هكذا كنا,,! كتيبة الموت الإسلامية,,, الجزء الأول في موقعة اليرموك العظيمة

95623959 710414153035151 802519677254238208 n

بقلم/ د محمد عطا عمر

يخرج لنا من بين الثغور بطلاً عظيماً يضرب به المثل في الشجاعة والفداء, بشجاعة لا نظير لها, وفداء لا مثيل له, إن هذا الرجل العظيم الذي نحن بصدد الحديث عنه يكفيه أن يخلَّد التاريخ عظمته من خلال اسمه فقط, فهو ابن فرعون هذه الأمة (أبي جهل بن هشام),,! بطلنا هو ” عكرمة بن أبي جهل بن هشام ” . وحكاية هذا العملاق تبدأ من على متن سفينة في منتصف بحر هائج قبالة سواحل اليمن، فلقد هرب عكرمة بن أبي جهل من مكة هائمًا على وجه لا يعرف إلى أين يتجه بعد أن دانت مكة بأسرها لعدوه وعدو أبيه من قبل محمد بن عبد اللَّه صلى الله عليه وسلم، فأصبح عكرمة طريدًا في صحاري العرب، وضاقت به الأرض بما رحبت، فقرر أن يتجه إلى اليمن ويبحر بسفينة تأخذه إلى أي مكان يبعده عن أولئك المسلمين الذين لا يطيق حتى رؤيتهم، وبينما عكرمة بن أبي جهل على ظهر السفينة يتأمل البحر اللا متناهي الآفاق، جاءت مرحلة الاختيار الرباني له لكي ينضم إلى قافلة الصحابة العظماء، وأبى اللَّه إلّا أن يعيد ذلك الهارب من اللَّه إلى اللَّه! وبشكل غريب تحولت أمواج البحر الصافية تلك إلى أمواج عاتية تعصف بالسفينة، وعندما أدرك الربان أنهم غارقون لا محالة توجه نحو ركاب السفينة وبينهم عكرمة وقال لهم: اتركوا دعاء أصنامكم الآن واخلصوا الدعاء للَّه وحده، فإن آلهتكم لا تغني عنكم هاهنا شيئًا, فتعجب عكرمة من قول ذلك الرجل وقذف اللَّه في قلبه الإيمان وقال لنفسه: إذا كان الذي ينجيني في البحر هو اللَّه وحده، فلا بد إذًا أنه هو وحده الذي ينجيني في البر,, !اللهم إن لك علي عهدًا إن عافيتني مما أنا فيه أن آتي محمدًا حتى أضع يدي في يده، وعندها هدأت الريح وسكن البحر، فرجع عكرمة إلى مكة، فلما رأى نبي الرحمة ابن أبي جهل ألدِّ أعدائه قادمًا نحوه قال “سيدخل عليكم الآن عكرمة بن أبي جهل مسلماً فإياكم أن يذكر أحدكم أباه أمامه بسوء ” ووثب صلى الله عليه وسلم من غير رداء فرحًا به وقال: مرحبًا بالراكب المهاجر, فتحول قلب عكرمة بن أبي جهل من قلب رجلٍ مبغض حقود للإسلام والمسلمين إلى قلب رجلٍ لا يحب في الدنيا أكثر من هذا الدين الذي لطالما حاربه، فقرر عكرمة أن يتحول إلى جندي ينشر هذا الدين، فلم يترك عكرمة بعد إسلامه غزوة مع رسول اللَّه إلا وشارك فيها، وبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وتولي أبي بكر أصبح عكرمة قائدًا لجيش من جيوش المسلمين التي حاربت الردة، قبل أن يتحول إلى قائد عظيم من قادة المسلمين في بلاد الشام . ثم جاءت المعركة الحاسمة التي خلدت اسمه في حروف من نور، هناك في وادي اليرموك عندما أوشك نصف مليون من الروم على تدمير جيش المسلمين بعد أن قاموا بمحاصرتهم من كل جانب، تناول هذا البطل الإسلامي الفذ سيفه وكسر غمده واتخذ القرار الأصعب على الإطلاق في حياة أي إنسان، لقد اتخذ عكرمة قرار الموت، فنادى بالمسلمين بصوت يشبه هزيم الرعد: أيها المسلمون من يبايع على الموت؟ فتقدم إليه أربعمائة فدائي من خيرة شباب المسلمين، ليكوَّنوا ما عرف في التاريخ باسم “كتيبة الموت الإسلامية”، لكن هل استطاعت كتيبة الموت تلك أن تشق صفوف الروم؟ وان تكون سبباً لنصر المسلمين في موقعة اليرموك العظيمة؟ وهل رجع منها عكرمة وأصحابه معافين أم أن الموت قد حال بينهما؟ وهو ما سنعرفه في الحلقة القادمة بإذن الله,,,, نعم هكذا كنا,,!

53681317 262354291368195 1392724634142507008 n
58420118 445327429554282 1859332191872352256 n