سيرة الشيخ صالح الجعفري حفيد “النبى” ومؤسس الطريقة الجعفرية

سيرة الشيخ صالح الجعفري حفيد "النبى" ومؤسس الطريقة الجعفرية
صالح الجعفري الطريقة الجعفرية حفيد النبي

سيرة الشيخ صالح الجعفري حفيد “النبى” ومؤسس الطريقة الجعفرية

أعداد/ فاطمة العامرية…

98 2

هو العالم الأزهرى الشيخ صالح الجعفرى شيخ الطريقة الجعفرية، وحفيد “النبى”- عليه الصلاة والسلام- حيث ينتهى نسبه إلى جعفر الصادق ثم إلى محمد الباقر إلى زين العابدين بن الحسين بن سيدنا على بن أبى طالب- كرم الله وجه.. وبسبب نسبه الطاهر يعمر مقامه بالزوار والمريدين من كل المحافظات، كما أن له مريدين يتوافدون من السودان إلى مقامه بالدراسة بسببه أصله المصرى السودانى.

نبذة عن الشيخ صالح الجعفري :

2 6 1

و لد مولانا رضي الله تعالى عنه و أرضاه ببلدة “دنقلا” بشمال السودان في اليوم الخامس عشر من جمادى الآخرة سنة ثمان و عشرين و ثلاثمائة بعد الألف من التاريخ الهجري “1328″ ه.

ـوقد ولد شيخنا –رضى الله تعالى عنه- ببلدة ” دنقلا ” من السودان الشيق فى الخامس عشر من جمادى الآخرة سنة 1328 هـ ، وبها حفظ القرآن وأتقنه فى مسجدها العتيق ،

ثم وفد إلى مصر ، ليتلقى العلوم بالأزهر الشريف ، واتصل بأهله المقيمين بقرية ” السلمية ” بمركز الأقصر من محافظة قنا، يحدثنا الشيخ -رضى الله تعالى عنه

artworks 000258315374 s4jevt

– عن أهله وأجداده الجعافرة فى السلمية ، فيقول عن أسرته : ” من بلدة الأقصر بصعيد مصر ، من القبيلة التى هى من الجعافرة ، وتسمى ” العلوية ”

وهم مفرقون بين الأقصر والحلة والحليلة والدير، وقد قل عددهم والبقاء لله، وفى السلمية يوجد قبر جد والدى محمد رفاعى بمقبرة جد الجعافرة السيد الأمير ” حمد ” ،

حيث كان يقيم هناك ، وللجعافرة نسب كثيرة محفوظة قديمة، ومن أشهرهم فى إظهار تلك النسب أخيراً : الشريف السيد إسماعيل النقشبندى وتلميذه الشيخ موسى المرعيابى ،

ولا تزال ذرياتهم تحتفظ بتلك النسب كثيرة الفروع المباركة”.وقد أخذ شيخنا – عليه رضوان الله – طريق سيدى أحمد بن إدريس –رضى الله تعالى عنه – عن سيدى محمد الشريف –رضى الله تعالى عنه – ويحدثنا شيخنا الإمام صالح الجعفرى عن ذلك فيقول:

” وقد أجازنى بهذا الطريق شيخى وأستاذى مربى المريدين الشريف السيد محمد عبد العالى، عن والده السيد عبد العالى ، عن شيخه العلامة السيد محمد بن على السنوسى عن شيخه العارف بالله تعالى السيد أحمد إدريس رضى الله تعالى عنه”.

s720142622310

ثم كان حضوره إلى مصر للالتحاق بالأزهر بإشارة من شيخه سيدى محمد عبد العالى –رضى الله تعالى عنه- وعن ذلك يحدثنا شيخنا –رضى الله تعالى عنه.

– فيقول:“قبل مجيئى إلى الأزهر جاء أحد أهل البلد بأول جزء من شرح النووى على صحيح مسلم ، فاستعرته منه وصرت أذاكر فيه ، فرأيت سيدى عبد العالى الإدريسى -رضى الله تعالى عنه- جالساً على كرسى ، وبجواره زاد للسفر، وسمعت من يقول: إن السيد يريد السفر إلى مصر ، إلى الأزهر ، فجئت وسلمت عليه ، وقبلت يده ، فقال لى مع حدة :

” العلم يؤخذ من صدور الرجال لا من الكتب ” وكررها، فاستيقظت من منامى ، وقد ألهمنى ربى السفر إلى الأزهر ، وحشرت الشيخ محمد إبراهيم السمالوطى المحدث، وهو يدرس شرح النووى على صحيح مسلم، فجلست عنده ،

15891612 1

وسمعته يقرأ حديث ” لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية ، وإن استنفرتم فانفروا” رواه مسلم.

وقد تلقى الشيخ – رضى الله تعالى عنه- العلم بالأزهر الشريف على يد نخبة من كبار العلماء العاملين ، الذين جمعوا بين الشريعة والحقيقة ، ومنهم الشيخ محمد إبراهيم السمالوطى ، والشيخ محمد بخيت المطيعى ، والشيخ حبيب الله الشنقيطى، العالم المحدث المشهور صاحب ” زاد مسلم ” وغيره من المصنفات المفيدة الذى كان للشيخ معه لقاءات وكرامات ،

15891614

يحدثنا عنها شيخنا –رضى الله تعالى عنه –فيقول:ذهبت إلى بيت الشيخ محمد حبيب الله الشنقيطى ، بجوار القلعة ، ناوياً بقلبى أن أستأذنه فى أن أكون مقرئاً له متن حديث البخارى ومسلم ،

فلما وصلت البيت بغرفة الاستقبال ، وهى أول مرة أزوره بها، جاءنى بها مبتسماً ، فلما سلمت عليه وقبلت يده ، وقال لى : أنت الذى – إن شاء الله – ستكون لى سراداً فى هذا العام ،

ومعنى سراداً : مقرئاً ، والحمد لله قد لازمته خمس عشرة سنة إلى الممات، ونزلت قبره ، ولحدته بيدى، والحمد لله ، وكنت أقرأ للإخوان الحاضرين درساً قبل حضوره بالمسجد الحسينى، فإذا عارضنى إنسان أو شاغبنى يهمس لى فى أذنى عند جلوسه على الكرسى بقوله: يعاسكونك وأنت خير منهم،

artworks 000147380141 2etj79

كأنه كان معى ، ثم يأتى فى دروسه بكل موضوع قصرت فيه ، وقد حصل ذلك منه مرات كثيرة.وكان إذا حصل له عذر يرسل تلميذاً أن أقرأ الدرس نيابة عن الشيخ،

