بقلم / أحمد الطحاوى
كان سُلامش مثل أخيه الملك السعيد وأبيه الملك الظاهر محبوباً لدى العامة وقد كان نابهاً بهي الطلعة حتى إن الشعراء تغنوا بحسنه وجعلوا من “الثغر السُلامشي كناية عن الحسن. يقول ابن تغرى في وصفه لسُلامش وكان شاباً مليحاً جميلاً تام الشكل رشيق القد طويل الشعر ذا حياء ووقار وعقل تام. مات وله من العمر قريب من عشرين سنة قيل: إنه كان أحسن أهل زمانه وبه افتتن جماعة من الناس وشبب به الشعراء وصار يضرب به المثل في الحسن حتى يقول القائل: ثغر سلامشي. وهو الملك العادل بدر الدين سلامش بن السلطان ركن الدين بيبرس لقب بـابن البدوية ونصب سلطانا في عام ١٢٧٩م وهو في السابعة من عمره بعد أن خلع أخوه الملك السعيد نفسه ليصبح سادس سلاطين الدولة المملوكية حكم لمدة مئة يوم بعد أن أجبر الملك السعيد على خلع نفسه ورحيله إلى الكرك عرض الأمراء السلطنة على الأمير سيف الدين قلاوون الألفي إلا أن قلاوون الذي كان يدرك قوة الأمراء والمماليك الظاهرية رفض السلطنة قائلاً للأمراء أنا ما خلعت الملك السعيد طمعاً في السلطنة والأولى ألا يخرج الأمر عن ذرية الملك الظاهر. فأستُدعى سُلامش الذي كان طفلا في السابعة من عمره إلى قلعة الجبل وتم تنصيبه سلطانا بلقب الملك العادل بدر الدين ومعه قاضي القضاة برهان الدين السنجاري وزيراً وعز الدين أيبك الأفرم نائبا للسلطنة وقلاوون الألفي أتابكاً ومدبراً للدولة وكُتب إلى الشام بما تم فحلف الناس بدمشق كما وقع الحلف بمصر. أصبح قلاوون هو الحاكم الفعلي للبلاد وأمر بأن يخطب باسمه واسم سُلامش معاً في المساجد وبأن يُضرب اسمه مع اسمه على السكة كما شرع في القبض على الأمراء الظاهرية وإيداعهم السجون بينما راح يستميل المماليك الصالحية عن طريق منحهم الإقطاعات والوظائف والهبات بهدف سيطرته الكاملة على البلاد تمهيداً لاعتلائه تخت السلطنة ولما أحس قلاوون أن البلاد قد صارت في قبضته بالكامل استدعى الأمراء والقضاة والأعيان بقلعة الجبل وقال لهم قد علمتم أن المملكة لا تقوم إلا برجل كامل فوافقه المجتمعون وتم خلع سُلامش بعد أن ظل سلطاناً اسمياً لمدة مئة يوم ونُصب قلاوون سلطاناً. اُبعد سُلامش عن مصر إلى الكرك التي كان نائبها أخوه السلطان السابق السعيد بركة والذي كان هو الآخر قد اُبعد إليها من قبل وبعد وفاة السعيد بركة بقي سُلامش في الكرك مع أخيه الملك المسعود خضر الذي خلف السعيد بركة نائباً عليها إلا أنه في عام ١٢٨٦م أرسل قلاوون نائب السلطنة حسام الدين طرنطاي إلى الكرك حيث حاصرها لبضعة أيام ثم استولى عليها ونقل سُلامش وخضر إلى القاهرة بعد أن طلبا الأمان واستسلما له وقد استقبلهما قلاوون استقبالا حاراً في القاهرة وأمّر كلا منهما إمرة مئة فارس وسمح لهما بحرية التجوال والحركة ولكن بعد مرور أربع سنوات في القاهرة اعتقلهما مع أمهما في الإسكندرية تمهيدا لنفيهم إلى القسطنطينية بعد أن أخبره ابنه الأشرف بأنهما قد اتصلا بالأمراء الظاهرية وقد قام الأشرف خليل بنفيهما مع أمهما إلى القسطنطينية في عام ١٢٩١م حيث توفي سُلامش هناك في نفس السنة فصبّرت ( حنطت ) أمه جثمانه واحتفظت به في تابوت إلى أن نقلته إلى مصر في عام ١٢٩٧م حيث دفن بالقرافة بالقاهرة بشفاعة من أخته لدى زوجها حسام الدين لاجين.