هــــل الله مــــــعنا؟!

FB IMG 1610864342157 1 1 1

بقلم / الدكتور ظريف حسين رئيس قسم الفلسفة بآداب الزقازيق…

يحلو للأصوليين دائما التوحيد بين”الدين” و”التدين”،عندما يحكمون علي أنفسهم،و التمييز التام بينهما عندما يحكمون علي غيرهم،و لذلك تزدوج معاييرهم،كما هو الحال دائما!
و لكن الحقيقة هي أن الاختلاف بينهما هو مجرد تمايز نسبي كالتمايز مثلا بين احدي اللغات و لهجاتها:فلا ينبغي هنا أن تدعي احدي اللهجات أنها هي اللغة الأصلية،أي الفصحي،حتي لو كانت لهجة قريش نفسها،في حالة اللغة العربية؛فلا يمكن قبول ادعاء احدي اللهجات أنها الأفصح من غيرها.و علينا أن نعلم بأنه حتي اللغة الفصحي هي نفسها عدة لهجات،و أن هذه اللهجات تتفاضل فقط بمدي انتشارها بين متحدثيها.
و قياسا علي ذلك فليست هناك عقيدة يمكنها أن تحيا بمعزل عن معتنقيها تماما كما أنه لا توجد لغة لا يتكلمها بشر و يتواصلون بها فيما بينهم.
و إذا كانت فصاحة اللغات تقاس بقدرتها علي التعبير عن مقاصد أهلها و حاجاتهم فإن أصح أشكال التدين هو أكثرها تجسيدا لمقاصد الدين،و أولها عمارة الكون،أي خلافة الإنسان لله و لكن بالعقل و الاختيار،لا بالجبر و الاضطرار.
و بذلك يكون التدين هو الدين حيا في أفعال الناس قبل قلوبهم،و ليس خارجا عنها مجردا منها،و لا مجرد نظريات تسجن عقول المتوحدين الذين يتوهمون أنهم أهل الدين،أو أنهم-في مجال اللغات-الأفصح لسانا و الأقوي بيانا لمقاصد الله و مشيئته في الكون و العباد.
و لكن حاشاه؛فاحتكار الحقيقة الدينية يعني ببساطة احتكار الله،ولكن الله ليس ملكا لأحد؛لأنه مالك كل مالك.
و الخلاصة هي أن التدين الحق هو كل ما ينتج القوة الحقيقية،أي المؤسسة علي العلم لا علي مجرد الوهم المقدس بأن الله معنا!