حسن عبد راضي ..شاعر الرؤية الوجودية

FB IMG 1613408888026


تحقيق الكاتبة /ميسون جعمور من سوريا
متابعة عبدالله القطاري من تونس

قد تقرأ شعراً لشاعر فتعجب بنصوصه، وقد تجد فيها ما يلائم روحك، أو يلامس نقاط الوجع في إحساسك، كأنه ينطق بلسانك أو لسان حالك، كان ضميره كان أصغى إليك ودوّن ما كنت تريد أن تقوله لكن كانت تعوزك البلاغة الكافية..هكذا الحال وأنت تقرأ شعر الشاعر العراقي حسن عبد راضي.
هو شاعر وكاتب وإعلامي، حاصل على شهادة الدكتوراه في الأدب العربي من كلية الآداب في الجامعة المستنصرية، وهو من مواليد بغداد/ العراق.

له في الشعر خمسة دواوين هي: الطاعون، وحمامة عسقلان، وعين الدم، وطقوس موت الأشياء، وكتاب الظلال.
يكتب الشعر بحساسية عالية للأشياء المهملة والمنسية، الوجود الحقيقي في رؤيته الشعرية يكمن في الهامش المقموع، وفي أوجاع الناس الذين لا صوت لهم، وفي رؤية ما لا يُرى إلا بعين البصيرة الثاقبة التي تمنح الشاعر ملكة تقترب به من النبوءة، تمرّد على الأغراض الشعرية رغم أنه كتبها في بداياته، لكنه خرج بعد ذلك بتجارب تمزج كل ما هو حياتي في نص يتميز بحيويته الوجودية، وباجتماع كل فصول المأساة الإنسانية فيه، بما هي مسيرة نقصان تتجه نحو الفناء، لكنه مع ذلك لم يكن شاعراً سوداوي المزاج، ولم تكن نصوصه مشبعة باليأس، فلقد درج على أن يجعل نصوصه عامرة بالأمل، واعدة بالتغيير والثورة، متحسسة آلام الفقراء والضحايا، ولا يتعاطى مع كل هذا تعاطيا ميلودراميا، بل تتخذ كل قصيدة من شعره مبناها الخاص، وأسلوبها المتفرد، ولغتها الباذخة.
كما أنه كرّس الشعر وهو في أوج أحزانه مختاراً كلمات تنبض بها روحه لترجمة ألمه على فراق ولدي أخويه الشهيدين محمد وعباس، زهرتان اغتالتهما يد الإرهاب وهما في ريعان الشباب، يقول:
أشرك السيف فيك والدم وحّدْ
ومضت بالرجا لياليك والياسْ
نام أهل القرى وأنت مسهّدْ
تزفرُ الروح فرطَ وجدكَ أنفاسْ
أنتَ شيخُ الدُنا، وقلبكَ أمردْ
كنتَ في ميعة الصبا سيد الناس
يا عراقاً من الجراحِ مُمرّدْ
والهمومُ التي بجنبيه أكداسْ
وجعٌ أنت أم سؤالٌ مجردْ
أمْ تُرى أنت في الجوانح وسواسْ
جئتَ في مطلع الحضارة “أبجدْ”
وكتبتَ الدنيا دواةً وقرطاسْ
باسمُ الوجهِ حينَ حزنكَ سرمدْ
أو دجا عالمٌ فرأيكَ نبراسْ
يا حبيبي أصبحك اليوم أرمدْ
أم همى من عيونك الدمع كالماسْ
كلّ يومٍ يهوي إلى الأرض فرقدْ
وتصير المآتم السود أعراسْ
أمس للمجد قد زففنا محمدْ
بطلاً تضحياته ترفع الراسْ
وشفعنا بفارسٍ ما ترددْ
ومشى فوق هامة الموت عباسْ
مضيا شاهقَينِ واليدُ باليدْ
لحقا عسكر الحسينِ وعباسْ

د. حسن عبد راضي عضو اتحاد الأدباء العراقيين، وعضو اتحاد الكتاب العرب، عبر مشواره الأدبي حاز على جوائز عدة:
جائزة الدولة للإبداع في الشعر عام 2002 عن ديوان حمامة عسقلان
جائزة مجلة تراث الإماراتية في الشعر 2003
الجائزة الأولى في شعر الأطفال ( دورة باقر سماكة ) دار ثقافة الطفل / بغداد 2008
الجائزة الثالثة / ديوان شرق غرب/ برلين ، بغداد ( دورة محمود درويش) 2009
جائزة الدولة للإبداع في الشعر 2010 عن ديوان عين الدم
الجائزة الأولى في شعر الأطفال / دار ثقافة الأطفال / بغداد 2012
الجائزة الثانية في مسابقة ناجي جواد الساعاتي لأدب الرحلات عن كتاب ( طريق البلقان) 2019
وله فيلم وثائقي بعنوان / متحف الأرواح
شارك في عدد كبير من المؤتمرات الثقافية والإعلامية في بغداد، عمان، دمشق، بيروت، الجزائر، برلين، بروكسل، هولندا، طهران، تونس
فردنا صفحتنا للحديث عن حسن عبد راضي الكاتب والشاعر، لكن لا بد لنا أن نتكلم عن حسن الإنسان الذي يحمل في داخله القيم النبيلة من طيبة، وعطاء، وصدق في التعامل، فهو أبٌ لطلابه، وأخ عند الضرورة، وصديق وقت الحاجة، سمات تميّز بها في وقت لم يعد للصدق والوفاء، مكان، فهو محب للجميع، ويبقى حبه الأول والأخير لوطنه العراق الذي يتوق لرؤيته معافى.