ي ظل تأمينه الحدود الجنوبية مع إسرائيل، وتوقفه عن توجيه أي ضربات إليها، أو العمل في الداخل السوري، ومع كل يوم جديد هناك اعتداداءت على المحتجين اللبنانيين من قبل عناصر وموالين وحلفاء لحزب الله في بيروت وعدد من المناطق.
لائحة التعديات تطول، ولكن أبرزها الهجوم كان ليلاً الهجوم على خيمة “الملتقى” في وسط ساحة الشهداء ببيروت، حيث تعقد كل يوم نقاشات سياسية واقتصادية تتناول القضايا الملحة.
الهجوم على “الملتقى”
الخيمة التي يديرها أساتذة جامعيون ومتخصصون تحولت منذ انطلاق الانتفاضة إلى مركز يجمع المختلفين لإبداء آرائهم ونقاشها وعرض الآراء المختلفة، وخصوصاً في قضايا تعتبر هامة للناس مثل معرفة مصير أموال المودعين في المصارف، والانهيار الاقتصادي المتسارع وارتفاع سعر العملة الأجنبية بشكل جنوني، وانقطاع بعض المواد الأساسية من الأسواق، والغلاء الفاحش في بلد يشهد أساساً ارتفاعاً غير معقول بالأسعار بشكل لا يتناسب مع مستوى المعيشة.
الهجوم على خيمة “الملتقى” بدأ منذ ساعات الصباح، مع دعوات وجهها عدد ممن يعرفون بأنهم “صحافيي الممانعة” لعدم السكوت عن إقامة “الملتقى” ندوة بعنوان “الحياد مفهوم استراتيجي لعودة ازدهار لبنان”، كان هؤلاء منذ أسابيع يحرضون ضد القائمين على “الملتقى” وخصوصاً الكاتب والأستاذ الجامعي مكرم رباح، وهو صاحب مبادرة تعليم طلابه في قاعة مدمرة في ساحة الشهداء شهدت الحرب الأهلية اللبنانية، وبقيت رمزاً لما يمثله الاقتتال من دمار للبلد.
احتلال الساحات
الهجوم على خيمة الملتقى ومحاولة إحراقها أوقفته القوى الأمنية، ولكن التهديد من عناصر ادعت أنها جاءت للنقاش لم يتوقف، فأفكار حزب الله للانقضاض على المحتجين السلميين عديدة، والتهديد بإحراق الخيمة والاعتداء على القائمين عليها مستمر، وتهديداته يعلمها الجميع، ويريد تعليمها للمقربين منه وخصوصاً ما يعرف في بيروت بجماعة “يسار الديناصورات” الذين يديرهم الحزب عبر أتباعه.
فالواضح أن حزب الله عبر جماعات على علاقة به بدأ يحتل ساحات الاحتجاج للانقضاض على المتظاهرين ومنعهم من التعبير عن آرائهم عبر مجموعات تحت مسمى “محتجين”، لكنهم في الحقيقة يعتبرون من أدوات سلطة حزب الله.
في مكان آخر، كانت قاضية بارزة محسوبة على حزب الله والرئيس ميشال عون تعتقل شباناً لأنهم قرروا الاحتجاج في مدينة جونية، وقطع الطريق كما غيرهم من شبان لم يجدوا عملاً ويبحثون عن فرصة للعيش، فيما بيوتهم وأرزاقهم تغرق بسبب الفساد المستشري في مفاصل الدولة.
الحركة الاحتجاجية التي قام بها الشبان لم تكن تستحق حتى توقيفهم، ولكن لأن حزب الله ومعه “السلطة” التي يمثلها أراد زرع الرعب بين الشبان، اتخذت القاضية قرار اعتقالهم، ونقلهم بين عدد من المخافر، مانعة المحامين وعائلاتهم من الوصول إليهم. وهي القاضية نفسها التي اعتقلت غيرهم قبل أيام وجربت أن تبقيهم في السجن. ولكن التحركات الاحتجاجية دفعت في النهاية إلى إطلاقهم.
خسائر جسيمة
وأيضا في بيروت، دار عدد من الشبان المحتجين على منازل السياسيين وخصوصاً الذين عملوا كوزراء في الحكومات على وزارة الأشغال، كان المحتجون يذكرون هؤلاء الوزراء بفسادهم وهدرهم، الذي أوصل البلد إلى انهيار كامل في بنيته التحتية، ما تكاد تمطر حتى تطوف الطرقات وتؤدي إلى خسائر مادية كبيرة.
خلال جولتهم، مر هؤلاء المحتجين بسياراتهم في منطقة فردان في بيروت، بالقرب من منزل رئيس المجلس النيابي نبيه بري، حين هاجمهم عناصر حركة أمل، بلباس عسكري، ومعهم حراس بري، الذين انقضوا على المحتجين ضرباً وتكسيراً، فأصيب عدد منهم ونقلوا إلى المستشفيات.
خطوات مدروسة
برأي أحد المتابعين للتظاهرات ولملف حزب الله، فإن فكرة الحزب تتركز في الوقت الحالي على التقدم خطوات بطيئة لضرب المحتجين وإنهاء تحركاتهم، الحزب ليس مستعجلاً كما الحشد الشعبي في العراق، ولا يملك الراحة التي يملكها الحرس الثوري في إيران للقيام بمجزرة ضد المحتجين، فهو يعمل بخطوات متتابعة وبهدوء ليصل إلى ما تفعله ميليشيات قاسم سليماني في إيران، ولكن بخطوات محسوبة بدقة.
الثورة اللبنانية ليست في أفضل أحوالها، والمواجهة بين المحتجين و”السلطة” لن تنتهي بسهولة، فالمتظاهرون لديهم أصواتهم، وحزب الله لديهم أكثر من مئة ألف صاروخ لم تعدل لها مهة في ظل تأمينه الحدود الجنوبية مع إسرائيل، وتوقفه عن توجيه أي ضربات إليها.