كتبت:عبير أحمد
شهدت الساحة المصرية في مثل هذا اليوم 26 ديسمبر 1924، الكثير من الأحداث التاريخية والسياسية وأيضًا الجاسوسية،من ضمنها قصه حياة شخصية جاسوسية عملت على تذبذب وتشيت الكثيرمن الدول والعقول في تحديد هويته وكنيته، إنها قصه حياة الجاسوس الإسرائيلي “إيلي كوهين” وهو شخصية غير لينه بالمرة لأنه عمل على خداع الكثير من الحكومات لسنوات كبيرة،قبل الحديث عن أي شئ سوف نتناول بعض من المعلومات عن هذه الشخصية الخادعة من أسمه الي مكان ولادته بالإضاقه نهايته أولًا اسمه الكامل هو “الياهو بن شاؤول كوهين”،لقبه “إيلي كوهين”تعني بالعبرية” אלי כהן” ولد بأحد محافظات مصر”إلاسكندرية” التي قام أحد أجداده بالإنتقال إليها عام1924م.
ثانيًا دراسته :حيث قام بالإنتساب إلي مدرسة” الليسيه”، وأصبح يجيد الفرنسية إلى جانب العبرية والعربية، وأبدى اهتماما مبكرا بالديانة اليهودية فالتحق بـ”مدرسة الميمونيين” في القاهرة، ثم عاد إلى الدراسات التلمودية في الإسكندرية تحت رعاية الحاخام موشيه فينتورا حاخام الإسكندرية. ثم درس الهندسة في جامعة القاهرة ولكنه لم يكمل تعليمه بسبب تعرضه للكثير من المضايقات مما عمل إتخاذه قرار انسحابه ليتابع دراسته في البيت حيث تمكن من العمل بحرية لأجل الصهيونية، “ولم تعلم العائلة لحسن الحظ بحقيقة كون إيلي مشكوكا في أمره من قبل السلطات المصرية، وكان هذا سر إيلي الأول من بين العديد من أسراره”، على حد تعبير شقيقه،حيث انضم للحركة الصهيونية وهو في العشرين من عمره كما التحق بشبكة تجسس إسرائيلية بمصر بزعامة “ابراهام دار “المعروف بجون دارلنج،والتي عملت على الكثيرمن التفجيرات ضد مصالح أميركية في الإسكندرية لإفساد العلاقة بين القاهرة وواشنطن، عُرفت لاحقا بـ”فضيحة لافون”،الملقبة بـ قضية العاروتعني هي عملية سرية إسرائيلية فاشلة كانت تعرف بعملية سوزانا كان من المفترض أن تتم في مصر، عن طريق تفجير أهداف مصرية وأمريكية وبريطانية في مصر، في صيف عام1954، ولكن هذه العملية اكتشفتها السلطات المصرية وسميت باسم “فضيحة لافون” نسبة إلى وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك بنحاس لافون الذي اتهم بإعطاء الاوامر لتنفيذها،ولكن كانت لهذه الفضيحة تأثير كبير على الجانب الإسرائيلي من جميع لبالجانب الإسرائيلي من جميع الإتجاهات السياسية والعسكرية والإسخبارتية، والتي نتجت عنها الكثير من الأزمات سياسية بعيدة الامد في بين القيادات السياسية والعسكرية. وادت لمطالبات داخلية بكشف المسؤولين عن هذه العملية ومن اعطى الاوامر بتنفيذها؟،ولكن على الجانب المصري كانها لها دور كبير في إنشاء المخابرات السرية المصرية تحت قيادة”زكريا محي الدين”،بالإضافة إلي بدأ نشاط استخباري مصري في داخل إسرائيل، وساهمت في استمرار هجرة اليهود من مصر،هذه كانت أول خطوة يقوم بها “كوهين”إتجاه عمله بالجاسوسية،بالإضافه أنه تم الأمساك به أكثر من مره من جانب الحكومة المصرية قبل سفره إلي إسرائيل،حيث أنه في وفي ديسمبر 1956م -في أعقاب حرب السويس مباشرة- غادر إيلي كوهين مصر نهائيا، وختم جواز سفره بتأشيرة “سفر بلا عودة”. وتوجه بحرا إلى نابولي في إيطاليا، ومن ثم ركب باخرة إلى ميناء حيفا، وهناك التقطته المخابرات الإسرائيلية وجندته في البداية في إطار الأمن الداخلي، وفي بداية 1960م رشحه للعمل في الخارج إيزاك زالمان أحد كبار مسؤولي “الموساد”،وللعمل بتلك المهمة هيئت له المخابرات الإسرائيلية قصه محبوكه يظهر بها مواطنًأ سوريًا مسلما يحمل اسم شخص يدعى “كامل أمين ثابت”،
