بقلم/ أحمد الطحاوي
هو الناصر بدر الدين أبوالمعالي ابن السلطان الملك الناصر محمد ابن السلطان الملك المنصور قلاوون وأمه أم ولد ماتت عنه وهو صغير فتولى تربيته خوند أردو وكان أولاً يدعى قماري واستمر بالدور السلطانية إلى أن كان من أمر أخيه الملك المظفر خاجي ما كان وطلبت المماليك أخاه حسيناً للسلطنة فقام الأمراء بسلطنة حسن هذا وأجلسوه على تخت الملك بالإيوان في يوم الثلاثاء رابع عشر شهر رمضان سنة ثماني وأربعين وسبعمائة وركب بشعار السلطنة وأبهة الملك ولما جلس على تخت الملك لقبوه بالملك الناصر سيف الدين قماري فقال السلطان حسن للنائب أرقطاي: يا أبت ما آسمي قماري إنما اسمي حسن فاستلطفه الناس لصغر سنه ولذكائه فقال له النائب: يا خوند والله إن هذا آسم حسن على خيرة الله تعالى فصاحت الجاووشية في الحال بآسمه وشهرته وتم أمره وحلف له الأمراء على العادة وعمره يوم سلطنته إحدى عشرة سنة وهو السلطان التاسع عشر من ملوك الترك بالديار المصرية والسابع من أولاد الملك الناصر محمد بن قلاوون في يوم الأربعاء خامس عشره اجتمع الأمراء بالقلعة وأخرج لهم الطواشي دينار الشبلي المال من الخزانة ثم طلب الأمراء خدام الملك المظفر وعبيده ومن كان يعاشره من الفراشين ولعاب الحمام وسلموا لشاد الدواوين على حمل ما أخذوه من الملك المظفر من الأموال فأقر الخدام أن الذي خص كيدا في مدة شهرين نحو خمسة وثلاثين ألف دينار ومائتين وعشرين ألف درهم وخص عبد علي العواد نحو ستين ألف درهم وخص الإسكندر بن كتيلة الجنكي نحو الأربعين ألف درهم وخص العبيد والفراشين ومطيري الحمام نحو مائة ألف درهم وأظهر بعض الخدام حاصلاً تحت يده من الجوهر واللؤلؤ ما قيمته زيادة على مائة ألف دينار وتفاصيل حرير وبذلات زركش بمائة ألف دينار أخرى وفي يوم الخميس قبض على الأمير أيدمر الزراق والأمير قطز أمير آخور والأمير بلك الجمدار وأخرج قطز لنيابة صفد وقطعت أخباز عشرين خادماً وخبز عبد علي العواد المغني وخبز إسكندر بن بدر الدين كتيلة الجنكي ثم قبض يوم الأحد على الطواشي عنبر السحرتي مقدم المماليك وعلى الأمير آق سنقر أمير جندار ثم عرضت المماليك أرباب الوظائف وأخرج منهم جماعة وأحيط بمال كيدا حظية الملك المظفر التي أخذها بعد اتفاق السوداء العواد وأموال بقية الحظايا وأنزلن من القلعة وفيه كتبت أوراق بمرتبات الخدام والعبيد والجواري فقطعت كلها وكان أمر المشورة في الدولة والتدبير لتسعة أمراء: بيبغا أرس القاسمي وألجيبغا المظفري وشيخون العمري وطاز الناصري وأحمد شاد الشراب خاناه وأرغون الإسماعيلي وثلاثة أخر واستقر الأمير شيخون رأس نوبة كبيراً وشارك في تدبير المملكة وآستقر الأمير مغلطاي أمير آخور عوضاً عن الأمير قطز ثم رسم بالإفراج عن الأمير بزلار من سجن الإسكندرية ثم جهزت التشاريف لنواب البلاد الشامية وكتب لهم بما وقع من أمر الملك المظفر وقتله وسلطنة الملك الناصر حسن وجلوسه على تخت الملك ثم اتفق الأمراء على تخفيف الكلف السلطانية وتقليل المصروف بسائر الجهات وكتبت أوراق بما على الدولة من الكلف وأخذ الأمراء في بيع طائفة الجراكسة من المماليك السلطانية وقد كان الملك المظفر حاجي قربهم إليه بواسطة غرلو وجلبهم من كل مكان وأراد أن ينشئهم على الآتراك وأدناهم إليه حتى عرفوا بين الأمراء بكبر عمائمهم وقوي أمرهم وعملوا كلفتات خارجة عن الحد في الكبر فطلبوا الجميع وأخرجوهم منفيين خروجاً فاحشاً وقالوا هؤلاء جيعة النفوس كثيرو الفتن.