وفى يوم أرسل لى ورقة مكتوبة بخط يده، فيها: قد وكلتك بقراءة الدرس، فتعجبت من ذلك، لماذا غير الشيخ عادته من المشافهة إلى المكاتبة؟ وما أشعر إلا ومدير المساجد قد حضر وأنا أقرأ الدرس،

فسألنى: وهل وكلك الشيخ؟ قلت : نعم ، قال: وأين التوكيل؟ فقدمت له الورقة المرسلة من الشيخ ففرح بها ، ودعا لى بخير، وكانت هذه كرامة منه – رحمه الله تعالى- وغفر له، وأسكنه فسيح الجنان، فإنه كان يحبنى كثيراً ويقول لى: أنت بركة هذا الدرس ، قد أجزتك بجميع إجازاتى ومؤلفاتى.

artworks 000258315374 s4jevt t500x500 1

وكان يقول لى: عليك بشرحى على زاد مسلم فيما اتفق عليه البخارى ومسلم ، فإنى ما تركت فيه شاذة ولا فاذة.ومن شيوخه الشيخ يوسف الدجوى رحمه الله،

الذى يقول عنه شيخنا رضى الله تعالى عنه : وكان أيضاً من العلماء العارفين ، وقد لازمت درسه بعد صلاة الصبح بالجامع الأزهر الشريف بالرواق العباسى سبع سنين، وكان السيد الحسن الإدريسى إذا جاء من السودان يلقانى فى درسه وبعد الدرس يسلم على الشيخ فيفرح فرحاً عظيماً ، ويقول: السيد أحمد ابن إدريس قطب لا كالأقطاب.وكان الشيخ الدجوى قد أخذ الطريقة الإدريسية عن شيخى السيد محمد الشريف – رضى الله تعالى عنه- والشيخ الدجوى من هيئة كبار علماء الأزهر، وله مؤلفات نافعة ومقالات قيمة فى مجلة الأزهر الشريف ، وقد حضرت عليه التفسير من سورة محمد – صلى الله عليه وآله وسلم- إلى آخر سورة الناس، قم ابتدأ شرح البخارى بعده،

EWRCNQlXgAE54 b 1

وكان يحفظ القرآن الكريم بالتجويد والقراءات ، ويذكر أقوال المفسرين، ويعرب الآية إعراباً دقيقاً ويبين الألفاظ اللغوية فيها، ويتعرض للأحكام الفقهية على المذاهب ، وكان يقرأ الحديث بالسند ويترجم لرجاله ترجمة طريفة، ويذكر أقوالاً كثيرة قيمة فى أدلة التوسل بالنبى –صلى الله عليه وآله وسلم- ذكر أكثرها فى مجلة الأزهر المسماة وقتها ” نور الإسلام ” .وقد كان شيخنا –رضى الله تعالى عنه- يحضر دروس هؤلاء العلماء حضور الواعى المتفهم المحب للعلم وأهله، فكان كثيراً ما يناقش شيوخه ويحاورهم فى أدب جم، وكانوا يعجبون به وبفطنته وقوة حافظته، وحجته فيثنون عليه خيراً ويدعون له بالتوفيق والبركة.ويذكر لنا شيخنا –رضى الله تعالى عنه – صورة من ذلك مع شيخه الدجوى السالف الذكر، فيقول: ” كان رحمة الله عليه يقرأ حديث سؤال القبر فى صحيح البخارى، وكنت قد ذاكرت شرح الكرمانى على البخارى ، ورأيت فيه أن النبى –صلى الله عليه وآله وسلم- يظهر للمسئول ، فوكزنى فى صدرى .

وقال لى: أنا ذاكرت شرح الكرمانى واطلعت فيه على هذه المسألة ، لم لم تذكرنى بها فى الدرس حتى يسمعها منى الناس؟”ومرة كان يتكلم على رؤية النبى –صلى الله عليه وآله وسلم.

– مناماً فقال: ” وإن الشيطان لا يتمثل به –صلى الله عليه وآله وسلم- إذا جاء فى صورته الأصلية ، والمعتمد أيضاً أنه لا يتمثل به إذا جاء فى غير صورته الأصلية ، فقلت له: روى شيخنا السيد أحمد بن إدريس –رضى الله تعالى عنه – فى كتابه المسمى ” روح السنة ” أنه –صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ” من رآنى فقد رآنى فإنى أظهر فى كل صورة ”

ففرح فرحاً عظيماً ، وقال لى: هذا الحديث هو الدليل على أن الشيطان لا يتمثل به –صلى الله عليه وآله وسلم – ولو جاء فى غير صورته الأصلية ،

أنت مبارك يا شيخ صالح ، نفع الله بك المسلمين”.ومن شيوخه الشيخ على الشايب –رحمه الله – الذى حضر عليه الشيخ شرح منظومة الشيخ اللقانى المسماة ” جوهرة التوحيد ” يقول عنه شيخنا:وكان يدرسها فى أول عام حضرت فيه إلى الأزهر الشريف، وكان يدرسها غيباً متناً وشرحاً، وكان من العلماء الصالحين ،

وكان إذا دخل قبة سيدنا الحسين –رضى الله تعالى عنه- يحصل له حال خشوع عجيب، كأنه يشاهده وينزل عليه عرق كثير، وكنت أدرس عليه شرح ابن عقيل على ألفية بن مالك ، وفى ليلة من الليالى رأيت النبى –صلى الله عليه وآله وسلم- فى النوم وكان يحدثنى فى مسألة علمية أخطأت فيها ، فغضب النبى –صلى الله عليه وآله وسلم- وقال لى: ” يا ولد ” وذلك ضمن كلام يطول، فلما أصبحت وحضرت فى الدرس قلت فى نفسى وأنا جالس : يقول النبى –صلى الله عليه وآله وسلم- : يا ولد ، فهل أنا صغير؟ فالتفت إلىَّ الشيخ – وهو يدرس – وقال: إنما قلنا لك يا ولد كعادة العرب لا لأنك صغير ،