هاجر مع عائلته من سوريا إلى الإسكندرية ثم سافر عمه إلىالأرجنتين عام 1946 ليلحق به كامل وعائلته عام 1947م،من خلال تعليمه ووتلقينه كل مايخص سوريا من معلومات عامه وإتقان لغتهم من أجل سهوله الإندماج معه وعدم كشفه بسهوله وحفظ أسماء رجالاتها في مجالات السياسة والاقتصاد والتجارة، إضافة إلى تدريبه على استخدام جهاز الاتصال اللاسلكي والكتابة بالحبر السري،بالإضافه إلي أنه سافر إلي العاصمة الأرجنتينية”بوينس أيرس”،كان معه جواز سفر سورياً يحمل صورته واسم “كامل أمين ثابت”، ويشير إلى أنه من المشتغلين بالتجارة والتصدير،حيث أنه إستطاع بكل سهوله الدخول إلي الأراضي السوريه وتكوين صورته على هيئة رجل أعمال ناجح خلال عامين،وعمل على تهيئة شخصيته بشكل كامل مما يصعب الشك به ولو للحظه واحدة،ونجح في الفوز بإكتساب مكانه مرموقة له من جانب الجالية العربية هناك باعتباره رجلاً وطنياً شديد الحماس لبلده، وأصبح شخصية محبوبة بـ بوينس أيرس،حيث تمت دعوته لحضور الكثير من الإحتفالات من جانب بعض السفارات العربية وبينها السفارة السورية، وهناك تعرف على الملحق العسكري السوري الجديد العقيد أمين الحافظ وتوثقت الصداقة بين الرجلين، وقـُدّر لاحقا للعقيد الحافظ أن يلعب دورا مهما في دوامة الانقلابات السورية بعد انتهاء الوحدة بين مصر وسوريا بالانفصال، فأصبح “لواء” ثم “فريقا”،ومن ثم انتقل كوهين إلى دمشق عام 1962 حيث بنى علاقات مع شخصيات في أعلى مستويات السلطة وكبار ضباط الجيش ورجال المجتمع والتجارة وسكن بحي أبو رمانة المجاور لمقر قيادة الجيش السوري،كما نشرت بعض الأبحاث على أنه كان يعمل على دعم إسرائيل بمعلومات هامه وسريه،وأقوال أخرى لم يتم إثبات صحتها على أنه عرض عليه منصب نائب وزير الدفاع في سوريا.
ثالثُا:كيف ساهمت الحكومة المصرية في الكشف عن هذا الجاسوس؟
وكان الكاتب الصحفي المصري الراحل”محمد حسنين هيكل” صرح إن المخابرات المصرية هي التي كشفته بعد رصد أحد ضباطها لكوهين ضمن المحيطين بأمين الحافظ في صور خلال تفقده مواقع عسكرية. لكن الجهات السورية قالت حينها إن أجهزة أمنها هي التي كشفته بمساعدة فنية من جانب روسيا،حيث أنه أمام وجه كامل أمين ثابت في وسط الصورة بالقرب من الفريق أمين الحافظ توقف ضابط المخابرات المصري لأنه لم يستطع أن يتعرف على شخصيته، وجرى تكبير صورة الشخص المجهول وعممت على عدد من إدارات المخابرات،وتذكر أحد ضباط هيئة الأمن القومي الذين يعملون في مجال مكافحة النشاط الصهيوني في مصر أن الوجه الذي يراه في الصورة ليس غريبا عليه، وبعد عملية مراجعة وتدقيق اكتشف مذهولا أنه يحدق في صورة وجه “إيلي كوهين” الذي كان تحت المراقبة لنشاطه الصهيوني قبل خروجه من مصر نهاية سنة 1956،جرى التعامل مع الموضوع بحذر شديد، وسافر أحد ضباط المخابرات العسكرية المصرية إلى دمشق حاملا معه ملف كوهين وصوره،حيث أن تم الاتصال بقائد الأمن الداخلي في سوريا العميد أحمد سويداني ووضعت أمامه كل التفاصيل، فقام بوضع كوهين تحت المراقبة، واكتشف بالفعل هوائي جهاز الإرسال الذي يستعمله داخل بيته في دمشق لكي يبعث رسائله إلى قيادة الموساد، ثم استطاع في اليوم التالي دهم كوهين والقبض عليه.
