شبكة جواسيس أمريكية في العراق وسوريا أوقعت بسليماني في بغداد

202011005712119V1

وصل الجنرال الإيراني قاسم سليماني إلى مطار دمشق في سيارة بزجاج داكن، مع 4 من الحرس الثوري الإيراني، وتوقفت السيارة قرب مدرج يقود إلى طائرة إيرباص “إيه -320” لشركة أجنحة الشام للطيران متجهة إلى بغداد.

ولم يُدرج اسم سليماني ولا جنوده على قوائم الركاب، حسب موظف من شركة أجنحة الشام وصف مشهد مغادرتهم من العاصمة السورية، وقال مصدر أمني عراقي مطلع على الترتيبات الأمنية لسليماني إن “القائد العسكري الإيراني تجنب استخدام طائرته الخاصة بسبب مخاوف متزايدة على أمنه الشخصي”.

وكانت تلك آخر رحلة جوية لسليماني، فقد قتلته صواريخ أطلقتها طائرة أمريكية دون طيار عند مغادرته مطار بغداد في موكب من سيارتين مدرعتين، وقتل معه أيضاً الرجل الذي استقبله في المطار، نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقية أبو مهدي المهندس، الجماعة التابعة للحكومة والتي تمثل مظلة تنضوي تحتها الفصائل المسلحة.

وقال مسؤولان أمنيان عراقيان، إن “التحقيق العراقي في الضربات التي قتلت الرجلين في 3 يناير الجاري بدأ بعد دقائق من الضربة الأمريكية، وأغلق أفراد من جهاز الأمن الوطني المطار، ومنعوا العشرات من موظفي الأمن من المغادرة، بما في ذلك أفراد الشرطة، وموظفو الجوازات، ورجال المخابرات”.

وركزت التحقيقات على كيفية تعاون أشخاص يشتبه في أنهم مخبرون داخل مطاري دمشق وبغداد مع الجيش الأمريكي لمساعدته على تتبع وتحديد موقع سليماني، حسب ما أظهرت لقاءات مع اثنين من المسؤولين الأمنيين العراقيين مطلعين بشكل مباشر على التحقيق الذي يجريه العراق، واثنين من موظفي مطار بغداد، واثنين من مسؤولي الشرطة، واثنين من موظفي شركة أجنحة الشام، شركة الطيران الخاصة في دمشق.

ويقود التحقيق مستشار الأمن الوطني العراقي ورئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، وهي الجهة التي تنسق مع فصائل عراقية معظمها شيعية، والتي يحظى عدد كبير منها بدعم إيران، ولها علاقات وثيقة بسليماني.

وقال أحد المسؤولين الأمنيين العراقيين، إن “لدى محققي جهاز الأمن الوطني مؤشرات قوية على ضلوع شبكة من الجواسيس داخل مطار بغداد، في تسريب تفاصيل أمنية بالغة الأهمية للولايات المتحدة عن وصول سليماني”.

وقال المصدر، إن “المشتبه بهم بينهم موظفان أمنيان في مطار بغداد، وموظفان في أجنحة الشام هما جاسوس بمطار دمشق، وآخر يعمل على متن الطائرة”، وأضاف أن “محققي جهاز الأمن الوطني يعتقدون أن المشتبه بهم الأربعة، الذين لم يُعتقلوا، عملوا ضمن مجموعة أوسع لإمداد الجيش الأمريكي بالمعلومات”.

وقال مسؤولا الأمن العراقيان، إن “موظفي شركة أجنحة الشام يخضعان لتحقيق تجريه المخابرات السورية”، ولم ترد إدارة المخابرات العامة السورية على طلب للتعليق.

وأضاف أحد المسؤولين العراقيين، أن “أفراداً في جهاز الأمن الوطني في بغداد يحققون مع عاملي أمن بالمطار، وهما تابعان لمديرية حماية المنشآت العراقية”، وتابع “النتائج الأولية لفريق تحقيق بغداد تشير إلى أن أول معلومة عن سليماني وردت من مطار دمشق، وكانت وظيفة خلية مطار بغداد هي تأكيد وصول الهدف، وتفاصيل موكبه”.

