“ومضات في تاريخ الوثائق والأرشيفات”

106058563 3257111881047834 1946939234711410573 n 1

بقلم د. عزة محمود>

يزخر الأرشيف القومي المصري بكنوز من الوثائق التي تحكي تاريخنا دون تشويه أو تحريف، ويرجع ذلك إلي أن الوثائق هي المصادر الأصلية الصادقة الشاهدة على الأحداث، والتي لم تدون بهدف كتابة التاريخ، ولكنها نتجت عن المعاملات الشرعية القائمة بين الأفراد مثل الزواج والطلاق والبيع والهبة والإيجار والتملك والدعاوى الشرعية والوقف وغيرها، ويمكننا أن نطلق على هذه النوعية من الوثائق مسمى “وثائق معاملات الأفراد” أو “الوثائق الخاصة”، وتُحفظ هذه الوثائق بدار الوثائق القومية يجسدها حجج الأمراء والسلاطين منذ العصر الفاطمي حتى العصر العثماني، ثم أرشيف المحاكم الشرعية منذ العصر المملوكي ومرورًا بالعصر العثماني حتى القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، إلي أن تطور النظام القضائي المصري-وسوف نتتبع ذلك تفصيلا- في سلسلة مقالات قادمة-

أما علي الجانب الآخر فنجد مصطلح”الوثائق العامة” وهي التي تخص الدولة؛ والتي كانت تتمثل في الفرمانات الشاهانية، والمعاهدات، والمراسيم؛ حتى تطورت إلي شكل الوثيقة الديوانية الصادرة عن دواوين الدولة أو الدواوين الحكومية التي أنشأها محمد علي، ومن أنواع الوثائق الديوانية “وثائق الصادر والوارد” والتي تدون بالدفاتر أي دفاتر الصادر والوارد ، وكذلك دفاتر القيد بأنواعها ودفاتر الاستحقاقات والميزانيات المتعلقة بالدواوين المشار إليها؛ مثل ديوان البحرية، الجهادية، الصحة العمومية، المالية، التجارة والمبيعات، الواردات، وكذلك وثائق الشركات التجارية التي أنشئت لإدارة حركة المال والاقتصاد منذ عصر محمد علي وخلفائه؛ مثل “الشركة العزيزية المصرية للملاحة البخارية” و”الشركة المجيدية” و”ديوان المرور والسكك الحديدية” و”مصلحة وابورات البوستة الخديوية” ووثائق “شركة قناة السويس البحرية”؛ مضافًا إلى ذلك وثائق الحركات الثورية، ومذكرات الزعماء، ووثائق مديريات السودان…. وغيرها.

وخلال تلك الفترة الممتدة من العصر الفاطمي وحتى العصر الحديث تنوعت أساليب التدوين وصياغة الوثائق وخاصة وثائق المعاملات الشرعية والتي تطلبت تدخل علماء الشروط والمذاهب الأربعة لوضع الأسس لصياغة وتدوين تلك الوثائق وفقًا لمنهج موحد؛ حتى لا يتطرق إليها الشك وتكون حجة وشاهدًا على صحة التصرفات الشرعية الصادرة عن المحاكم وتحفظ الحقوق لأصحابها، ونظرًا لارتباط ذلك بالقضاء وظهور فكرة تسجيل الأحكام الشرعية؛ لذا فلا بد لدارس الوثائق أن يكن على دراية بمفهوم القضاء، وظهور فكرة تسجيل الأحكام الشرعية، وقواعد صياغة العقود الشرعية؛ حتى يستطيع من خلال تلك الصيغ وضع الأسس المنهجية لقراءة وتفسير النصوص الوثائقية، وحتى يتسنى للباحثين في مجال الوثائق والتاريخ والعلوم المتعلقة بذلك مثل علم الآثار وعلم اللغة أن يتخطوا صعوبة قراءة الخطوط من خلال دراستهم للصيغ الفقهية الأساسية التي دونت وثائق المعاملات وفقاً لها؛ فيصبح من السهل تخطي صعوبة قراءة وتفسير الكلمات من خلال استنباط المعنى وقراءة النصوص المتشابهة لتعينهم في تفسير الكلمات وفك طلاسم الخطوط؛ والتي بدورها تضعهم على بداية الطريق الصحيح في دراسة الوثائق وما تحويه من الحقائق.
وللحديث بقية…

النماذج والصور من:
-موقع صحيفة مكة.
-موقع أعضاء هيئة التدريس جامعة سوهاج.
-موقع صحافة الأردن.

106023053 3257111997714489 4683897119614052778 n
106058563 3257111881047834 1946939234711410573 n
106141715 3257111834381172 4432530525473861272 n 1
106141715 3257111834381172 4432530525473861272 n
106418153 3257112111047811 4798174396633085797 o 1