ومن جانبه لا يجب أن ننسي ماتم تأليفه ونشره من قصص اساسية من جانب الحكومه السورية وتعظيمهم من شأن هذا العميل الصهيوني، حيث أنها عملت على تكذيبها بشأن معرفة أمين الحافظ بهسواء في الأرجنتين أو سوريا، وتقول إن ما أرسله إلى إسرائيل كان في معظمه معلومات عامة، وأنه فشل في اختراق القيادات العسكرية والسياسية حسبما يُشاع، واقتصرت علاقاته المُفيدة لنشاطه تقريبا على الضابط معز زهر الدين الذي حُكم عليه بالسجن خمس سنوات، إضافة إلى مدني يُدعى جورج سالم سيف،على خلاف ماقمت به إسرائيل بإعتبارها إيلي كوهين إحدى معجزاتها،وأصدرت طابعا بريديا تذكاريا يحمل اسمه وصورته، ويُعتقد أنها تقف خلف إنتاج الفيلم الأميركي الشهير “جاسوس المستحيل” عام 1987 الذي تم تصويره في إسرائيل. كما أنشأت موقعا إلكترونيا رسميا خاصا به باللغة العبرية،حيث قام وقال رئيس الموساد يوسي كوهين: “لن ننسى إيلي كوهين أبدا. تراثه الذي يتميز بالإخلاص وبالحزم وبالشجاعة وبحب الوطن هو تراثنا. نحن على اتصال دائم وحميم مع زوجته وعائلته. إيلي ارتدى ساعة اليد هذه في سوريا حتى يوم إلقاء القبض عليه وكانت الساعة جزء من هويته العربية المزيفة،تم إعطاء ساعته لأرملته نادية في مراسم خاصة عام2018،بالإضافه إلي ماقامت به بدأت شبكة نتفليكس في عرض مسلسها الجديد الجاسوس the spy وهو بطولة الممثل الكوميدي الإنجليزي ساشا بارون كوهين والممثلة الإسرائيلية هادار راتزون روتيم التي تقوم بدور زوجته نادية، والمسلسل من تأليف وإخراج جدعون راف،حيث دور أحداث المسلسل حول الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين الذي استطاع خداع السلطات السورية لسنوات بعد دخوله البلاد باسم كامل أمين ثابت.
بالإضافه إلي وجود روايه أخرى وهي الأقرب أنه كان يسكن قرب مقر السفارة الهندية بدمشق وأن العاملين بالإتصالات الهندية رصدوا إشارات لاسلكية تشوش على إشارات السفارة وتم إبلاغ الجهات المختصة بسوريا التي تأكدت من وجود رسائل تصدر من مبنى قرب السفارة وتم رصد المصدر وبالمراقبة تم تحديد وقت الإرسال الإسبوعي للمداهمة وتم القبض عليه متلبساً وقبض على كوهين وأعدم في ساحة المرجة وسط دمشق في 18مايو 1965.
أخيرًا وفاته: حوكم إيلي كوهين فصدر حكم بإعدامه شنقا وعلنا في ساحة المرجة ونفذ الحكم يوم 18 مايوعام 1965، رغم أن إسرائيل سعت لدى عدد كبير من السياسيين في العالم -بمن فيهم بابا الفاتيكان ورئيس وزراء فرنسا وقتها جورج بومبيدو- محاولة تأجيل تنفيذ حكم الإعدام في،وفي التسعينيات اشترطت إسرائيل استعادة رفات كوهين لإجراء محادثات مع سوريا، وراجت أنباء غير مؤكدة تشير إلى أن الرفض السوري للشرط سببه عدم معرفة سلطاتها بمكان الجثة، خصوصا أن مكان دفنها أصبح مجهولا بعد تحريكها من مكانها ثلاث مرات، تفادياً لإمكانية سرقتها من قبل الموساد الإسرائيلي.
وذكرت معلومات أخرى بأن كوهين دفن في منطقة المزة بدمشق داخل بئر خُصصت لهذا الغرض، لكن مكان دفنه المفترض تحول إلى مبان وشوارع وحدائق، ولا يستطيع أحد تحديد مكانه أو الوصول إليه.وفي مارس 2016 استغل الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين وجود القوات الروسية في سوريا، ليطلب من نظيره الروسي فلاديمير بوتين التدخل لدى الحكومة السورية لإعادة رفات كوهين.