وأمثال هذا الشيخ عند الصوفية يسمون أرباب القلوب، ولعلهم أن يكونوا من المحدثين الذين منهم سيدنا عمر –رضى الله تعالى عنه- كما فى حديث البخارى.ومنهم الشيخ حسن مدكور ، والشيخ عبد الرحمن عليش ، والشيخ محمد أبو القاسم الحجازى ، والشيخ عبد الحى الكتانى، والشيخ أبو الخير الميدانى شيخ علماء سوريا، والشيخ أحمد الشريف الغمارى ،

وأخوه الشيخ عبد الله الغمارى ، والشيخ على أدهم المالكى السودانى ، والشيخ حسن المشاط من علماء مكة المكرمة، والشيخ مصطفى صفوت، والشيخ عبد الحليم إبراهيم ، والشيخ أبو يوسف ، والشيخ محمد الحلبى ، والسيد عبد الخالق الشبراوى، والشيخ محمد عطية البقلى ، والشيخ محمد حسنين مخلوف العدوى المالكى، والشيخ محمد العنانى شيخ السادة المالكية ، والشيخ الدليشنى، والشيخ سلامة العزامى، والشيخ صادق العدوى، والشيخ أحمد وديدى من بلدة رومى بالسودان، والشيخ على محمد إمام وخطيب مسجد دنقلا، والشيخ حسن أفندى، والشيخ على بن عوف، والشيخ أحمد النجار المدرسان بمسجد دنقلا-رحمهم الله – وغيرهم من المشايخ بالأزهر الشريف.

هذه الكوكبة من العلماء العاملين العارفين كان لها عظيم الأثر فى سعة علم الشيخ –رضى الله تعالى عنه

– مع ما وهبه الله من ذكاء وقوة حافظة، فأكب الشيخ على دروسه وجاهد وثابر حتى نال الشهادتين العالية والعالمية من الأزهر الشريف ،

ثم أصبح صاحب حلقة ومدرساً بالأزهر الشريف.أما قصة تعيين الشيخ –رضى الله تعالى عنه- مدرساً بالجامع الأزهر الشريف فهى جديرة بأن تروى لما فيها من دليل ساطع على موهبة الشيخ العلمية ، ومحبته للعلم وشيوخه ، يحدثنا عنها الأستاذ الدكتور محمد رجب البيومى

فيقول:ومن مواقف الشيخ التى بلغ التأثير فيها روعته موقفه فى رثاء أستاذه الكبير الشيخ يوسف الدجوى –رضى الله تعالى عنه- فقد كنا طلاباً فى كلية اللغة العربية ،

ونادى الناعى معلناً بوفاة الشيخ الكبير ومحدداً ميعاد الجنازة فسارعت إلى توديعه ، وكان المشهد مؤثراً ، تتقدمه جماعة كبار العلماء ، برئاسة أستاذهم الأكبر الشيخ مصطفى عبد الرازق (شيخ الأزهر فى ذلك الوقت)

وحين بلغ الموكب فيها نهايته عند القبر انتفض الشيخ صالح الجعفرى خطيباً يرثى أستاذه فبدأ مرثيته مستشهداً بقول رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم- : ( إن الله تعالى لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ،

ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ، حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا) ثم أفاض فى إيضاح منزلة العالم الفقيد وأشاد ببعض مواقفه الجريئة أمام المبتدعة والملاحدة ،

وكان جلال الموقف ورهبة المناسبة واحتشاد الجموع مما جعل نفس الراثى ممتداً يتسع ويتدفق ويجيش ، وكان لصوته الحزين هزة تحرك النفوس وتعصف بالألباب،

وما أن انتهى الخطيب من مرثيته حتى سأل عنه الأستاذ الأكبر معجباً ، ثم بادر بتعيينه مدرساً بالجامع الأزهر .ومنذ ذلك الوقت بدأ الشيخ –رضى الله تعالى عنه- يلقى دروسه بالجامع الأزهر الشريف ،

وقد أشربت نفسه حب العلم اقتداءاً برسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم- يقول شيخنا –رضى الله تعالى عنه : وكان –صلى الله عليه وآله وسلم- يرشد الناس بالدروس العلمية وبالقرآن العظيم ،

وقد تبعه شيخنا السيد أحمد بن إدريس –رضى الله تعالى عنه- فى ذلك فكان يرشد الناس بالقرآن الكريم والعلم، واستمر على ذلك حتى لقى ربه ،

وقد سألت الله –تعالى- أن يوفقنى إلى ما كان عليه شيخنا العالم السيد أحمد بن إدريس صاحب العلم النفيس رضى الله تعالى عنه.أما عن حلقة درس شيخنا الإمام الشيخ صالح الجعفرى –رضى الله تعالى عنه- فإن خير من يحدثنا عنها هو نجله وخليفته سيدى الشيخ عبد الغنى صالح الجعفرى –حفظه الله

– فيقول: وكانت حلقة درسه الشهيرة بعد صلاة الجمعة بالأزهر الشريف جامعة إسلامية صوفية تعمقت فيها أصول الدين والشريعة علماً، وكانت فيها أصول روحانية التصوف تربية، فكانت مظهراً للحقيقة الصوفية،

وكان منهجه : أدبنى ربى فأحسن تأديبى ، بما ورثه من هدى نبوى عظيم ، من الدوحة المحمدية الطاهرة نسباً، العظيمة أثراً ، نفخ فيها الإيمان من روحه ، فخلصت خلوص الزهد والورع والتقوى والصلاح، وسطعت سطوع الهدى وصفت صفاء الفطرة ، التى تبلورت فيها محمدية الإسلام الموروثة ،

وصوفية الصفاء الموهوبة ، فصار –رضى الله تعالى عنه- لساناً لهادية الخلق، ففى دنيانا فجر للناس من ينابيع الحكمة وكنوز العلم والمعرفة وأسرار القرآن الكريم ، فجاء بالجديد والغريب من التفسير الذى لم يسبقه إليه الأوائل ؛ ذلك لأنه –رضى الله تعالى عنه- لم يكن يملك عقلاً مكتسباً،

