بـقـلــم / ولـيــد صـبــرى
قد يعتبر البعض هجرة النوابغ العربيه طموحاً مشروعاً لا ينبغي أن يقف في طريقه أحد، فكل عربي يذهب إلى الغرب ويجد فرصة للتعلم والعمل في مكان متميز ويفرط في هذه الفرصة هو إنسان بلا طموح.. وقد يعتبر البعض الآخر أن هذا جحود للوطن الذي ربى وعلّم وأنفق وأرسل للخارج لمزيد من التعلم والتأهيل ولا يجوز الغدر به.. وفي كل الأحوال نحن في العالم العربي أمام مشكلة كبرى وهي استنزاف الكفاءات والخبرات والعقول الشابة والبراعم المبدعة في مختلف المجالات.. وهذه المشكلة تمثل أبرز معوقات النهضة والتقدم في عالمنا العربي، ولابد من البحث عن حلول لها.
الإحصاءات تؤكد أن الغرب استطاع خلال الخمسين سنة الماضية استقطاب خيرة العقول والخبرات العربية في الهندسة والطب ومختلف العلوم، حتى في التخصصات العلمية الدقيقة مثل الهندسة النووية، حيث يوجد في الدول الغربية أكثر من ثلاثة الآف خبير نووى عربي .
* الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا تحصل على 75 % من المهاجرين العرب
* 200مليار دولار خسائر عربية بسبب هجرة العقول إلى الخارج
*100ألف من العلماء والمهندسين والأطباء والخبراء يهاجرون سنويا من 8 دول عربية
* التعاون مع المنظمات الدولية لإقامة مشروعات ومراكز علمية في البلدان العربية
* 31% من الكفاءات والعقول المهاجرة من الدول النامية عرب
*50% من الأطباء و23 % من المهندسين و15 % من العلماء من مجموع الكفاءات العربية يهاجرون إلى أوروبا والولايات المتحدة وكندا
اسباب الهجرة من الوطن …
لقد نوقشت هجرة العقول والكفاءات العربية مرارا واسبابها واضحة ومتشابكة وهي معضلة مزمنة يعاني منها الوطن العربي، والعوامل الاقتصادية والأمنية والسياسية كانت ولا تزال، تحتل الأولوية في التأثير المباشر على هجرة الكفاءات العربية
*عدم توفير الظروف المادية والاجتماعية التي تؤمن المستوى المناسب لهم للعيش في المجتمعات العربية
*البيروقراطية والفساد الإداري وتضييق الحريات على العـقول العلمية المبدعة
*عدم الاستقرار السياسي أو الاجتماعي، وتهميش الباحث من قبل القيادات العلمية والسياسية والتي تؤدي إلى شعور بعض أصحاب الخبرات بالغربة في أوطانهم ، أو تضطرهم إلى الهجرة سعياً وراء ظروف اكثر حرية واكثر استقراراً فبلدنا فيه من الخيرات و الثروات بكل أنواعها ما يكفي ويزيد عن حاجة مواطنينا ، وأن البطالة ناتجة عن سوء تخطيط ، وسوء استثمار ، وليس عن نقص في مجالات العمل ورؤوس الأموال.
*حالة الركود في تطور القوى المنتجة وحرمان سكان المجتمع من أبسط الخدمات الإنسانية ، كتوفير مياه الشرب والكهرباء والرعاية الصحية ، وبرزت هذه الحالة في الدول العربية الفقيرة (غير النفطية ) بصورة خاصة
وتعتبر منظمة اليونيسكو، أن هجرة العقول، نوع سلبي من أنواع التبادل العلمي بين الدول، يتسم بالتدفق في اتجاه واحد صوب الدول المتقدمة، لأن في هجرة العقول نقلا مباشرا لأحد أهم عناصر الإنتاج، وهو العنصر البشري.
كيف نستفيد من علمائنا المهاجرين؟
لابد من دراسة متأنية للأسباب التي جعلت هؤلاء يهاجرون للخارج والعمل على حلها بتأنٍّ وفق استراتيجية وخطة متكاملة قصيرة ومتوسطة وطويلة الامد بحيث نستطيع قهر حالة الإحباط التي يصاب بها النوابغ من علمائنا بعد أن أصبحت الثقافة السائدة في معظم مجتمعاتنا «أهل الثقة قبل أهل الكفاءة والخبرة» ..هذه الاستراتيجية يجب أن تتضمن التخطيط لإنشاء مراكز ومعامل علمية سواء في المدارس أو الجامعات والمراكز البحثية مع الاعتراف بالفروق الفردية والتقدير المعنوي والمادي لذوي المواهب والعقول المتميزة حتى نهيئ لها المناخ المناسب الذي يمنعها من الهجرة عندما تجد هذه المواهب ضالتها وإشباع روح البحث العلمي والتطوير المستمر أو المشاركة العقلية الفاعلة بالتشاور مع الرأي والخبرة حيث يتم الاستجابة لطلباتهم التي مهما كانت فإنها أقل بكثير مما يمكن أن يجنيه الوطن منهم إذا تم استثمار تلك المواهب لأن من المتفق عليه أن أفضل استثمار ينهض بالوطن هو الاستثمار في التعليم ورعاية المواهب.