بقلم : منار العزب
في تلك الليلة .. تلك الليلة التي سبقتها ليالي كثيرة مظلمة .. في تلك الليلة رأيت النور حيث انقشعت السحب .. وتفتت أسوار السماء .. ورأيت جذع الانشقاق .. رأيت اللون الأزرق الفاصل بين السموات .. ورأيت بعدها النور بارز واضح كالشمس .. في تلك الليلة رأيت النور .. ساطعا واضحا جميلا مشرقا .. شعرت بالارتجاف .. القشعريرة نالت من كل جسدي .. حتى تجردت تماما من الإحساس بالجسد .. ولم يبقى مني سوى الروح .. سوى صوت الله في كياني بأكمله
بعد تلك الرجفة والخوف من تلك الدهشة الربانية المضيئة بقوة .. شعرت بالرغبة في النوم .. رغبة شديدة .. بعد كل ذلك الأرق الذي طالما عانيت منه ولم أتذوق طعم النوم .. وأنا أكتب لك الآن تساورني نفس تلك المشاعر وأرى نفس الصورة تراودني نفس الأفكار
يا الله كم أن الله مدهش .. ومشرق بداخلنا .. مشرق بكل ألوان الإشراق والنور .. وكم أن دائما رؤيتنا الضيقة للأمور .. ولصاحب كل الأمور هي الباب الأول للطريق المظلم في الحياة ..
الله نور .. الله واسع .. الله كريم ورزاق .. الله جبار للخواطر ومغير الأحوال للأجمل .. هو يريد منا .. يريد منا فقط الاستسلام .. الاستسلام لكل أحواله ومقاديره وطلب العفو منه .. وإدراك .. إدراك أنه لا يتم أي أمر في حياتنا .. بالأحرى حيواتنا إلا بأمره وحده عز وجل .. وترك لنا الخيار ..
إما أن نستسلم فقط ونكون راضين بحياتنا .. وإما أن نستسلم ونسلم ونرضى ثم نبدأ بالسعي .. السعي في طريقه لسعادتنا وليس لشقاؤنا .. أن نتعلم من مواقف حياتنا للعبرة وليس لندب الحظ أو جلد الذات
الله لم يخلقنا لأن نكون في شقاء وتعب مستمر .. الله خلقنا للكد والمثابرة والمعافرة والتعب الجميل .. بكل أنواع السعي الممكنة والمتاحة لقيمنا الأخلاقية والدينية .. ومنحنا الحرية المقننة للوصول ..
……………………………..
استوقفت حديثها الشيق برهة .. حيث دار تساؤل في خلدى
وما هي أنواع السعي المتاحة الممكنة والمتاحة للوصول .. وإلى أين سنذهب؟
ابتسمت ابتسامة هادئة ذات بهجة وقالت .
سنذهب إلى الله بكل ذرة وخلايا بداخلنا .. بكل كياننا ووجداننا و أفعالنا سلوكياتنا
ودار الحوار بيننا
وماذا عن إذا كانت سلوكياتنا خاطئة .. كيف نذهب إلى الله الكامل بكل هذا النقص في شخصياتنا وسلوكياتنا
هناك طريقين للوصول إلى الله لا ينفصلان .. هما وجهان لعملة واحدة .. يتخلله طرق أخرى ..
نظرت إليها بتركيز شديد شغف مني في معرفة الإجابة ويبدو أنها لاحظت ذلك الشغف .. حيث استطردت حديثها
الطريق الأول: الدعاء .. واليقين في الإجابة .. أما عن الطريق الثاني فهو السعي .. السعي المتدرج المنظم الهادئ .. ترتيب الملفات والأفكار والشواهد والصور المخزنة في عقولنا الداخلية .. ومن هنا تكون البداية في التغيير الحقيقي
أما عن الفكرة المعرقلة كيفية الوصول إلى الله بكل هذا النقص بداخلنا وتقصيرنا في أمور كثيرة ترتبط بالوصول والوصل والصلة بالله .. فهي فكرة تعيق تواصلنا الحقيقي الروحاني .. تعيق فكرة الارتباط والوصول .. فالأصل أن الله كامل وهو الكل .. والجزء هو نحن .. ونواقصنا ماهي إلا طريقا لله .. يمنحنا من خلالها رحمة ومغفرة من لدينه .. ولولا تلك النواقص ما رأينا تلك الرحمة والمغفرة والنور ..
الله هو النور الكامل .. نستنبط منه النور وكل الصفات .. ففينا نور من نور الله .. فقط اسعي نحوه بكل كيانك .. تجدين طريق الوصول .. وتنعمي بالسعادة التي هي هدف الله من وجودنا .. الله يحبنا .. يحبنا فحسب .. ويعاملنا في ذلك العالم الأرضي وفق أفعالنا وأفكارنا تصرفاتنا و سلوكياتنا .. فهو الفاعل فينا ورد الفعل .. ونحن الفعل ..