وإنما كان يملك عقلاً موهوباً ملهماً من الله – عز وجل – مقتدياً برسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم- فكان يعطى من كنوز عقله ، ومواهب فكره ، وفيوضات قلبه ، وروحانية روحه ، ومن إنسانية نفسه ، فكان يخاطب الخواطر والضمائر ، ويجيب على تساؤلات العقول ، وهواجس النفس ، فكانت حلقة درسه جامعة إسلامية ، علمية المذهب ، صوفية المشرب ، تربط بين الشريعة والحقيقة ، والظاهر والباطن، والنفس والروح، والعقل والخاطر

والد الشيخ صالح الجعفري
65 2
654321
201102136291171
avatars 000193846650 70vlag
يارب 48

شعره

يرى بعض النقاد أن للجعفري أربع مراحل في حياته الأدبية، الأولى من الولادة إلى 1925 وفيها كتب أولى قصائده. والثانية من 1925 حتى 1935 وفيها برز نشاطه الثقافي ونشر فيها رباعياته المتميزة وموشحاته. والثالثة من 1935 حتى 1956 وساد فيها صمته وتفرغه لتعليم الجيل الجديد. والرابعة من 1956 حتى 1979 وفيها انتقل إلى بغداد وعاد إلى كتابة الشعر.
ذكره عبد العزيز البابطين في معجمه وقال عنه “نظم القصيدة والموشحة، ونوّع في أوزان القصائد بما يناسب موضوعها، كما تبنى مواقف اجتماعية تنتصر للعصرية، وبخاصة في قضية المرأة والحجاب، وله شعر وطني، وصوفي، وغزل رمزي، وقد كتب المزدوج والمثلث والرباعية، أما قصائده الموحدة القافية فقد يميل بعضها إلى الطول، وفي هذا دليل على تمكنه اللغوي واقتداره على تصريف المعاني

السيرة العلمية:

وفد الشيخ -رحمه الله تعالى- إلى «مصر»، ليتلقى العلوم بالأزهر الشريف، وقد كان حضوره إلى «مصر» للالتحاق بالأزهر بإشارة من شيخه سيدي عبد العالي، وعن ذلك يحدثنا الشيخ -رضي الله تعالى عنه- فيقول: «قبل مجيئي إلى الأزهر جاء أحد أهل البلد، بأول جزء من «شرح النووي على صحيح مسلم»، فاستعرته منه وصرت أذاكر فيه، فرأيت في منامي سيدي عبد العالي الإدريسي -رضي الله تعالى عنه- جالسًا على كرسي، وبجواره زاد السفر، وسمع من يقول: إن السيد يريد السفر إلى مصر، إلى الأزهر، فجئت وسلمت عليه، وقبّلت يده، فقال لي مع حدة: العلم يؤخذ من صدور الرجال لا من الكتب، وكررها، فاستيقظت من منامي، وقد ألهمني ربي السفر إلى الأزهر».

وقد تلقى العلم بالأزهر الشريف، على يد نخبة من كبار العلماء العاملين، وحصل على الشهادة العالية والعالمية، مع إجازة التخصص في التدريس من كلية الشريعة الإسلامية.

من شيوخه:

* الشيخ يوسف الدجوي رحمه الله، الذي يقول عنه الشيخ صالح رضي الله عنه: «وكان من العلماء العارفين، وقد لازمت درسه بعد صلاة الصبح بالجامع الأزهر الشريف، بالرواق العباسي سبع سنين، وكان السيد الحسن الإدريسي إذا جاء من السودان يلقاني في درسه وبعد الدرس يسلم على الشيخ، فيفرح فرحًا عظيمًا، فيقول: السيد أحمد بن إدريس قطب، لا كالأقطاب».

وقد حضر عليه التفسير من سورة محمد- صلى الله عليه وآله وسلم- إلى آخر سورة الناس، ثم شرح «البخاري» بعده، ثم ذكر الشيخ صالح: أنه كان يحفظ القرآن الكريم بالتجويد والقراءات، ويذكر أقوال المفسرين، ويعرب الآية إعرابًا دقيقًا، ويبين الألفاظ اللغوية فيها، ويتعرض للأحكام الفقهية على المذاهب، وكان يقرأ الحديث بالسند، ويترجم لرجاله ترجمة طريفة، ويذكر أقوالًا كثيرة قيّمة في أدلة التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ذكر أكثرها في مجلة الأزهر، المسماة وقتها: «نور الإسلام».

* الشيخ علي الشايب.

* الشيخ محمد بخيت المطيعي.

* الشيخ محمد حبيب الله الشنقيطي.

* الشيخ حسن مدكور.

* الشيخ عبد الرحمن عليش.

* الشيخ محمد أبو القاسم الحجازي.

* الشيخ عبد الحي الكتاني.

* الشيخ أبو الخير الميداني، شيخ علماء سوريا.

* الشيخ أحمد الشريف الغماري.

* الشيخ عبد الله الغماري.

* الشيخ علي أدهم المالكي السوداني.

* الشيخ حسن المشاط، من علماء «مكة المكرمة».

* الشيخ مصطفى صفوت.

* الشيخ عبد الحليم إبراهيم.

ا*لشيخ أبو يوسف.

* الشيخ محمد الحلبي.

* السيد عبد الخالق الشبراوي.

* الشيخ محمد عطية البقلي.

* الشيخ محمد حسنين مخلوف العدوي المالكي.

* الشيخ محمد حسنين مخلوف العدوي المالكي.

* الشيخ الدليشني.

* الشيخ سلامة العزامي.

* الشيخ صادق العدوي.

* الشيخ أحمد وديدي، من بلدة «رومى» بـ«السودان».

*الشيخ علي محمد، إمام وخطيب مسجد «دنقلة».

* الشيخ سيد حسن أفندي.

* الشيخ علي بن عوف.

* الشيخ أحمد النجار.

هذه الكوكبة من العلماء العاملين العارفين، كان لهم عظيم الأثر في سعة علم الشيخ -رضي الله تعالى عنه- مع ما وهبه الله من ذكاء وقوة حافظة، فأكب الشيخ على دروسه وجاهد وثابر حتى نال الشهادتين العالية والعالمية من الأزهر الشريف، ثم أصبح صاحب حلقة ومدرسًا بالأزهر الشري

تلاميذه:

* السيد محمد علوي المالكي.

* الأستاذ الدكتور علي جمعة.

* مسند الإسكندرية: الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد الباعث الكتاني.

