بقلم الشاعر والأديب / رضا أبو الغيط
متابعة / سامح الخطيب
النَّصّ الأَدَبِيّ مِثْل الطِّفْل يَحْتَاجُ مِنْ بِدَايَةِ التَّفْكِيرُ فِيهِ إلَى أُمُورٍ كَثِيرَةٍ يَجِبُ أَنْ يَنْتَبِهَ إلَيْهَا الْمُبْدِع
أَوَّلِ هَذِهِ الْأُمُورِ تَكْمُن فِى الْقِرَاءَةِ المتأنية فِى خَصَائِص هَذَا الْمَوْلُودِ الْجَدِيد وَدِرَاسَة متطلباته حَتَّى يُولَدَ قَوِيًّا جَمِيلًا خَالِيًا مِنْ التشوهات الَّتِى تَنْفِرُ مِنْهُ الْقُرَّاء فَيَجِبُ عَلَى الْمُبْدِع عِنْد كِتَابِه نَصّ جَدِيد أَن يُنْتَقَى جَيِّدًا الْمُفْرَدَات الَّتِى تتناسب مَعَ النَّصِّ وينتقى أَيْضًا الصُّوَر الشِّعْرِيَّة الْجَدِيدَة الَّتِى تَجْعَلُه بِمَثَابَة النُّور الَّذِى يَشُدّ الْمُتَلَقَّى إلَى رِحَابِه وَتَجْعَلُه مُمَيَّزٌ عَنْ النُّصُوص الْأُخْرَى وَكَذَلِكَ الْمُوسِيقَى الشِّعْرِيَّة سَوَاءٌ كَانَتْ دَاخِلِيَّة أَو خَارِجِيَّة والتى تَقُوم بدورها فِى شَدّ انْتِبَاه الْقَارِئ وتطرب إذْنِه وَتَجْعَلُه يَسْتَمْتِع عِنْدَمَا تَقَع عَيْنَاه عَلَى النَّصِّ
فالمبدع إنْسَانٌ حَسَّاسٌ بِطَبْعِه يَتَأَثَّر بِمَا لَا يَتَأَثَّرُ بِهِ غَيْرُهُ وَيُؤَثِّرُ فِي غَيْرِهِ بِدَرَجَة كَبِيرَةً فَهُوَ بِمَثَابَةِ رَسُول يُحْمَل رِسَالَةً إِلَى عُشَّاق الْأَدَب بِصِفَةٍ خَاصَّةٍ وَإِلَى الْمُجْتَمَع بِصِفَةٍ عَامَّةٍ
فَلَابُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُبْدِع قُدْوَة يُقْتَدَى بِهِ غَيْرُهُ هَدَفَه الأساسى هُو مُخَاطَبَة الشُّعُور الداخلى لَدَى الْأَفْرَاد وَأَخَذ الْأَرْوَاحِ إلَى عَالَمِ السِّحْر وَالْخَيَال مَع إعْطَاء الْعَقْل مِسَاحَة للتفكير وَالتَّدَبُّر لِلْوُصُولِ إلَى فَكَرِه النَّصّ والهدف مِنْ كِتَابَتِهِ
فالمبدع لَا يَكْتُبُ لِمُجَرَّد الْكِتَابَةِ فَقَطْ وَلَكِنَّه صَاحِب قَضِيَّة يتبناها وَيُدَافِعُ عَنْهَا مِنْ خِلَالِ نُصُوصِه
فالأديب مُحَارِب سِلَاحَه الْفِكْر وَالْقَلْم وَكَمْ مِنْ أَقْلَامٌ غَيَّرَت مَسار الْعَالِم نَحْو الْأَفْضَل وَكَمْ مِنْ أَقْلَامٌ أَفْسَدَت الذَّوْق الْعَامّ وَأُخِذَت الشَّبَاب إِلَى مُسْتَنْقَع الْفَشِل وَالرَّذِيلَة
فالأديب بِيَدِهِ إنَّ يَصْنَعَ السَّلَام وَبِيَدِه أَنْ يَصْنَعَ الْإِرْهَاب
وَالنَّصّ الأدبى قَدْ يَكُونُ وُرُودًا وَقَدْ يَكُونُ بارودا