقارب من ألف عام ، وهو اسم يطلق كنايةً عن الظلم في التاريخ العربي ،

وقد نسبت هذه العبارة إلى الأمير بهاء الدين قراقوش ، وقليل من المؤرخين الذين اهتموا برفع الظلم عن هذا الرجل ، والذي يعد أحد كبار المهندسين والبنائين في تاريخ الإسلام ، والغريب أن كل ما تردد من تراث مغلوط وسمعة سيئة نعتت قراقوش بالظلم والاستبداد سببها كتاب وضعه أحد الموتورين من منافسي قراقوش وخصومه الحاقدين في عصره و هو ابن مماتي، الذي كتب عنه كتاب: (الفاشوش في معرفة أخبار قراقوش) ،

وقد ملأه بالادعاءات الظالمة التي نسبها إلى الأمير قراقوش ، وقد وصفه بالغفلة والحماقة والبطش والاستبداد ، والتي سرعان ما انتشرت على ألسنة العامة داخل وخارج مصر!!

وُلد قراقوش بآسيا الصغرى وهو رومي النسب ، خدم أسد الدين شيركوه القائد العسكري في جيش عماد الدين آل زنكي ، ثم في جيش نور الدين محمود . وقد دخل قراقوش مصر في جيش أسد الدين شيركوه ، وابن أخيه صلاح الدين الأيوبي في تلك الفترة التي شهدت انهيار الدولة الفاطمية ونذر قيام الدولة الأيوبية .

وقراقوش هو (بهاء الدين بن عبد الله الأسدي) ، وسمي بالأسدي نسبة إلى أسد الدين شيركوه قائده ، ومعنى (قراقوش) بالتركية النسر الأسود ،

وكان قراقوش ضلعًا في مثلث ارتكزت عليه الدولة الأيوبية في مصر ، الضلع الأول هو الفقيه عيسى المهكاري ، والضلع الثاني هو القاضي الفاضل ، والضلع الثالث هو القائد العسكري قراقوش .

وبينما كانت الدولة الفاطمية ذات صبغة مدنية ، واهتمت بإنشاء الدواوين المتعدِّدة ، فإن الدولة الأيوبية كانت ذات صبغة عسكرية ، وذلك لظروف مواجهتها لخطر الغزو الأوروبي متمثلاً في جيوش الفرنجة ،

لذا اهتمَّ صلاح الدين بالتجهيزات العسكرية من مدِّ الجسور ، وبناء القلاع والحصون وإنشاء الأسوار ، وهي مجالات كان لقراقوش باع طويل فيها . وعندما مات الخليفة الفاطمي العاضد كان صلاح الدين قد انتهى من قطع اسمه من الخطبة وذكر اسم الخليفة العباسي بدلاً منه ،

وتولى صلاح الدين يوسف الأيوبي الحكم رسميًّا ، وقد حوى القصر الفاطمي كنوزًا هائلة ، خشي صلاح الدين عليها من النهب ، فاختار صلاح الدين قراقوش متوليًا على القصر للحفاظ على خزائنه .

وقد تألق نجم قراقوش في ظلِّ قيادة صلاح الدين التاريخية وكان له دورا هاما في تلك الحقبة من التاريخ ، وكان لقراقوش أعمال عسكرية هامة يمكن تقسيمها إلى ثلاث نواح رئيسية :

1- إقامة قلعة الجبل ( قلعة صلاح الدين الايوبي) فوق المقطم، التي ظلَّت مقرًّا للحكم في القاهرة حتى عهد محمد علي ، إلى أن استبدل بها الخديو إسماعيل مقرًّا آخر للحكم ،

كما أتبعها ببناء قلعة المقسي ، وهي برج كبير بناه قراقوش على النيل ، وبنى بالقرب منه أبراجًا أخرى ، على طراز الأبراج الفرنجية لا الفاطمية ،

التي وجدها أقوى وأكثر تقدُّمًا .

