بقلم : تامر إدريس
* شتاء ما أقساه، برودة في الحس ما أصلفها؛ جمود حُنُوٍّ لم يعرف له مثيل، وطيس كالسَّموم أو الزَّمهرير جرى في الكيان بلا خميس، تطرق لُبِّي إلى دهاليز الخلاص فيه ولكن هيهات، قد أغلق دونه كل هادٍ من دليل أو سبيل، صقيع مقيم، وريح قارس عقيم…
* لم يتسرب إلى الروح فيه أي باعث للحياة بلا كدر بل زادني بالقهر فيه كل محتال رقيب، ألفوا الأذى بأهل العشق إذ باتوا بحالهم في نبذ ونأي؛ كل من النعيم طريد، وفي الأصقاع شريد، واقع تصفه المشاهد لا مزيد…
* أعجبوا لفؤاد قد قتل قهرا وسجن قسرا وعزل عن الشعور أمرا؛ كيف له الآن أن يفيق؟! ؛ أما آن له أن يعيش؟!، ألا يمنح الكيان فرصة للعبور إلى جنان الخلود؟!، ألن تنعم الروح المعذبة بسكون أو حبور؟!، ألا تراه مولودا بائس البرايا من جديد؟!…
* حمدا للإله؛ قد استفاق ذاك الإنسان بعد بيات طويل، نهض من سباته العميق، أشرقت شمس الصبح في سمائه بدفئها الجميل، تفتحت الورود في بقاعه وتنسمت الأجواء بعبق الأريج، حلَّ الربيع في الأنحاء مبشرا إياه بمجيء كل جميل…
* سحرتني منذ أول لقاء، سكنتي خلاياي بلا اختيار، اصطفاها لي الإله مع أني لم أكن أهلا لهذا الانتقاء، مزية فضل، هبة من الرحمن زان بها قلبي وشهودي، وجعلني بوجودها أسعد السعداء وأصدق الشعراء…
* بريق لامع ساحر جذبني إلى الأعماق أغوص في مكنونه بحثا عن الأسرار، وجنات كحبات تفاح ناضجة ناضرة تغذيها الفروع والأغصان، شفاه قرمزية أحيانا ودامية أخرى؛ تنفث حروف اسمي نارا مؤججة، تحرق الداخل وتلهب الخارج باقتدار…
* لسان كنبع متفجر بأعذب الكلم، جرس ونغم سارق للخاطر، مالك للآذان بلا قيد ولا خطر، سلمته نفسي بلا حذر، وكيف لا؟! أفديه بالروح والقلب والجسد، كلي ملكه، هو نبضي وحرفي، هو شجني وطربي، هوسعدي وشغفي، هو الحياة ودونه قبري…
* ليلي بغيره جحيم لا يستساغ، وعمري دونه زمن لا يقاس، عزائي في غيابه أني بعضه في مكاني وهو كلي في مكانه هناك، هو وطني الذي أرجوه في الوجود، وأنا أرضه التي وسمت برسمه وباسمه أبدا دونت في دواوين الآفاق…