أعداد /حمدى الجيار
منذ أيام قليلة تم السماح رسمياً فى ألمانيا ببدء تجارب أول لقاح تجريبى لـ«covid 19» على البشر بشركة بيونتك الألمانية.. أولى التجارب ستبدأ فى نهاية أبريل وسيتم الإعلان عن نتائجها أول يوليو القادم.. الإعلان عن تلك التجارب صاحبه تحذير شديد اللهجة من الحكومة الألمانية أنه لا مفر من استمرار تطبيق الإجراءات الوقائية حتى إشعار آخر..
لقد بدأت ألمانيا فى العودة للحياة مرة أخرى بعد الإغلاق الكامل لفترة طويلة.. حتى إنه قد سُمح للمتاجر الصغيرة التى تقل مساحتها عن أقل من 800 متر بأن تستقبل زبائن ولكن بحد أقصى زبون واحد لكل 20 متراً.
القرار قد تزامن مع تصريحات تحذيرية للحكومة الألمانية توضح أن تبعات تلك القرارات ستظهر نتائجها بعد أسبوعين من الآن.. وأن التراجع عنها وارد فى أى لحظة!!
الأمر لم يتوقف عند ألمانيا.. ففى وقت سابق الأسبوع الماضى أيضاً أعلنت جامعة أوكسفورد عن بدء تجربة لقاحها الذى طورته للوقاية من الفيروس المستجد على البشر.. وأعلنت أن نتائجها سوف يتم إعلانها فى نهاية يوليو أيضاً.. كما أعلنت الجامعة أنها قد تمتلك مليون جرعة من اللقاح -فى حال نجاحه- بحلول شهر سبتمبر القادم..!
هذه اللقاحات كلها تتنافس مع اللقاح الأمريكى الذى أعلن عنه ترامب منذ شهر.. واللقاح اليابانى الذى بدأت تجاربه أيضاً فى نفس التوقيت..!
الدول كلها أصبحت تسابق الزمن فى هذا الاتجاه..
لم تعد الأولوية عالمياً فى التنافس على التسليح أو امتلاك القوة العسكرية.. ولم يعد الأهم لدى كل الحكومات إلا المنافسة فى أهم سباق مر على البشرية فى تاريخها الحديث فى رأيى منذ أن انقرضت الديناصورات.
سباق أسلحته كلها داخل المعامل.. جنوده يرتدون المعاطف البيضاء.. و تزين وجوههم نظارات سميكة.
الطريف أنه بالنظر إلى التاريخ المكتوب.. فلن نجد ما هو أكثر بؤساً وعبثية من أن العالم قد أنفق تريليونات الدولارات على ترسانة أسلحة نووية يستحيل استخدامها..
الكل قد تسابق عبر الزمن البائد فى امتلاك «أسلحة ردع» فى المقام الأول.. أسلحة هدفها الوحيد الوصول لنقطة تعادل بشكل يستحيل معه وبشكل مطلق استخدام هذا السلاح من الأساس!!
لو كان العالم قد وجّه جزءاً من هذا الإنفاق على البحث العلمى.. لو كان قد وفر بعض هذه الأموال لعلمائه.. أعتقد أن الأمر كان قد اختلف جذرياً الآن!!
لقد انخرط العالم فى سباق جديد.. سباق سيفوز فيه من يمتلك أدوات البحث العلمى الحقيقية.. ومن لديه البنية التحتية الكافية لإخراج ذلك المصل المنتظر فى أسرع وقت..!
المشكلة أن السباق الجديد قد أقر قواعد جديدة للعبة القوة العالمية.. وأصبح المصل الجديد هو أهم سلاح ستمتلكه الدولة التى تنجح فى اكتشافه أولاً..
يوجد قانون دولى يعطل حقوق الملكية وحقوق التصنيع المنفرد للأدوية والأمصال فى أوقات الأوبئة.. القانون نفسه الذى استفادت منه مصر عند اكتشاف عقار السوفالدى وتمكنت بسببه من تصنيعه محلياً دون انتظار مرور المدة القانونية لحقوق الملكية للشركة المنتجة له.. ولكن هل سيسرى هذا القانون عند اكتشاف المصل؟!
هل ستنتصر الإنسانية وقتها على أطماع السيطرة والسيادة التى توارثها البشر منذ بدء الخليقة؟!
كلها أسئلة لا يمكن الإجابة عنها الآن.. ولن نحصل على رد عليها إلا بشكل عملى.. وبعد اكتشاف المصل بالفعل.. ليظل السؤال الأهم هو الذى يطرح نفسه حالياً: من سيفوز فى هذا السباق المصيرى؟.. من سيريح الرهان فى سباق المصل فى زمن كورونا؟!