لم تنجح الاتصالات السياسية لحزب الله في بيروت في التوصل إلى اتفاق على تشكيلة الحكومة اللبنانية العتيدة.
وهذه الاتصالات المخالفة للدستور، بسبب استباقها الاستشارات النيابية الملزمة التي يجب أن يدعو لها رئيس الجمهورية، وجدت طرقاً مسدودة بسبب إصرار التنظيم المسلح ومعه التيار الوطني الحر وحركة أمل، على حكومة تمثلهم برئاسة سعد الحريري ومطعمة بحزبيين وناشطين من المجتمع المدني.
وشهد الأسبوع الماضي اتصالات قادها حزب الله، لإقناع الحريري بصيغته المناسبة، التي تحافظ على أكثرية الثلثين زائد واحد في الحكومة، تحت مسمى “توازنات خلفتها الانتخابات النيابية الأخيرة”، ولكن بدا أن الحريري الخائف من الفشل النهائي، وخسارة حلفائه داخل وخارج لبنان، رفض السير في حكومة على مقاس الميليشيا باعتبار أن التنظيم المسلح مسؤول مباشر عن الانهيار الاقتصادي بسبب العقوبات المتلاحقة على لبنان ومصارفه وهيئاته الاقتصادية، وكذلك حليفه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، الذي وضع ما أمكنه من العقبات أمام تنفيذ مقررات الحكومة لميزانية يوافق عليها المجتمع الدولي لتمويل مشاريع اقتصادية وإنمائية في لبنان، تُوقف الانهيار.
ودفع الوضع الاقتصادي المنهار الحريري إلى محاولة النأي بنفسه، ما استطاع عن “حكومة بصيغة حزب الله”، ولكن باسيل، وممثلي حزب الله، وحركة أمل يصرون على التمسك به، لصورته المقبولة إقليمياً ودولياً، مواجهة العقوبات والتخفيف من أثرها، ما يعطيهم فرصة أكبر للسيطرة على لبنان على أمل أن تتغير”الإدارة الأمريكية” من جمهورية إلى ديمقراطية، تكون أقل حدة في التعاطي مع إيران والمتحالفين معها في المنطقة.
وأكدت مصادر مقربة من الحريري موافقته على رئاسته لحكومة تكنوقراط، وهو ما يرفضه باسيل وحزب الل،ه وأمل، الذين يختلفون معه على معنى “تكنوقراط”، هل يعني ذلك أشخاصاً محايدين، أو من أعضاء الحراك المدني، الذين يرفضون المشاركة في حكومة ليس هدفها انتخابات نيابية خلال ستة أشهر، أم من الحزبيين المتخصصين، وفي كل الحالات من يسمي أعضاء الحكومة، وتوزيعها؟.
من ناحيته يتخوف الحريري من رفض المتظاهرين لأي تشكيلة يطرحها، خاصةً أن الشارع وضع شروطاً جديدة بعد تأخير الاستشارات النيابية لا يمكنه التراجع عنها مقابل عودة الحكومة السابقة الفاشلة والفاسدة للحكم مجدداً.
ً
ويصر الحريري أيضاً على حصوله مع حلفائه على “الثلث الضامن” في الحكومة، إضافة إلى وجود ممثلي “المجتمع والحراك المدني” فيها.
ويعتبر الموالون للتيار الوطني الحر أن الحريري غير متحمس للعودة إلى الحكومة بعد تواصله مع الفرنسيين، الذين أبلغوه أن أي حكومة سياسية فيها ممثلين واضحين عن حزب الله والوطني الحر، يستحيل حصولها على أموال المؤتمر الدولي لدعم لبنان “سيدر”.
فالدول العربية والأوروبية وضعت شروطاً لوقف الفساد والهدر في كل مرافق الدولة، وتطوير أعمالها، إضافة إلى منع حزب الله من “تمرير” كل ضائعه وبضائع التجار المرتبطين به عبر المرفأ، دون دفع ضرائب.