بقلم/ أيمن بحر
تشكل ظاهرة العنف وضرب الاطفال امراًً خطيراًً اصبح يستشري في المجتمع بشكل متزايد..وفي كل يوم تطالعنا الصحف بخبر تعرض احد الاطفال الابرياء الى الضرب بالة حاده او الحرق والكي..من قبل الاهل..سواء الام او الاب او زوجة الاب او غيرهم..
وفي بعض الاحيان قد يصعقنا الخبر بوفاة الطفل نتيجة التعذيب الجسدي الذي تعرض له.. وفي تحقيقنا هذا سنركز على العنف المنزلي.. التربية اكبر امانة ..
والوالدين هما اساس التربيه وبناء مستقبل لطفلهم … ولابد من مراقبة الله ومخافته في تأديه هذه الامانه والمحافظه عليها.. واتخاذ الاسلوب المناسب في التعامل مع الطفل بالرحمة والرفق وايضا بالتفاهم والاحتواء والحوار..و مراعاة نفسية الطفل..
إن التربية الصحيحة تؤدي الى نجاح وسعادة الإنسان في حياته وتجعله إنساناً سوياً، ومنسجماً مع المجتمع، وفي المقابل فإن التربية الغيرسليمة تنمي عدم الانسجام في العائلة و المجتمع.
و تربية الأطفال والتعامل معهم تحتاج إلى خبرة ومعرفة اذ ان مرحلة الطفولة من المراحل الحساسة والتي يكون لها كبير الأثر في رسم الخطوط الأولى لشخصية الإنسان و الرفق بالاطفال يعد عاملا اساسيا في بناء اجيال ناجحة ..اسريا واجتماعيا..
ولذلك لم يترك الاسلام خيرا الا وحثنا عليه ولا شرا الا وحذرنا منه لقول رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم ( من لا يرحم لا يرحم ) ولكن !!! للأسف يتعرض غالبية الاطفال يوميا الى التعنيف من اسرهم ..سواء من قبل الاب او الام..او الاخوه..او زوجة الاب..وغيرهم. نرى ونسمع الكثير من الاباء يقومون بضرب ابنائهم بحجة تربيتهم..!! ليس هناك طريقة تربوية مفيدة تعتمد على العنف الجسدي .. فالضرب لن يجدي ولن يعدل من سلوك الطفل بل بالعكس سيزيده سوءاًً..ويولد الحقد والكراهيه .. فتعنيف الطفل قد يؤثر على نموه وتطوره الفكري والذهني والنفسي.. وهناك عواقب نفسية تلحق بالطفل نتيجة إهانته إما بالعنف الجسدي (ضربه) أو العنف اللفظي ( شتمه او الصراخ عليه ) .. يقول طبيب الاطفال الدكتور فادي شمس الدين … إن حوادث العنف التي يرتكبها الاهل ضد الأطفال مهما كانت صغيرة فإنها تترك جرحا نفسيا عميقا. والضرب يولد لدى الطفل امراض نفسيه خطيرة كالخوف والوحدة والتصرف العدواني، والاكتئاب (75 % من الاطفال الذين يتعرضون للضرب يصابون بالكآبة).. إن الطفل الذي يضرب دائماً من قبل اهله لا يستطيع أن يعتبر والديه مصدر حب وأمن وراحة وهي العناصر الحيوية لنموه . ضرب الطفل يشعره بالتحقير والذل والاهانة هذا ما يجعله احيانا يتمادى ويصر على ارتكاب الاخطاء. و معظم الأطفال الذين يتعرضون للضرب ينعكس ذلك على سلوكهم .. فيجعل منهم شخصية خجولة أو يجعل منهم شخصية عدوانية شرسة فالعنف يولد عنف وله آثار جانبية كبيرة على نفسية الأطفال وقد تستمر هذه العوامل النفسية حتى الكبر مما يجعله عنيفاً في تعامله مع أولاده وأسرته ومن هم حوله. تقول احدى المعلمات..