وداعا آخر الملكات
بقلم : محمد الردان
يا حبيبي ، كان لي حبٌ عظيم ،ٌ ثم ماتْ ؟!
يا إلهى ، كيف ذاكَ الحبُ في جَنْبَيهِ ماتْ ؟
أنا لا أعلمُ ، هل أعلمُ يــوماً كيــــف ماتْ ؟!
أنا لا أدري ، فهل يدري حبيبي كيف مات ؟
يا حبيبي ، تغربُ الشــمس شعاعًا، فشــعاعا
كيف في لمحـة عينٍ ، ذهب الحب ، و ضـاعَ
ليتني أعـرفُ ، هل كان هوى العمــر خـداعـا
كيف تمضي عن حياتي ، لم تقلْ حتى وداعـا
يا حبيبي ، كنتَ نفســـــي أقبلت فجراً إليَ
و منايَ الحلوُ بســــــامٌ ، ألاقيــه ســــــــنيا
فتعالى ، و املأ الدنيـا ابتســــــــاماتٍ عليا
ثم دعني ، أبعثُ الأنغام ترديدا شـــــــــجيا
يا حبيبي ، ضمنا بالأمسِ حبٌ ، فارتوينـا
كان في الحبِ حياةٌ نحن فيها قد مضينـا
كان في الحبِ غـذاءٌ و ارتــواءٌ في كلينــا
ثم جئنــا الحبَ هرولةً ، و سـرناه الهُوَيْنَـا
يا حبيبي ، كان حلمـاً يا حبيبي أنْ تلاقينا
ثم رف الحبُ نـوراً و انطلاقاً ، فاهتدينـــا
مدتِ الدنيـــا ابتســــاماتٍ و أوهاماً علينـا
و طوانا ظلها الخداع ، قهراً ، فانطوينـــــا
يا حبيبي ، كانتِ الأيــــامُ و الدنيــــا لنـا
كانت الأقدارُ ترعانا ، و تحمي حبنَــــــــا
فإذا اليومَ افترقنـــا ، هجرنا عشـــــــــنا
لا تقلْ : شاءَ لنا الحظ ، و قلْ : شـئتُ أنا
يا حبيبي ، آهَ من شـوقِ الليالي و الحنينْ
و ما يأتي بهِ الليـلُ لقلبي من شــــــــجونْ
آهِ من حيرةِ نفسـي ، بين شــــكٍ و يقيــنْ
أينَ أنتَ الآن يا حبي ، ألمْ تســمع أنيـنْ ؟
يا حبيبي ، سـنواتٌ عَبَرَتْ ، ضاعتْ سـُدى
و أرى الأيامَ تهوي من حيـــــــاتي ، بـــددا
كُلَ يومٍ ، أُوهمُ النفـــــــسَ بأنْ تـأتي غَـدَا
و الغدٌ المأمولُ لا يأتي ، و قد طالَ المـدى
يا حبيبي ، كمْ ليالٍ وصلتْ يومي بأمسي
لمْ أنمْ ، و الشوقُ يجري أدمعاً تملأ كأسي
أسـألُ الليــلَ : أحقاً هجرت نفسيَ نفـسي
أنتَ من علمني الحبَ ، فعلمني التأســــي
يا حبيبي ، كنتَ لا تـــعرفُ للحبِ حدودا
كنتَ تعطي و أنا أعطي و نشتاقُ المز يدا
كُلَ يومٍ ، تحملُ الشمسُ لنا شـوقا جديدا
أنتَ من ألقى على الشمس ضبابا و جليدا
يا حبيبي ، وجهكَ الأسـمر قد يَتَمَ عيـــني
أبـداً ، ترنـــو ، و ترتـدُ ، و قد خاب التــمني
أنـا لا أبــغي ســـوى وجه حبيبــي المتدني
عجبـاً ، كل وجوه الناس ليست عنك تُـغني
ياحبيبي كيفَ عُدنا و افترقنا يا حبيب ؟
لا تســـلني : أيُ حزنٍ لاحَ للقلب الغريـب !
إنما الكونُ الذي أحببتُ فيه مجهولُ الجُنوب
قدْ أظلمتْ جنباتُهُ ، و الحـزنُ قد ملأ الدروبْ
يا حبيبي ، كل ما حولي ظلامٌ و حِــــدادْ
أيكُنـا المهجــورُ قد كحلَ عيني بالســــهاد
عاتبٌ ، لو ملكَ النطقَ شــكى طول البُعـاد
آه يا ظـالمُ ، علمتَ الأسى حتى الجمــــاد
يا حبيبي ، أَيكُنا المهجـورُ كمْ نادى عليك
كاد أنْ يصـرخَ من لَهَفٍ و من شـوقٍ إليك
كل شيءٍ فيه ، مازال على وضــــع يديك
و به لمسـة حبٍ ، حَـدثتْ عن راحتيـك !
يا حبيبي ، إن شوقي قد تخطى منتهـاه
حار فكري ، تـاه دربي عن عيوني أن تراه
عُدْ فإني كدتُ أهوي و ارمِ لي طوق النجاه
رُدَ قلبي ، يا حبيبي ، ليس لي قلبٌ ســـواه
يا حبيبي من أنا ما العمرُ ، ما الدنيا بغيرك ؟
كنتُ أســــرِي عبرَ أيــامي على بســـمةِ ثغرك
و إذا أشــكو كلالاً ، نمتُ كالطــــفل بصــدرك
كنتُ أحكي لكَ أسـراري لمن أُفضي بسـرك ؟
يا حبيبي ، لو تلاقينــا غدا عبر الطريـق
و هوى قلبيَ في صدريَ كالطفـل الغريق
و تلاقتْ أعيُـنٌ حيرى ، و شــعتْ بالبريق
أَتُراني أخفضُ الرأس و أمضي ، هل تطيق
يا حبيبي ، أَوَ أنتَ اليومَ راضٍ عن ضياعي ؟
أنتَ من ألقى على وجهي الأعاصيرَ صراعي
و هدى روحيَ للشــاطئ إنْ ضل شـراعي
أنا مِن غيركَ ، لا تقوَى على الموت زراعي
يا حبيـبي ، أإلى غير لقـــــاءٍ قد ذهبتَ ؟
أوَ لمْ يبقَ لنــا منكَ ســــوى كُنا و كنتَ ؟
أَيمرُ العمرُ ، لا أعلمُ يـوما أيــــــنَ أنتَ !!!
سوفَ أهواكَ على بُعدٍ فاهجرْ كيف شئتَ
يا حبيبي ، لكَ عنـدي بعضُ أشياء صغيرهْ
هيَ في عيني لأيامي الفقيرات ذخيرة
أجتلي فيها رؤى الماضي و أشتم عبيره
ثم أطويها و أبكي حكمة الحب المريره
يا حبيبي ، أنت مخلوق لكي تحيا معي
رغم ما كان ، و ما يأتي ، و ما قد تدعي
فإذا قدر أن يأخذ غيري موضعي
فزهور الحب لا تسقى بغير الأدمع
يا حبيبي ، أنت مازلتَ حبيبي رغم هجرك
أنت مني أنت نفسـي أنت حبي رغم بُـعدِك
فإذا يـوما تعثرتَ ، و لمْ تســـعد بدهرك
لا تخف ، قلبي و غفراني و حبي رهن أمرك