ولم يرد المكتب الإعلامي لجهاز المخابرات الوطني على طلبات للتعليق، كما لم ترد بعثة العراق لدى الأمم المتحدة في نيويورك، على طلب للتعليق.

وأحجمت وزارة الدفاع الأمريكية عن التعليق حول إذا كان مخبرون في العراق وسوريا قد لعبوا دوراً في الهجوم، وقال مسؤولون أمريكيون مشترطين حجب هوياتهم، إن “الولايات المتحدة كانت تتابع تحركات سليماني على مدى أيام قبل الضربة” لكنهم أحجموا عن تحديد كيف حدد الجيش موقعه في ليلة الهجوم.

وقال مدير في شركة أجنحة الشام في دمشق، إن “موظفي شركة الطيران ممنوعون من التعليق على الهجوم أو التحقيق”، وأحجم متحدث باسم سلطة الطيران المدني العراقي، التي تشغل مطارات البلاد، عن التعليق على التحقيق لكنه وصفه بأمر روتيني بعد واقعة مثل هذه تشمل مسؤولين كبار.

وهبطت طائرة سليماني في مطار بغداد في الـ 12:30 تقريباً بعد منتصف ليل 3 يناير الجاري، حسب ما أفاد اثنان من مسؤولي المطار استعانوا بصور التقطتها الكاميرات الأمنية، وخرج الجنرال وحراسه من الطائرة مباشرةً إلى أرض المطار دون المرور بالجمارك، واستقبله المهندس خارج الطائرة، واستقل الاثنان سيارة مدرعة كانت في انتظارهما.

وقال مسؤولا المطار، إن “الجنود الذين يحرسون الجنرال استقلوا سيارة كبيرة أخرى مدرعة”، وأضافا أن “السيارتين اتجهتا تحت أنظار أفراد الأمن في المطار إلى الطريق الرئيسي إلى الخارج، وأصاب أول صاروخ أمريكي سيارة سليماني والمهندس في الـ 12:55 صباحاً، وقُصفت سيارة الحرس بعدها بثوان”.

وبصفته قائداً لفيلق القدس التابع للحرس الثوري، أدار سليماني عمليات سرية في دول أجنبية وكان شخصية رئيسية في الحملة الإيرانية طويلة الأمد الرامية لإخراج القوات الأمريكية من العراق، وقضى سنوات يدير عمليات سرية، ويزرع قادة فصائل في العراق لمد النفوذ الإيراني، ومحاربة مصالح الولايات المتحدة، كما شن سراً هجمات متصاعدة على القوات الأمريكية المتمركزة في العراق بداية من أكتوبر الماضي، فضلاً عن تزويده لفصائل عراقية بأسلحة متطورة لشن الهجمات.

وأثار الهجوم على الجنرال غضباً واسع النطاق وتعهدات بالانتقام في إيران التي ردت أول أمس الأربعاء، بهجوم صاروخي على قاعدتين عسكريتين عراقيتين تستضيفان قوات أمريكية، ولم يقتل أو يصب أي أمريكيين أو عراقيين فيهما. 

وقال المسؤولان العراقيان إن “المحققين فحصوا في الساعات التالية للهجوم جميع المكالمات والرسائل النصية التي تلقاها موظفو نوبة العمل المسائية بالمطار، بحثاً عن الذي أبلغ الولايات المتحدة بتحركات سليماني”، وأضافا أن “أفراداً من جهاز الأمن الوطني استجوبوا موظفي أمن المطار وشركة أجنحة الشام على مدى ساعات”.

وقال أحد الموظفين الأمنيين إنه خضع للاستجواب 24 ساعة قبل إطلاق سراحه، واستجوبوه بدقة على مدى ساعات عن كل من كلمهم، أو تبادل معهم الرسائل النصية قبل هبوط طائرة سليماني، بما في ذلك أي طلبات غريبة مرتبطة برحلة دمشق، وصادروا هاتفه المحمول، وأضاف “سألوني مليون سؤال”