2- سور القاهرة : بعد الانتهاء من بناء القلعتين ، قام قراقوش ببناء سور كبير يحيط بالجيزة ناحية الصحراء الغربية من أحجار الأهرامات ، ثم بني سورًا يحيط بالقاهرة ، وبناه من حجارة الأهرامات الصغيرة والمقطم ، وحفر فيه بئرًا وضم مسجدًا . وهذا السور هو السور الثالث الذي أحاط بالقاهرة بعد سور جوهر الصقلي مؤسس القاهرة ، وسور بدر الدين الجمالي الأمير الفاطمي ، وكان السوران من اللَّبِن وليس من الحجارة .

3- سور عكا : فقد استردَّ صلاح الدين عكا بعد بيت المقدس من أيدي الفرنجة ، وتهدَّم سور المدينة من الحصار، وترك لقراقوش مهمة إعادة بناء السور المتهدم ، ومضى ليحرِّر الحصون الأخرى من الفرنجة ، وعكف قراقوش على عمله بجد وعزيمة ، وهو يدرك أهمية هذا العمل في تحرير الأرض العربية من أيدي المغتصبين ، ولكن الفرنجة في محاولة يائسة ، قرروا لمَّ شتاتهم في المنطقة والقيام بعملية التفاف حول قوات المسلمين ، وحاصروا عكا حتى يشتتوا تركيز صلاح الدين ،

واستمر الحصار عامين ، وقراقوش يقود المقاومة والصمود داخل المدينة المحاصرة ، حتى غلبهم الجوع والوباء وإمدادات الفرنجة التي أتت من البحر ، لتقع عكا في أيديهم ، ويقع من فيها أسرى وقتلى وجرحى، و أُسِرَ قراقوش نفسه حتى أُفرج عنه في الصلح عام 1192م .

بعد وفاة صلاح الدين ، عمل قراقوش في خدمة العزيز ، وقد أحبط مؤامرة العادل لخلع العزيز بالله بالاتفاق مع قائد أكبر قوات العزيز ، وهو حسام الدين أبو الهيجاء السمين زعيم الأسدية الذي انسحب بقواته من الشام ، وكشف ظهر العزيز بالله ، ولكن قراقوش أحبط محاولة الانقلاب على العزيز بالقاهرة ،

وبعد وفاة العزيز تولَّى المنصور وسنه تسع سنوات ، وأصبح قراقوش وصيًّا على العرش ، وعندما انقسم الصلاحية والأسدية واستعانوا بالملك الأفضل عم المنصور ، تنازل قراقوش له عن الوصاية ، ولكن مؤامرات العادل استمرت، وظلت أطماعه في الشام صوب عرش القاهرة ،

وعزم على الإغارة على القاهرة ، فلما تبين الأفضل أطماع عمه العادل، جمع قواده وعرض عليهم الأمر ، فقال له الأمير بهاء الدين قراقوش في تصميم : “لا تخف يا مولاي ، فنحن جندك و جند أبيك من قبلك ، مرني أحفظ لك قلعة الجبل ، ثم مرني أحفر لك ما بقي من سور البلد ، ثم مرني أتعمق الحفر ، حتى أصل إلى الصخر ، وأن أجعل التراب على حافة الحفر ، فيبدو كأنه حائط آخر ، ودعني أفعل ذلك فيما بين البحر وقلعة المقسي، وبذلك لا يبقى لمصر طريق إلا من بابها الذي يصعب أن يفتحه العدو”

ولكن العادل استولى على مصر ، وفَرّ الأفضل من وجهه إلى الشام ، وخلع العادل المنصور ونصب نفسه واليًا . تواري قراقوش في الظل حتى وافته المنية عام 1200م بعد حياة حافلة بالعطاء والإخلاص …

والآن وبعد ان عرفنا تاريخ قراقوش الذي ظلمه البعض ، بإدعاءات كاذبة فلا نملك الا ان نقول رحم الله الامير بهاء الدين قراقوش