جاءتني احدى الطالبات تخبرني بان زميلتها بالصف على يديها اثار كدمات وضرب.. ولما سالت الطالبه بنفسي..اخبرتني ان والدها قام بضربها .. لانها لم تحقق الدرجه المناسبه في الاختبار.. عجبي والله من هذا الاب.. وتقول ام عبد الملك..دائما ما اسمع صراخ وعويل اطفال الجيران من ضرب اهلهم لهم..لكن ماذا نفعل..!! والتقيت بالسيده ام رتيل ..اخبرتني انها تضرب بناتها عندما يهملن ويقصرن في واجباتهن المدرسيه.. وسألتها لماذا الضرب بالذات.. لما لاتستعملي معهم عقاب اخر..؟؟ ردت: انا عصبيه ولا اتمالك نفسي من اهمالهن ..ولا اجد امامي سوى الضرب.. وتقول نهى : أنا أيضا لو لم يكن والداي يضرباني عندما أخطئ لما امتنعت عن الكثير من الأمور السيئة، فالضرب وسيلة ناجعة في تربية الأطفال لكن طبعا بألا تصل للأذى الجسدي، وكذلك أن لا يضرب الطفل إلا في حال ارتكابه خطأ معينا فأنا أم لثلاثة أطفال في أعمار مختلفة وأنا أتعامل معهم بتلك الطريقة. فالطفل يجب أن يخاف من شيء لكي يتم تهديده به في حال عناده وإصراره على ارتكاب الخطأ وفي رأيي أن ما يسمونه التربية الحديثة والنقاش مع الطفل هي السبب في ما نشاهده اليوم من انحلال وعصيان كبيرين للأهل وقلة احترام كبار السن من قبل الشباب على النقيض من ذالك تقول سماح عن ضرب الأطفال: أنا ضده بالكامل فالطفل إنسان له مشاعره وأحاسيسه وفي اعتقادي أن الإنسان لم يخلق ليضرب إن أذنب، فالله منحه العقل والحواس لكي يتخاطب ويتحاور مع من حوله، وفي النقاش والتحاور مع الطفل حول الخطأ الذي قام به سيتم الوصول لنتيجة وقد يكون بعض الأطفال عنيدين، لكن علينا مجاراتهم واستيعابهم وعدم اللجوء للضرب مهما كانت الظروف . اما عن رأي الطب النفسي بموضوع استخدام الضرب كوسيلة تربوية يقول د.عامر سعد الدين اختصاصي الطب النفسي :إن الابتعاد النهائي عن الضرب في وقتنا الحالي ضروري جدا . بل أن الضرب أصبح غير مقبول من ناحية تربوية إطلاقا، فالضرب المبرح يؤدي إلى تدمير نفسية الطفل وخلق اضطرابات نفسية عديدة عنده وهناك أساليب تربوية كثيرة حاليا وأثبتت أنها ناجعة ومنها حرمان الطفل في حال ارتكابه خطأ معينا من الأمور التي يحبها أو الطريقة الأخرى وهي إعطاؤه محفزات في حال هو انتهى عن ارتكاب الأخطاء. ويجب العلم أن هناك بعض الأهل يسلكون مسلكا متطرفا في ضرب الأطفال، فهم يقومون ولأسباب أو أخطاء تافهة يرتكبها الأطفال بضربهم بشكل مبرح وذلك ليس سعيا منهم إلى تعديل سلوكهم ولكن لتفريغ ضغوطات داخلية نشأوا عليها، وهذا أسوأ أنواع الضرب وله تأثيرات كبيرة على نفسية الطفل فالخوف من الأهل ليس هو المطلوب بل احترامهم والرهبة المتزنة منهم. ولو تطرقنا الى الاثار المترتبه على سوء معاملة الطفل..فيمكن ان نقسمها الى عدة اجزاء..
أولاً.. أضرار تعليمية:
1-رفض الذهاب إلى المدرسة .
2- انخفاض مستوى التحصيل الدراسي .
3-الفشل في الدراسة
4- ترك الدراسة والتسرب من التعليم .
ثانياً.. أضرار صحية و جسدية:
1- الجروح، الإصابات والتشوهات الجسدية .