* الأستاذ الدكتور سعد سعد جاويش.

جهوده العلمية:

عُين الشيخ مدرسًا بالجامع الأزهر الشريف، أما قصة تعيينه فيحدثنا عنها الأستاذ الدكتور محمد رجب البيومي، فيقول: «ومن مواقف الشيخ التي بلغ التأثير فيها روعته، موقفه في رثاء أستاذه الكبير الشيخ يوسف الدجوي -رضي الله تعالى عنه- فقد كنّا طلابًا في كلية اللغة العربية، ونادى الناعي منذرًا بوفاة الشيخ الكبير ومحددًا ميعاد الجنازة، فسارعت إلى توديعه، وكان المشهد مؤثرًا، تتقدمه جماعة كبار العلماء، برئاسة أستاذه الأكبر الشيخ مصطفى عبد الرازق -شيخ الأزهر في ذلك الوقت- وحين بلغ الموكب فيها نهايته عند القبر، انتفض الشيخ صالح الجعفري خطيبًا، يرثي أستاذه فبدأ مرثيته، مستشهدًا بقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن الله تعالى لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالم، اتخذ الناس رؤساء جهالًا، فسألوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا»، ثم أفاض في إيضاح منزلة العالم الفقيد، وأشاد ببعض مواقفه الجريئة أمام المبتدعة والملاحدة، وكان جلال الموقف، ورهبة المناسبة، واحتشاد الجموع، مما جعل نفس الراثي ممتدًّا يتسع ويتدفق ويجيش، وكان لصوته هزة تحرك النفوس، وتعصف بالألباب، وما أن انتهى الخطيب من مرثيته حتى يسأل عنه الأستاذ الأكبر معجبًا، ثم بادر بتعيينه مدرسًا بالجامع الأزهر».

ومن ساعتها بدأ الشيخ في إلقاء الدروس والخطب بالجامع الأزهر الشريف، وكان -رضي الله تعالى عنه- يقول: «كان صلى الله عليه وآله وسلم يرشد الناس بالدروس العلمية وبالقرآن العظيم، وقد تبعه شيخنا السيد أحمد بن إدريس -رضي الله تعالى عنه- في ذلك، فكان يرشد الناس بالقرآن الكريم والعلم، واستمر على ذلك حتى لقي ربه، وقد سألت الله تعالى أن يوفقني إلى ما كان عليه شيخنا العالم السيد أحمد بن إدريس صاحب العلم النفيس، رضي الله تعالى عنه.

فعلى جميع إخواني أن يسعدوني بحضور الدروس العلمية، وأن يحفظوا شيئًا من القرآن الكريم، فما عندنا إلا الدروس وحفظ القرآن، فأعينوني بعلو همتكم، فما جمعتكم إلا على هذا الدرس، الذي فيه تفسير القرآن وتلاوته، فالعبادة لله وحده، والعلماء هم الوارثون المرشدون».

ومن ثمَّ اتخذ الشيخ من الأزهر الشريف وطنًا لا يفارقه إلا لأوجب الواجبات وألزم الضروريات كالحج مثلًا، أو لزيارة أهل بيت المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، وقد اتخذ من «رواق المغاربة» خلوة يخلو فيها بنفسه، ويذكر الله تعالى بالقرآن الكريم والذكر القويم: استغفارًا وتسبيحًا وتهليلًا وتكبيرًا وصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويطالع العلم وينشره، ويتفكر فى آيات الله تعالى: إنسانية وكونية وقرآنية، ويستنطق الأكوان، ويستلهم فيض القرآن، ويحقق الخبر، ويلتزم الأثر، عالي الهمة ، بالغ القمة، متحدثًا بالنعمة.

وقد ذكر فضيلة الشيخ علي جمعة، مفتي الديار المصرية، أنه حضر عند العلامة الشيخ صالح الجعفري مرة، وقــد سُـئِـل عن مسألة من الفقه، فأجاب عنها، ثـم قال: «الحمد لله الذي حفظ علينا العلم، منذ أربعين سنة لم يسألني أحد عن هذه المسألة!».

دروس ومحاضرات:

كان للشيخ الإمام حلقة درس بعد صلاة الجمعة بالأزهر الشريف، وقد كانت جامعة إسلامية صوفية، تعمقت فيها أصول الدين والشريعة علمًا،

وتأكدت فيها أصول روحانية التصوف تربية، فكانت مظهرًا للحقيقة الصوفية، وكان منهجه: «أدبني ربي فأحسن تأديبي»، بما ورثه من هدي نبوي عظيم، من الدوحة المحمدية الطاهرة نسبًا، العظيمة أثرًا، نفخ فيها الإيمان من روحه، فخلصت خلوص الزهد والورع والتقوى والصلاح، وسطعت سطوع الهدى، وصفت صفاء الفطرة، التي تبلورت فيها محمدية الإسلام الموروثة، وصوفية الصفاء الموهوبة، فصار -رضي الله تعالى عنه- لسانًا لهداية الخلق، ففي دنيانا فجّر للناس من ينابيع الحكمة وكنوز العلم والمعرفة وأسرار القرآن الكريم، فجاء بالجديد والغريب من التفسير الذي لم يسبقه إليه سابق، ذلك لأنه -رضي الله تعالى عنه- لم يكن يملك عقلًا مكتسبًا، وإنما كان يملك عقلًا موهوبًا ملهَمًا من الله -عز وجل- مقتديًا برسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فكان يعطي من كنوز عقله، ومواهب فكره، وفيوضات قلبه، وروحانيات روحه، ومن إنسانية نفسه، وكان يخاطب الخواطر والضمائر، ويجيب على تساؤلات العقول، وهواجس النفوس، فكانت حلقة درسه جامعة إسلامية، علمية المذهب، صوفية المشرب، تربط بين الشريعة والحقيقة، والظاهر والباطن، والنفس والروح، والعقل والخاطر.

وعن نفس هذا المعنى يحدثنا أحد العلماء الصالحين، الذين أحبوا الشيخ -رضي الله تعالى عنه- وحضروا دروسه، وهو الشيخ أحمد عبد الجواد الدومي -مدير الوعظ الأسبق بالقاهرة، رحمه الله تعالى وغفر له- فيقول في كلمته التي ألقاها في الاحتفال بمولد الشيخ -رضي الله تعالى عنه- سنة 1403هـ:

«دخلت يومًا مسجد الأزهر، كنت في صباح ذلك اليوم أقرأ في سورة الكهف، فلما وصلت إلى قوله تعالى: {وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد}، أردت أن أعرف معنى كلمة «الوصيد».

