بقلم الشاعر / خالد الشيشينى
متابعة / سامح الخطيب
في زحمة الايام ، وفي برد العواطف القارس ،ْ ذَهَبَتْ لتبحثُ خلفَ الشمسِ عن مَن يحتوي جسد الجليدِ ،وبركانه القابع جوف عقارب التوقيت قيد الإنفجار
صاحبة البشرة الخمرية ،والجسد الأنثوي المتألق في أوج النضارة والبهاء
وهي المثقفة والعصرية والنموذج المثاليّ في التعامل مع من حولها من الجيران أو من رفقاء العمل.
ذهبَتْ حتى التقتْ براحة روحها ،ومستقر حنينها الفطري ، وقد تركت – من أجل ذلك – زوجها وأطفالها الثلاثةالصغار ، لتتزوج برجلٍ آخر بعد خلعها زوجها الأول ،ضاربةً بكل قواعد الفطرة والعقل والمنطق والدين والعرف عرض الحائط ، غير عابئة أن السفينة التي ستتركها في بحر الأيام اللجيِّ الثائر ، والمتشاجر دوماً مع أجساد الرياح الهائجة عليه من كل صوب ، ستُحدثُ بها ثقباً تعاني منه هذه السفينة طوال الوقت حتي البقاء.
سنوات وسنوات وثقبُ السفينة يتَّسع رغم كل المحاولات والمسكنات ، وجاء دور القبطان، الذي ترك الرغبات لأصحابها، وظل عاكفاً علي الأولاد ، وظلل بأذرعِه الكثيرة عليهم ،ليعوِّض الأذرع المبتورة من الرحمة
الفطرية للأطفال وهم صغار.
عناءٌ كبيرٌ ، وصراعٌ مع الذات ، وتعايشٌ دائمٌ في ثياب الأنين ، بين جدران الهم ، وكهف الألم ، وأمطار الحزن الدائم علي صعيد الذاكرة الجدباء، بليلٍ وليل، وشهرٍ وشهر ، وعامٍ بعد عام.
وفي الوقت الذي جَفَّت فيه بحار الرغبة ، وأظلمت فيه سماء الميل والهوي ، وغربت شمس دنياها إلي غير مشرق ، قررَتْ أن تزورَه بوقتٍ ما ، لتطلب منه أن يسامحها ويُقدِّر موقفها ، ويصفحَ عن ما بدر منها في سالف الأيام ، مُعللةً ذلك في نفسها أنه طيبُ القلب ، ليِّنُ الطبع ، جميل الروح.
واستغلت الفرصة بخلو البيت من الأولاد ، حيث أنّ الإبن الأكبر قد سافر إلى كليته التي التحق بها ، والإبنة الأخرى تقطن في المدينة الجامعية التابعة للكلية التي تدرس بها ،والإبن الأصغر يذاكر عند أحد أصدقائه.
فذهبت إليه….
وطرقت بأصابعها المرتعشة جرس الباب الخارجي ،فلم تجد جواباً بِرَد ، فقامت بفتح الباب على طريقها القديمة ،
ودَخَلَتْ…وأخَذَتْ تتأملُ المكان ، وجسدها ينتفض مع كل دقةٍ من دقات قلبها المرتجف ، إلى أن وصلت إلى غرفة نومه ،التي لم يُغَيِّر شيئا من تفاصيلها ، بعد أن زهدَ الحياة ، واعتزل دواعيها ،
فوجدته على فراشه بلا صوتٍ ولا حراك ، تناديه فلا يجيبها ،وتحرك في جسده النحيل فلم ينتبه ،
لقد مات
لقد مات على فراشه وحيدا ،تاركاً رسالةً لها مكتوبةً بخط يده..
فَتَحَتهَا…….وقَرَأتْ :
إليكِ
((((وعند الله تجتمع الخصوم))))