بقلم فضيلة الشيخ أحمد على تركى..
مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف..
الجماعة الذين يزعمون أنهم (قرآنيون) والقرآن منهم براء، وهم حقًّا برآء من القرآن، أولئك الذين ينكرون السنة إنكارًا كاملا، ويقولون لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء، كأنما كان النبي صلى الله عليه وسلم ساكتًا لا يتكلم طيلة حياته، أو أنه لم يبلغ ما أمره الله به ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ المائدة: 67 ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ النحل: 44 فهؤلاء يزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم ما بلَّغ.
ما المقصود من هذه الدعوة المشئومة؟ المقصود منها تضييع القرآن، لكنهم لو صرَّحوا بما يريدون لرجمهم الناس بالحجارة، فهم يتوسلون إلى ما يريدون على مراحل.
ما علق بأنفسهم من الانحراف عن الشريعة والعقيدة، والانحراف عن السلوك السوي الذي كان عليه القرون الأولى. هذا هو السبب في الضنك المضروب علينا.
ليست المشكلة في الفقر وقلة الموارد، لكن المشكلة في التعطيل الكامل للشريعة إلا في الأحوال الشخصية القائمة على مذهب أبي حنيفة وفيها ما فيها.
أذكر مثلا لهؤلاء القرآنيين (منكري السنة)، فهم إذا قيل لهم: لماذا تنكرون السنة؟ قالوا: لأن القرآن هو الذي يوحِّد ولا يفرق، ونحن إذا التففنا حول القرآن قلَّ الخلاف بيننا. أي إن السنة هي التي تفرقنا!
إذن هاتوا أي قضية من القرآن تناقشتم فيها، لننظر أخرجتم منها برأي واحد أم بآراء؟
هذه الطائفة (منكرو السنة) موجودة في ديار المسلمين، وكتبهم مطبوعة، وأنا قرأت هذا الكلام في كتبهم، وهي تباع على الأرصفة، أهذا يجوز؟ أن يأتي رجل فيقول أوقات الصلاة ثلاثة ويُسكت عليه؟! أهذا يستحق الحَجْر أم المجنون الذي يتصرف في ماله على غير الوجه الشرعي؟ أيها أولى بالحَجْر: هذا الذي يعبث بالمعلوم من الدين بالضرورة أم مجرد شخص مجنون يتصرف في ماله بسفه؟ أيُحجر على السفيه ولا يُحجر على هذا!!
أيهما أولى بالحَجر: هذا الذي يلعب في المعلوم من الدين بالضرورة أم شخص اخترع دواء ولم يعرضه على اللجان المختصة لتبتَّ فيه وتبين صلاحيته؟
هؤلاء الذين يعبثون بالدين يُتركون أحرارًا وتباع كتبهم جهارا، وهذا كله من (حرية الكفر) ﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ الكهف: 29 فالمسلم عندهم حر في أن يكفر مع أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول «من بدَّل دينه فاقتلوه» وهذا النص صيانة في الحقيقة لكل الملل، فأي رجل كافر يريد أن يُسلم نعلمه بهذا الحكم، فكِّر قبل أن تعتنق الإسلام؛ لأنك لو اعتنقته ثم رجعت ستُقتل. فإذا كان جادًّا سيدخل الإسلام ولا يعبث بالملل، أو يتركه ولا يسلم، فهو صيانة.