ولما هممت أن آتي بالمصحف المفسر لأكشف عن معناها، تذكرت أنني أقيم في مكان بعيد، فقلت في نفسي: أذهب لألقي درسي، ثم إذا عدت إلى البيت أكشف عن معنى هذه الكلمة، وكان شيخنا -الشيخ صالح الجعفري- يلقي الدرس من الظهر إلى العصر كعادته، فدخلت عليه وجلست في حلقته، وبينما يسير الدرس سيرًا متصلًا بتفسير آية من القرآن الكريم -ليست من سورة الكهف- سكت الشيخ، فقلت: ماذا يقصد شيخنا بقطع درسه؟ ثم أخذ الشيخ يقرأ آيات مرتلة من سورة الكهف، إلى أن وصل إلى قوله تعالى: (وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد)، وعند ذلك قال الشيخ: إن الكلب بسط يديه على هيئة كذا وكذا، والوصيد هو الفناء .. نعود بعد ذلك إلى درسنا يا أحباب!! فقلت في نفسي: جزاك الله تعالى خيرًا .. وهذا من نور الله».

التصوف في حياته:

أخذ الشيخ -رضي الله عنه- طريقة الشيخ أحمد بن إدريس -رضي الله تعالى عنه- عن سيدي محمد الشريف -رضي الله تعالى عنه- ويحدثنا عن ذلك، فيقول:

«وقد أجازني بهذا الطريق شيخي وأستاذي مربي المريدين الشريف السيد محمد عبد العالي، عن والده سيدي عبد العالي، عن شيخه العلاّمة السيد محمد بن علي السنوسي، عن شيخه العارف بالله تعالى السيد أحمد بن إدريس رضي الله تعالى عنه».

وقد ألِفَه الناسُ مربيًا صوفيًّا، يخلو بأبنائه ومريديه، يتحدث معهم في قضاياهم ومشاكلهم، وكان لفضيلته حضرة صوفية عذبة المنهل كل ليلة إثنين وجمعة، يؤمها نفر كريم من الأحباب والمريدين، يذكرون الله فيها، ويمدحون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

قال عن التصوف:

اعلم أن طريقنا هذا مبني على الكتاب والسنة، وفقه المذاهب الأربعة، وعقيدة الأشعري في التوحيد، وأبي القاسم الجنيد في التصوف رضي الله تعالى عنهم أجمعين، وعليك بالإعراض عن كل ما يخالف ذلك؛ فإنه ليس من طريقنا.

قالوا عنه:

قال العلامة المحدث السيد عبد الله بن الصديق الغماري في «سبيل التوفيق»: «والشيخ صالح الجعفري رحمه الله، حج اثنتين وخمسين مرة، وكان من الصالحين، له كرامات ومكاشفات».

قال فضيلة الدكتور محمد رجب البيومي في كتابه «رسالة مسجد»، متحدثًا عن الشيخ رضي الله عنه: «كم للشيخ في ساحات درسه من وثبات وجدانية لا ندري من أين جاءت، فقد قرأنا ما يقرأ الناس من كتب تفسير وصحائف حديث».

مسجد صالح الجعفري.. رحاب الصوفية الفسيح

هناك أكثر من 80 مسجدا تشبه تصميم مسجد سيدى صالح فى الشكل وتحمل أيضا اسمه بناها تلاميذه من مختلف المحافظات على غرار مسجده الذى بناه بنفسه، وأتم بنيانه فى حياته، وخصص منه مكانا ليدفن به فى نفس مكان المقام الموجود حاليا.

وللشيخ صالح الجعفرى مولد يقام أول خميس من شهر رجب من كل عام، يحتفل فيه تلاميذه بتنظيم حلقات المدح النبوى وبعض حلقات العلم، حيث يقول “الشيخ أشرف”، لقد كان الشيخ إمام الأزهر وحامى حمى الشريعة حيث كان دائما يقول سيدى صالح: “ما عندنا لهو ولا غرور.. ولا خرافات ولا ظهور.. بل عندنا الله هو المقصود.. الواحد الموجود والمعبود”.

يمثل مسجد صالح الجعفري مركزا رئيسا للطريقة التي أقامت عشرات الفروع في مختلف أنحاء مصر، كما أقامت مركزا جعفريا بكل من ليبيا وماليزيا، وينشغل أعضاؤها بنشاط ديني متنوع، كالاحتفال بالمناسبات الدينية وموالد أهل البيت النبوي، وتنظيم رحلات الحج والعمرة، وبالطبع تحتفل الطريقة سنويا بمولد مؤسسها صالح الجعفري في الخميس الأول من شهر رجب، حيث تقام حلقات الذكر، والإنشاد الديني، والحضرة الجعفرية بجوار الضريح.

الطريقة الجعفرية، واحدة من عشرات الطرق الصوفية المنتشرة بمصر، التي ينضوي معظمها تحت راية المجلس الأعلى للطرق الصوفية، وهو هيئة تضم الطرق المسجلة رسميا، وهي نحو 70 طريقة، تتفرع كلها عن عدد من الطرق الكبرى أهمها: الطريقة الرفاعية، وينتشر أتباعها في مصر والعراق وغرب آسيا، ونسبتها إلى الإمام أبي العباس بن أحمد الرفاعي، ولد ومات ودفن في العراق، ويحمل اسمه المسجد الشهير بميدان صلاح الدين، الذي يضم تحت قبته ضريح الشيخ علي الشباك أحد تلاميذ الرفاعي.

ومنها أيضا الطريقة الأحمدية البدوية، نسبة إلى شيخ العرب أحمد البدوي، صاحب الضريح المشهور بطنطا، وقد انتشرت الطريقة في ليبيا والسودان وتركيا وعدد من البلاد الأوروبية. ومنها الطريقة الشاذلية، نسبة إلى أبي الحسن الشاذلي المغربي، وضريحه في وادي حميثرة بصحراء عيذاب، ويقصده كل عام آلاف من أهل الصعيد، يوم عرفة، ممن لم يستطيعوا الذهاب إلى الحج.

