حَـدَثَ دونَ قَـصْـدٍ

92016868 1166216707056977 5733511611918843904 n

بقلم الأديب: أحمد عفيفي
على أحد الأرصفة المُتهالكة والمكتظة بأُناس مُبحلقة وشاردة فى أشياءٍ لا يعلمها إلّا الله,كان يودعها بإشارةٍ من يده المُترددة خِشية نظرات المُتطفلين,وكانت بدورِها تفعل الشئ نفسه غير عابئةٍ بالزحام وبالذين يرتطمون بجسدها من آنٍ لآخر -بقصدٍ- وكأن بينهما – دائما – نهرٌ من بشرٍ , وأشياءٌ تحولُ دون أن ينعما ولو سويعاتٍ بالإنفراد ببعضهما!
كانت أتمت دراستها التكميلية ولملمتْ أشيائها من سكن المغتربات وقررت العودة لبلدتها وأهلها , وقررت- دون قصدٍ- أن تفجعه فى قلبه الذى تعلق بها وذاب فى هواها,وصار لا يطيق بُعدها

*لم يكُن آنذاك قد خبرالعشق بغيرها,ولولا صُدفةٌ جمعتهما,ما كان اكترث بما يُسمى-بالعشق- وماتعذّب لفراقها هكذا,فحين رآها للمرة الأولى,كانت لاهثةً تبحثُ عن تاكسياً يُقلّها الى حيث تُقيم , وكان فى إجازة لليلةٍ واحدةٍ بما يُسمّى – مبيت – كان بملابسه الخاصة بجبهة القتال إبّان -حرب اكتوبر -,وبشهامة الجُندية , ورهافته,أوقفتُ تاكسياً بعد أن رفض سائقه, فنهره بشدة وهدّده باللجوء للشرطة , وأشار لها:فركبت,كانت تنظره بامتنان وإعجاب بعينيها الحميلتين اللتين لم يدرك سحرهما إلّا عندما اقتربت منه ومن أُذنيه وقالت هامسة:(ربنا يخليك, كمّل جميلك واركب معى,خايفة من السواق ده والوقت متأخر) فعل, وبُشًت أساريره وحين أنزلها أمام سكنها , همست بأُذنيه ثانيةً:(مش قادرة اقولك اتفضل اشرب شاى عشان ده مكان للحريم بس ولكن بتمنى اشوفك تاني)ثم غادرته بابتسامة ممتنة إلى مسكنها,ابتسامة لم يستطع نسيانها
*تلاقيا بعدها وفى كلِ مرةٍ كان يكتشف فيها شيئاً أجمل من ذى قبل , حتى بِاتّ يحسدُ نفسه من فرط سعادته بها وبحسنها وهُدوئها واستماعها لما يقول أو فى شغفٍ وود حنون
*وكانت ساعةُ الصفر,والعُبور ,واستحال لقائه بها , فاكتفيا بالرسائل البريدية
وبعد انتهاء الحرب وتسريحه من الجيش,الذي كان مُتواكباً مع إنتهاء دراستها التكميلية,تلاقيا وسعِدا باللقاء واتفقا على الإرتباط بعد استلامه عمله المؤجل بسبب الحرب, وبعد أيامٍ قليلةٍ من استلامه العمل,أخبرها أنه سيحضرُ بصحبة والدته لخطبتها من أهلها,فردت برسالةٍ تكادُ حروفها تنطقُ من فرط سعادتها
* وسافر مع والدته بعد جُهدٍ فى إقناعها:بأن هذه حبيبته التى تمناها
*كان طنينُ القطار الزاعق يخُشُ أُذنه كمعزوفة يتوق إلى سماعها عبر رحلة الذهاب إلى حبيبته,ولمُا وصلا البلدة وسألا عن المنزل, لم يجدا سوى من يرحب بهما كأغراب,ثم انبرى واحد من أهل البلدة قائلاً:(أكيد جايين عشان العزا )فقال مدهوشا:عزا من؟ فقال الرجل(عزا الاستاذة الشابة -حنات- ربنا يرحمها اتخطفت بدرى)
*تهاوي أرضاً مع صرخةٍ مصحوبة بخبطةٍ على الصدر من أمه ,لم يدرِ ما حدثَ بعدها.حتى أفاق على سريرٍ بغُرفة العناية المُركزة , مُكبلاً بشئٍ فوق أنفه يتنفس من خلاله بالكاد , وهو يلمح عينتان أُمه الدامعتين عند باب الغُرفة, فبكي وراح يتذكرُ لِماماً!!