طارق موسى
يُروى أن حاكم إحدى البلاد البعيدة أصابه مرضٌ خطير فلم يجد الأطباء لعلاجه سوى
قطع أنفه ،إستسلم الحاكم لأمر الأطباء وقاموا بإجراء اللازم ..
وبعد أن تعافى ، ونظر إلى شكله البشع دون أنف ، وليخرج من هذا الموقف المحرج، أمر وزيره
وكبار موظفيه بقطع أنوفهم ، وكل مسؤولٍ منهم صار يأمر من هو أدنى منه مرتبةً بأن يقوم بقطع أنفه .. إلى أن وصلت كافة موظفي الدولة وكلٌ منهم عندما يذهب إلى بيته صار يأمر زوجته وكل فردٍ من أهل بيته بقطع أنفه .
مع مرور الوقت صار هذا الأمر عادةً ، وجزءٌ من ملامح أهل هذه البلدة ..فما أن يُولد مولودٌ جديد ذكراً أو أنثى إلاّ ويكون أول إجراءٍ بعد قطع حبله السري هو قطع أنفه .
بعد سنواتٍ مرّ أحد الغرباء على هذه البلدة .. وكان ينظر إليه الجميع على أنه قبيحٌ وشاذ
لأن له شيءٌ يتدلى من وجهه .. هو أنفه السليم !!
فبحكم السلطة ، وبحكم العادة التي صارت جزءاً من شكل هذا المجتمع الصغير ، وهذه البلدة النائية : صار الخطأ صواباً .. وصار الصواب خطأً .
فطفقوا يضحكون عليه وعلى وجود أنفٍ على وجهه … يا للهول أنظروا إلى هذا الكائن
الغريب الشكل ذو الأنف !! هكذا قال أغلب الناس ..
أتدرون ما إسم هذه القرية ؟؟ ومن هو الملك ؟؟ ومن هم أهلها … ؟؟؟
هل فقدنا أنوفنا ؟
كم من خطأٍ إعتدنا عليه وصار أصوب من الصواب .. وندافع عنه لأنه من عاداتنا