ذِئبُ اللّيْل …

140416167 3852978558098525 4623250766771834670 n

ـبقلم : أ . د . بومدين جلالي….

عُواءٌ … عواءٌ … عواء …
لوْعةٌ وبُكاءٌ … لوعةٌ وبكاءٌ … لوعةٌ وبكاء …
واصلْ عواءك … واصلْ لوعتك … واصلْ بكاءك …
أنتَ تدرك بغريزتك السليمة يا ذئب الليل أن صوتك الباكي وصل إلى أسماعنا منذ زمن بعيد جدا لكنه لم يصل أبداً إلى قلوبنا التي أصبحت حجراً ولا إلى إنسانيتنا التي أصبحت لاإنسانية …

أنت تعلم أننا اتهمناك بأكل يُوسفَ والتهام القبّعة الصغيرة الحمراء وتمزيق أشلاء الجازية وهي في طريقها من المشرق إلى المغرب على آثار طفْلَيْها وزوجها كما اتهمناك زوراً بالتعدِّي الإجرامي على كل جميل ضعيف وكل جميلة ضعيفة …

أنت تدري أننا جعلناك في أخبارنا وأشعارنا وأفلامنا وجميع وسائل حكْيِنا بطلاً لصناعة الشر وزرع الرعب واستثمار الخوف وممارسة الهيمنة القاتلة على بني الإنسان وبني الحيوان وأنت بريء من كل ما نُسب إليك وهو – في حقيقته – يُعبّر عن همجيتنا نحن لا عن همجيتك أنت …دجّنا واستعبدنا بعض بني جلدتك كما دجّنا واستعبدنا كل كائن حرٍّ لحاجة من حاجاتنا أو مصلحة من مصالحنا أو حتى نزوة من نزواتنا … نعم دجّنا واستعبدنا مَنْ وقع في أيادينا الطويلة الطاغية وجعلناه مجرد كلبٍ نَصِفُهُ بالوفاء حين الرضوان وبالخيانة حين الغضب وِفْقَ منظورنا الأعوج الأعرج الأهوج للرضوان والغضب …

أنت تدرك وتعلم وتدري يا ذئب الليل أننا نحلم بإبادتك ونعمل على إنجازها بصورة نهائية كما أبدنا كثيرا من الكائنات البريئة، بل كما أبدنا كثيرا من بني جنسنا لمجرد ضعفهم أو اختلافهم عنّا في تجلٍّ من تجليات الحياة، وذلك من أجل التوسّع على حساب الآخر وامتلاك ما كان له من غير وجه حقٍّ يُذْكَر …لذا وغيره؛ أنت – يا ذئب الليل – في عواء ولوعة وبكاء باستمرار الاستمرار ونحن نقتل ونُبيد ونُدمِّر باستمرار الاستمرار …لذا وما يجري مجراه؛ لقد اخترتَ الليلَ وقايةً وقممَ الجبالِ أمْناً والقمرَ المنيرَ هادياً وتوجهتَ إلى السماء بعوائك الباكى الحزين ليصل إلى الكَوْن كلِّه لعل أحداً يسمع بمأساتك التي صنعها الإنسان – ضمن ما صنع من المآسي التي لا تُعَدّ ولا تُحْصى – ثمّ يتدخّل قبل فوات الأوان … قبل فوات الأوان … قبل فوات الأوان …