صلاة التراويح
بقلم الداعية : مهندسة بهيرة خيرالله…
هو قيام ليل رمضان …
شُرِعت جماعة فى أواخر حياة النبي صلي الله عليه وسلم – ويدل علي ذلك حديث عائشة رضي الله عنها الذي أخرجه الشيخان : أنه خرج النبي صلي الله عليه وسلم فى جوف الليلة الأولي من رمضان فصلي فى المسجد وصلي رجالٌ بصلاته ، فأصبح الناس فتحدثوا . فاجتمع أكثر منهم في الليلة الثانية فصلوا معه ، فأصبح الناس فتحدثوا . فكثر أهل المسجد فى الليلة الثالثة ، فخرج رسول الله صلي الله عليه وسلم فصلوا بصلاته . فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله ، حتي خرج صلي الله عليه وسلم لصلاة الصبح . فلما قضي الفجر أقبل علي الناس فتشهد ثم قال : ( أما بعد ، فإنه لم يَخْفَ عليّ مكانكم ، ولكني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها ) . – وزاد البخاري : فتوفي رسول الله صلي الله عليه وسلم والأمر علي ذلك .
ثم جمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه الناس فى التراويح علي إمام واحد في السنة الرابعة عشر من الهجرة ، لنحو سنتين من خلافته ؛ وكان الناس يصلون جماعات متفرقة بالمسجد ، فجمعهم علي إمامة أُبي بن كعب . ولما قيل له إنها بدعة ، قال عمر : ( نعمت البدعة هذه ) . ولم يوجد لذلك مخالفا فكان إجماعا .
ويدل علي استحبابها عدة أحاديث :
(1) حديث أبي هريرة رضي الله عنه فى الصحيحين : كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يُرغب في قيام الليل في رمضان ، من غير أن يأمر فيه بعزيمة ، فيقول : ( من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) – واتفق أهل العلم علي أن صلاة التراويح هي المرادة بالحديث .
(2) حديث عائشة رضي الله عنه فى البخاري – المذكور قبل .
(3) حديث النعمان بن البشير رضي الله عنه: قال : ( قمنا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم فى شهر رمضان ليلة 23 إلي ثلث الليل الأول . ثم قمنا معه ليلة 25 إلي نصف الليل . ثم قمنا معه ليلة 27 حتي ظننا أن لا ندرك الفلاح – يعني السحور ) .
وصلاة الصحابة بصلاة رسول الله دليل استحبابها .
(4) وقوله صلي الله عليه وسلم : ( عليكم بسُنتي وسُنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، عُضُّوا عليه بالنواجذ .. الحديث ) .
حكمها : سُنة مؤكدة عند الجمهور – للرجال والنساء – ويُسَنُّ فيها الجماعة، كما يجوز أن تصلي فرادي – وتصلي مثني مثني ، فهي تأخذ حكم صلاة الليل – وتصلي بعد سُنة العشاء وقبل الوتر . وليس في القراءة شئ مسنون فلهم أن يصلوا بطوال السور كما كان من فعل الصحابة ، ولهم أن يصلوا بقصار السور بحسب أحوال المصلين .
والخلاف في عدد ركعاتها لعدم وروده فى صلاة النبي صلي الله عليه وسلم بعددٍ مخصوص ، ولقلة الليالي التي صلوا فيها معه . والرويات في عددها زمان عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
؛ والاختلاف في عدد ركعات صلاة التراويح علي 3 مذاهب :
1) المذهب الأول : يري أن العدد الذي يتحقق به الإجزاء في صلاة التراويح إحدي عشر (11) ركعة منها ثلاثة وتر– رواية عن مالك – واختاره ابن تيمية .
والدليل : أمر عمر بن الخطاب أبي بن كعب وتميم الداري أن يقوما بالناس 11 ركعة . وقد كان يقرأ بالمئيين حتي كانوا يعتمدون علي العصي من طول القيام ولا ينصرفون إلا فى فروع الفجر .
+ وحديث عائشة : ما كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يزيد فى رمضان ولا في غيره عن إحدي عشر ركعة . وكان يصلي أربعا ، ثم يصلي أربعا ، ثم يصلي ثلاثا . قالت : ” فلا تسأل عن حُسنهنَّ ولا طولهنَّ “.. .
2) المذهب الثاني : يري أن العدد عشرون ركعة بالإضافة إلي ثلاث ركعات وتر ، فجملتها ثلاث وعشرون (23) ركعة – وهو مذهب الجمهور : مذهب الحنفية – وأحد القولين عن مالك – ومذهب الشافعية والحنابلة .
الدليل : كان الناس يقومون فى زمان عمر بثلاث وعشرين ركعة . وقيل : يحتمل أن يكون عمر قد أمرهم بـ 11 ركعة وأمرهم مع ذلك بطول القراءة . فلما ضعف الناس عن ذلك أمرهم بـ 23 ركعة علي وجه التخفيف من طول القيام .
3) المذهب الثالث : ست وثلاثون (36) ركعة – فى زمن عمر بن عبد العزيز – وهو القول المشهور عند مالك – ومذهب الشافعية في حق أهل المدينة ، وهو من فعلهم .
وقال الإمام أحمد : ” من ظن أن قيام رمضان فيه عدد مؤقت عن النبي صلي الله عليه وسلم لا يزيد فيه ولا ينقص منه فقد أخطأ ” .
وقال عبد الله بن أحمد : “رأيت أبي يصلي فى رمضان ما لا أحصي “.
وسُمٍّيت بصلاة التراويح لأنهم كانوا يطيلون القيام فيها ويجلسون بعد كل أربع ركعات للاستراحة ،وهو المتوارث عن السلف . ولعل الأصل في هذا حديث عائشة فى صفة قيام النبي ” كان يصلي أربعاً فلا تسأل عن حُسنهنَّ وطولهنَّ” .
وفي وقت أداءها :
يستحب أن تؤدي أول الليل عند الحنابلة
وذهب الحنفية والشافعية إلي استحباب تأخيرها إلي ثلث الليل أو نصفه
وذهب بعض الحنفية إلي كراهة تأخيرها إلي ما بعد منتصف الليل .
اللهم أعنَّا علي الصيام والقيام وصالح الأعمال ، وتقبله منا خالصا لوجهك الكريم يا رب العالمين …