تابع : روماني نصري
قال الشيخ عبدالرحمن اللاوي الأمين العام لفرع المنظمة العالمية لخريجي الأزهر الشريف بسوهاج .. يتعدد معنى الأُخوة بتعدد أحوالها فهناك أخوة إيمانية كما جاء في قوله تعالى “إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ” في معرض دعوة الله تعالى عباده المؤمنين للتقرب في العلاقات ،والمعاملات فيما بينهم تعاطفاً ،وتراحماً ،وتواداً ولا يعني قوله تعالى”إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ” قصر الأُخوة على أهل الإيمان فحسب. بل ليكون ذلك دافعا قويا للقيام بعملية الإصلاح فيما بينهم على أكمل وجه . يقول تعالى في تتمة هذه الآية : “فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون”َ (10)الحجرات.
وما ورد في سبب نزول هذه الآية يؤكد ذلك (وهو ما جرى بين الأوس ،والخزرج حين أساء الأدب عبد الله بن أبي ابن سلول على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، وهو متوجه إلى زيارة سعد بن عبادة في موضعه ، وتعصب بعضهم لعبد الله ، ورد عبد الله بن رواحة على ابن أبي ، فتجالد الحيان،قيل : بالحديد،وقيل : بالجريد والنعال،والأيدي. فنزلت.فاصطلحوا . وقال السُّدِّيّ : وكانت بالمدينة امرأة من الأنصار يقال لها أم بدر ، وكان لها زوج من غيرهم ، فوقع بينهم شيء أوجب أن يأنف لها قومها وله قومه ، فوقع قتال ، فنزلت الآية بسببه.)
فينبغي أن نعرف أن أخوة الإيمان لا تنفي ما عداها من أخوة كما يدعي البعض .
فهناك أخوة نسب من الممكن أن يكون الإخوة فيها على دين واحد وقد لا يكونون . وذلك لا يمنع المجتمع من وصفهم بالإخوة . ولا حرمة في ذلك.
يقول تعالى : “وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا ۚ ….”؟(50) هود .ولم يكونوا كلهم مؤمنين.
وكذلك الأمر في قوله تعالى: “وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ۚ ….”(61)هود
وأيضا في قوله تعالى: “وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ۚ .. “(84) هود.
-وهناك “أُخوة إنسانية” في آدم وحواء دعانا إليها رسول الإنسانية-صلى الله عليه وسلم-إذ يقول في حجة الوداع: (كلكم لآدم وآدم من تراب). ومما يُروى أن سيدنا معاوية رضي الله عنه دخل عليه حاجبه. فقال: يا أمير المؤمنين بالباب رجل يستأذن في الدخول، ويدَّعي أنه أخوك، فضحك معاوية وقال: خدمتني كذا وكذا ولا تعرف إخوتي؟ قال: هكذا قال لي، قال: أدخله، فلما دخل سأله معاوية: أي إخوتي أنت؟ فقال: أخوك من آدم، فضحك معاوية وقال: رحم مقطوعة، والله لأكوننَّ أولَ مَنْ وصلها، وقضى له حاجته.
يقول العلامة مولانا الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله في خواطره : ولفظ الإخوة هنا يُقرِّب النفوس، ويُزيل ما بين الناس من طبقية أو عصبية، لذلك نجد الأسلوب القرآني حتى في مسألة القصاص في القتلى يقول:{ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَٱتِّبَاعٌ بِٱلْمَعْرُوفِ.. } [البقرة: 178]. يريد أنْ يُذكره أنه أخوه رغم ما بينهما من عداوة و شحناء، فالله يُرقِّق القلوب حِرْصاً على سلامة المجتمع المسلم، ولمنزلة الأخوة في العلاقات الإنسانية قالوا في الحِكَم: رُبَّ أخ لك لم تلده أمك.
ويضيف مولانا الإمام الشيخ الشعراوي رحمه الله قائلا :وما أمر الله به أن يوصل هو صلة الرحم. فقد أمرنا الله تعالى بأن نصل أرحامنا. فنحن كلنا أولاد آدم. والرسول صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع (كلكم لآدم وآدم من تراب).وهكذا نرى أن هناك روابط إنسانية يلفتنا الله سبحانه وتعالى إليها. وهذه الروابط.. تبدأ بالأسرة ثم تتسع لتشمل القرية أو الحي. ثم تتسع لتشمل الدولة والمجتمع، ثم تتسع لتشمل المؤمنين جميعا، ثم تتسع لتشمل العالم كله. هذه هي الأخوة الإنسانية التي يريد الحق تبارك وتعالى أن يلفتنا إليها.) تفسير الشيخ الشعراوي.