بقلم الداعية مهندسة بهيرة خيرالله
- وقد وقع في شهر صفر من الأحداث في صدر الإسلام ما هو خير وشرف ونصر ، نذكر منه :
١- خروج النبي صلي الله عليه وسلم من بيته بمكة في ليلة 27 من صفر سنة 14 من النبوة الموافق 623 م ، ومعه صاحبه أبو بكر الصديق رفيقا له وثاني اثنين فى رحلة الهجرة ، ومكثا بغار ثور ثلاث ليال ، حتي يئست قريش من وجوده بمكة فكفت عن البحث عنه فيما حواليها ، ثم في ليلة الاثنين من غرة شهر ربيع الأول تحركا متوجهين إلي يثرب مدينة رسول الله من بعد والتي وصلها يوم الجمعة 12 ربيع الأول .
٢- و كانت غزوة الأبواء ، أول غزوة للنبي صلى الله عليه وسلم في صفر لاثنتي عشرة ليلة مضت فى العام الأول الهجري ، فقد خرج يريد قريشاً فى تجارة لها ، فلما بلغ ديار بني ضمرة وادعته هذه القبيلة ، وفاتت عير قريش ، ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدا ، بعد أن أقام بالأبواء بقية صفر وعاد في ربيع الأول .
٣- و كانت غزوة ذي أمر في صفر من السنة الثالثة للهجرة ؛ لما رجع رسول الله صلي الله عليه وسلم من غزوة السويق أقام بالمدينة بقية ذي الحجة والمحرم أو عامته ، إذ بلغه أن جمعا كبيرًا من قبيلة غطفان من بني ثعلبة يريدون الإغارة علي أطراف المدينة ، فخرج إلي نجدٍ يريدهم ، فتفرق الأعداء فى رؤوس الجبال حين سمعوا بمقدم جيش المدينة ، فأقام عند ماء “ذي أمر” بنجد صفر كله أو قريباً من ذلك ليُشعر الأعراب بقوة المسلمين ، ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيداً .
٤- و كان فتح خيبر في السنة السابعة في أواخر المحرم وأوائل صفر ، وخيبر هي معقل تجمع عدد كبير من يهود الجزيرة من أعداء الإسلام ، نزلها ليلا وأخذ يحاصرهم في حصونهم ثم أخذ يفتحها حصناً حصناً ، ويأخذ أموالهم وسباياهم ، وكان هذا وعدا من الله في قوله :{ وَعَدَكُمُ ٱللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةٗ تَأۡخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمۡ هَٰذِهِۦ ..} [ الفتح:20] ، ثم صالحهم علي أن يبقوا علي مزارعهم ونخيلهم ويعطوا الجزية النصف من نتاجها .
٥- وفى صفر سنة ثمان من الهجرة كان إسلام عمرو بن العاص، وخالد بن الوليد، وعثمان بن طلحة رضي الله عنهم بعد عمرة القضاء ، فقد خرج عمرو بعد صلح الحديبية عند النجاشي ليكون فى جواره لو علا أمر رسول الله ، وقد رأي عند النجاشي رسول رسول الله فأراد أن يقتله فنهره النجاشي وضرب أنفه وأسال دمه ؛ وقال النجاشي له : يا عمرو ، تسألني أن أعطيك رسول من يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى ، والذي كان يأتي عيسى لتقتله ؟! قال عمرو : فغير الله قلبي عمَّا كنت عليه ، وقلت في نفسي : عرف هذا الحق العرب والعجم وتخالف أنت ؟! ثم قلت : أتشهد أيها الملك بهذا ؟ قال : نعم ، أشهد به عند الله يا عمرو ، فأطعني واتبعه ، فوالله إنه لعلى الحق ، وليظهرن على من خالفه ، كما ظهر موسى على فرعون وجنوده . قلت : أتبايعني له على الإسلام ؟ قال : نعم . فبسط يده فبايعني على الإسلام . ثم ارتحل عمرو من الحبشة يريد المدينة ، فتقابل مع خالد بن الوليد فى طريقه يريد الدخول فى الإسلام ، وتقابل معهما عثمان بن طلحة ، وخرج الثلاثة فبايعوا رسول الله صلي الله عليه وسلم وإن لوجهه تهللا ، والمسلمون حوله قد سروا بإسلامهم . وكان إسلامهم هذا فتحا كبيرا للدعوة الاسلامية أعز الله بهم الإسلام .
٦- و كان غزو الروم في سنة إحدى عشرة للهجرة في شهر صفر لأربع ليال بقين منه بقيادة أسامة بن زيد أصغر قائد عسكري فى التاريخ الإسلامي لم يتجاوز العشرين عاما ، وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم أمَّره علي قيادة الجيش للقصاص لشهداء مؤته والثأر لأبيه زيد بن حارثة ، لكن مرض النبي صلي الله عليه وسلم وتوفي في ربيع الأول من هذا العام ، وأنفذ الخليفة أبو بكر الصديق هذا الجيش رغم اعتراض المسلمين علي سنه وخبرته ، وكان نصرا مبينا مهَّد للمسلمين فتح بلاد الشام .
هذا الجانب المشرق لما وقع في صفر من أحداث .. وعلي الجانب الآخر نري الجانب المحزن نعرض له في مقال آخر بمشيئة الله تعالى.