2- فقدان الطفل مهاراته وقدراته العقلية .
3 – حدوث شلل أو كسور أو عدم نمو الطفل .
4- حدوث الوفاة في بعض الأحيان .
ثالثاً.. أضرار اجتماعية:
1- صعوبة التواصل مع الآخرين.
2- الشعور بالحقد،والكراهية تجاه المجتمع .
3- تولد العنف لدى الطفل و الاعتداء على الآخرين بالقول أو الفعل ( معاداة المجتمع ).
4- فقدان مهارات تكوين العلاقات وبنائها والمحافظة عليها.
رابعاً.. أضرار سلوكية ونفسية ومنها:
1- رفض الذهاب للمدرسة.
2- الشعور بالإحباط والاكتئاب والوحدة.
3- تخريب الممتلكات والسرقة.
4- اضطراب في تكوين الشخصية
5- التدخين و الإدمان على المخدرات.
6- نقص الثقة بالنفس.
7- التبول اللا إرادي.
ويمكن التعرف على ان الطفل قد تعرض للاساءه الجسديه من خلال..
1- إصابات وكدمات ظهرت بعد فترة غياب مثلا من المدرسة ..
2- علامات حرق بالسكين أو السيجارة
3- حروق في الوجه اليد الساق الظهر أو المؤخرة .
4- خدوش جروح تشوهات أو إصابة في الرأس أو الوجه أو العين أو الشفاه .
5- الاعتداء على الغير أو على النفس
6- الميل لتحطيم الألعاب
7- علامات ضرب بالحزام أو العصا وغيرهما ..
8- كسر عظام
9-إذا كان في المدرسة يرفض الذهاب إلى المنزل مكان المعتدي عليه.. وإذا كان المعتدي عليه في المدرسة أو أي مكان آخر فإنه يرفض الذهاب لهذا المكان ..
اما العنف النفسي فيمكن التعرف عليه من خلال. اضطرابات واضحة لدى الطفل معدل دراسي ضعيف صعوبة في إقامة علاقة مع الزملاء قلق و احباط وانعدام الثقة في النفس الإصبع انعدام الشهية ضعف في المهارات الحركية. اضطرابات عاطفية حادة. رفض الذهاب للمدرسة والتغيب المستمر من غير سبب مسببات العنف الأسري أثبتت الدراسات على مستوى العالم الغربي والعالم العربي أن أبرز مسببات العنف الأسري هو تعاطي الكحول والمخدرات ويأتي بعدها في الترتيب الأمراض النفسية والاجتماعية لدى الزوجين أو كلاهما .
ثم اضطراب العلاقة بين الزوجين.
اما عن الحلول او العلاج لهذه الظاهره فيمكن تلخيصها فيما يلي..
1-الوعظ والإرشاد الديني مهم لحماية المجتمع من مشاكل العنف الأسرى إذ أن تعاليم الدين الإسلامي توضح أهمية التراحم والترابط الأسري .
2- تقديم استشارات نفسية واجتماعية وأسرية للأفراد الذين ينتمون إلى الأسر ينتشر فيها العنف .
3- وجوب تدخل الدولة في أمر نزع الولاية من الشخص المكلف بها في الأسرة إذا ثبت عدم كفاءته وإعطائها إلى قريب أخر مع إلزامه بدفع النفقة .
4- إيجاد صلة بين الضحايا وبين الجهات الاستشارية المتاحة وذلك عن طريق إيجاد خطوط ساخنة لهذه الجهات يمكنها تقديم الاستشارات والمساعدة إذا لزم الأمر .
5- نشر الوعي الأسري بأهمية التوافق والتفاهم بين الوالدين وأهمية دورها في قيادة الأسرة وسلامتها الاجتماعية . 6-التعاون بين الموسسات والجمعيات التطوعيه ووسائل الاعلام في نشر وتنوير الناس بحقوق الطفل. .. ..
كلمة أخيره .. لنتذكر جميعا من لا يرحم لا يرحُم لنعمل جميعا لمحاربة العنف لمجتمع سليم بدون عنف لينشئ اطفالنا اصحاء جسديا وعقليا..