وكذلك منها الطريقة الختمية، نسبة إلى مؤسسها محمد عثمان الميرغني الختم، ويمتد انتشارها إلى السودان والنيجر والجزائر والمغرب، وشرق وغرب إفريقيا. ومنها أيضا الطريقة البرهانية الدسوقية، نسبة إلى إبراهيم الدسوقي، صاحب الضريح المشهور بمحافظة كفر الشيخ.

ينظم القانون رقم 118 لسنة 1976 عمل الطرق الصوفية ومجلسها الأعلى، ويبين دورها متمثلا في التربية الدينية والروحية بما يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية، وأناط القانون بالمجلس الأعلى الإشراف العام على النشاط الصوفي في البلاد، والموافقة على إنشاء الطرق الجديدة، ورفض أو حظر نشاط الأشخاص والمجموعات غير المسجلة رسميا، والموافقة على تعيين وتأديب وعزل مشايخ الطرق ووكلائهم، والإشراف على الأضرحة والزوايا التي ليس لها أوقاف.

ويتشكل المجلس الأعلى من 10 أعضاء ينتخبون من قبل الجمعية العمومية لمشايخ الطرق، ويضم كذلك ممثلا عن الأزهر يختاره شيخ الأزهر، وممثلا عن الأوقاف يختاره الوزير، وممثلا عن وزارة الداخلية وآخر عن وزارة الثقافة، أما شيخ المشايخ رئيس المجلس فيعين بقرار من رئيس الجمهورية.

ويعتبر شيخ مشايخ الطرق وأعضاء المجلس الأعلى رأس الهرم الإداري للطرق في مصر، يليهم مشايخ الطرق، حيث يتولى كل شيخ إدارة طريقته، والإشراف على شؤونها، يليهم إداريا وكلاء المشيخة العامة، وهم منتشرون في كل المحافظات والمراكز، وينسقون مع الجهات الحكومية لتنظيم الاحتفالات والموالد، يليهم النواب، حيث لكل شيخ نوابه الذين ينشرون طريقته بين الأتباع، ثم الخلفاء، ويقع على عاتقهم تنظيم نشاط الطريقة في أحياء أو مساجد محددة، ثم النقباء، ومهمتهم خدمة النشاط العام لأعضاء الطرق، وأخيرا المريدون، وهم الأغلبية الساحقة من الأتباع.

ولا يحظى تمويل الطرق الصوفية بالشفافية الكافية، والمعلن أن أموال الطرق تأتي من تبرعات الأعضاء، وبعض رجال الأعمال، وما ترصده الدولة من مخصصات، أهمها نسبة 10% من أموال صناديق النذور، التي قررها قانون تنظيم الطرق، وتدخل في موازنة المجلس الأعلى.

وتمثل الأضرحة التي تضم قبور آل البيت النبوي وكبار الصالحين والأولياء ركيزة كبرى لدى جميع الطرق الصوفية، فمعظم النشاط الصوفي يدور حول الاحتفال بموالد أصحاب الأضرحة، بالتجمع حولها وتزيينها بالأنوار والأعلام، وجذب الزوار الذين يلقون أموالهم بسخاء في صناديق النذور الملحقة بالأضرحة.

وربما لا نملك حصرا دقيقا بعدد الأضرحة وقباب الأولياء، لكن بعض الدارسين للشأن الصوفي يقدرونها بنحو 6 آلاف ضريح، يشتهر منها نحو ألف، من بينها 294 ضريحا في القاهرة، من أشهرها على الإطلاق ضريح الإمام الحسين، والسيدة زينب، والسيدة نفيسة. أما أشهر الأضرحة في المحافظات، فيمثلها السيد البدوي في طنطا، وإبراهيم الدسوقي في كفر الشيخ، وأبي العباس المرسي في الإسكندرية، وأبو الحجاج الأقصري في الأقصر، وعبد الرحيم القنائي في قنا.

وبعد ثورة يناير، تعرضت بعض الأضرحة للاعتداء والحرق من المتشددين، وزادت وتيرة هذه الاعتداءات مع صعود نفوذ التيارات المتطرفة في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، حيث اتهم القيادي الصوفي الشيخ علاء أبو العزايم من سماهم بـ”المتشددين السلفيين” بالوقوف وراء هذه الاعتداءات دون أن يسمي أشخاصا أو جماعات، ووصل الأمر في الأشهر الأخيرة من عهد الإخوان إلى درجة إعلان الشيخ عبد الخالق الشبراوي شيخ الطريقة الشبراوية تشكيل ما سماه “الصوفية الجهادية” لحماية الأضرحة من الاعتداءات، بسبب التقصير الأمني في حمايتها، مؤكدا أن مجموعات أمنية صوفية على استعداد للتدخل والرد على أي عدوان – حتى وإن كان مسلحا- على أي مقام من مقامات آل البيت أو أضرحة الأولياء في مصر، لاسيما بعد تصريحات القيادي الإخواني عبد الرحمن البر، المعروف بمفتي الجماعة بضرورة تحرير مصر من “فكر المقامات”.. وبالطبع لم تأخذ هذه الفكرة طريقها إلى التنفيذ، بسبب ثورة 30 يونيو والإطاحة بحكم الجماعة.

الحصيلة الرسمية لصناديق النذور في الأضرحة المسجلة تقترب من 10 ملايين جنيه سنويا، لكن من المؤكد أن ملايين أخرى تذهب إلى أضرحة غير مسجلة، وبعضها وهمي، أي مجرد قبة، وشاهد قبر لم يدفن فيه أحد، لاسيما تلك الأضرحة التي لا تشرف عليها وزارة الأوقاف، وتتبع مباشرة للمجلس الأعلى للطرق، خاصة أنه من النادر أن تخلو قرية مصرية من ضريح أو ضريحين، وبعض القرى تضم عشرات الأضرحة والقباب.

في شهر إبريل عام 1979، رحل الشيخ صالح الجعفري، مؤسس الطريقة الجعفرية، فبايع أتباع الطريقة ابنه الأكبر الشيخ عبد الغني الجعفري، وفق تقليد منصوص عليه في قانون تنظيم الطرق الصوفية، يجعل الأولوية في تولي مشيخة الطريقة للابن الأكبر، وكان الشيخ عبد الغني موظفا في سلك التعليم والتربية في السودان، إلى جانب اشتغاله بالعمل العام، فلما توفى أبوه، استقال من الوظائف العامة، وجاء إلى مصر متفرغا لشؤون الطريقة الجعفرية، حتى وفاته في 20 يوليو عام 2012، حيث تولى نجله الأكبر محمد صالح عبد الغني الجعفري مشيخة الطريقة.

ترى الطريقة الجعفرية أن الإنشاد الديني، ومديح النبي محمد وآل بيته، هو أفضل السبل لتهذيب النفس والقرب من الله، ويعتمد أبناء الطريقة في حلقاتهم بشكل رئيس على الأشعار التي وضعها مؤسس الطريقة، والتي يضمها “الديوان الجعفري”، وهو مجموعة كبيرة من قصائد المديح والزهد والدعوة إلى السمو الروحي والأخلاقي.

وتتعانق مآذن مسجد صالح الجعفري مع مآذن الجامع الأزهر، حيث تكونت الطريقة الجعفرية، وأيضا تتعانق مع مآذن مسجد الحسين حيث ينتهي نسب مؤسس الطريقة، كما تجاور مقر المجلس الأعلى للطرق، الذي لا يتجاوز مجرد شقة صغيرة بأحد عمائر حي الحسين، وهو أمر يثير التعجب، لذا يطالب كثير من المشايخ ببناء مقر جديد يليق بالمشيخة العامة.

1 7
2 6
download
images
الشيخ صالح الجعفري
1
1 7 1
2
3
21
98
21 1
65 1
98 1
Capture

ما هي الكيفية الصحيحة للصلاة في المذهب الجعفري ؟

فيما يلي نُبيِّن كيفية الصلاة و نقتصر على بيان الواجبات دون ذكر المستحبات :

واجبات الصلاة

1. النيّة :

أي القصد و العزم على إتيان صلاة مُعيَّنة أداءً أو قضاءً لوجوبها قربة إلى الله تعالى ، و لا يلزم التلفُّظ بالنية ، و لا بُدَّ أن تستمر هذه النية حتى الانتهاء من الصلاة .

2. تكبيرة الإحرام :

و بها يدخُل المُصلي في صلاته ، و تكبيرة الإحرام هي أن يقول المُصلي : ” الله أكبر ” ، و يجب الاستقرار البدني عند التلفظ بها .

3. القراءة :

تجب قراءة سورة الحمد و سورة أخرى معها _ حال القيام _ في الركعة الأولى و الثانية من كل صلاةٍ ، و يتخير المُصلي في الركعة الثالثة و الرابعة بين قراءة سورة الحمد وحدها ، و بين التسبيحات الأربع ، و هي : ـ سبحان الله ، و الحمد لله ، و لا إله إلاّ الله ، و الله أكبر _ يكررها ثلاث مرات جمعاً بين الواجب و المستحب _ .
و يجب تعلُّم القراءة الصحيحة و تلفُّظ الحروف و الحركات بشكل صحيح ، كما و يجب على الرجال الإخفات في القراءة في صلاة الظهر و العصر ، و الجهر فيها في صلاة الصبح و المغرب و العشاء ، أمّا النساء فيجوز لهنّ الإخفات في مواضع الجهر .
و يجب الإخفات عند قراءة التسبيحات و كذلك إذا قُرِئَتْ سورة الحمد بدلاً منها .

4. الركوع :

و هو الإنحناء بعد إتمام القراءة ، و يجب أن يكون الإنحناء بمقدار تصل أطراف الأصابع إلى الركبة , و يجب أن يقول المُصلي حال الركوع : سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وَ بِحَمْدِهِ ، أو يقول : سبحان الله ، سبحان الله ، سبحان الله ، ثم يستوي قائماً و يصبر قليلاً و هو منتصب قبل أن يهوي إلى السجود .

5. السجود :

و هو وضع المساجد السبعة على الأرض ، و المواضع السبعة هِيَ : الْجَبْهَةُ ، وَ الْكَفَّانِ ، وَ الرُّكْبَتَانِ ، وَ الْإِبْهَامَانِ _ إبهامي القدمين _ ، و يجب على المُصلِّي أن يقول : سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى وَ بِحَمْدِهِ ، أو يقول : سبحان الله ، سبحان الله ، سبحان الله ، ثم يرفع رأسه من السجدة الأولى و يجلس قليلاً ، ثم يسجد مرة أخرى في كل ركعة من صلاته ، و لا بُدَّ من وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه ، و هو الأرض أو النبات عدا المأكول و الملبوس .

6. التشهُّد :

بعد الانتهاء من السجدة الثانية في الركعة الثانية على المُصلِّي الجلوس للتشهد ، و هو أن يقول : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، و أشهد أنّ محمداً عبدُهُ و رسوله ، اللهم صلِّ على محمد و آل محمد ، فإن كانت صلاته ثنائية أتى بالتسليم ، و إلاّ أكمل صلاته .

7. التسليم :

و هو أن يقول : السلام عليك أيّها النبي و رحمة الله و بركاته ، السلام علينا و على عباد الله الصالحين ، السلام عليكم و رحمة الله و بركاته _ جمعاً بين الواجب و المستحب _ ، و به تنتهي صلاته .
أما إذا كانت الصلاة ثلاثية كصلاة المغرب ، أو رباعية كالظهر و العصر و العشاء قام المُصلي بعد التشهد ليُكمِلَ صلاته .
و لمزيد من التفصيل و معرفة أحكام الصلاة يمكنك مراجعة الرسائل العملية لمراجع التقليد .

وفاته:

عاش الشيخ رضي الله تعالى عنه إحدى وسبعين سنة لم يغفل فيها عن ذكر الله تعالى، والدعوة إليه، واتباع سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم،

وخدمة الإسلام والمسلمين، حتى لقي ربه راضيًا مرضيًّا في مساء يوم الإثنين الثامن عشر من جمادى الأولى سنة 1399هـ، ودُفن في ضريحه العامر بالأنوار بجوار مسجده في قلب «القاهرة»، و

على جبل الدراسة الأشم، بجوار حديقة الخالدين، يتعانق مسجده المبارك مع مسجد جده مولانا الإمام الحسين رضى الله تعالى عنه، ومع مآذن الأزهر الشريف منارة العلم.