طقـوسٌ صـارمة

83915089 1112381539107161 2144735495995785216 n

بقلم الأديب:أحمدعفيفى

دمياط – مصر
باغتتها قشعريرةٌ باردة, لمْلمَتْ شعرها وخبّأته فى قلنسوةٍ صوفيةٍ , حدّقَتْ في الأفق , أطلقتْ زفرةً طويلةً.وبعدها أجهشت باكيةً.ثم سحبت كرسيها الهزاز وجلست مستسلمةً لأرجحةٍ رتيبةٍ ,قفزتْ هِرّتُها الكثُّة الشعر فوق ركبتيها ,وأخذتْ تتمطى بين كفيها, بشرودٍ أعمَلتْ أنامِلها فى رأس الهـِرة , وفجأةً دفعتها بعيداً مُتمتمةٌ:لا شئ يستحقٌّ!
*حدّثت نفسها:لأجله غنّيتُ ,وغني الكون معي , ولأجله إنتحب قلبٌ وحيدٌ , قلبي أنا..وكأنها ثمِلتْ من الهواء الرطب , أرجعت الكرسيّ مسافهً,وراحت تجتُّر الذكريات!
*جميلة كانت, تتعجّل الحظة الخالدة, ترنو بتوقٍ للأمنيات, تعتمل الأحاسيس داخلها آملةً أن ينتهي القلق نهايةً سعيدة..

*رأته , وكأنه هبط من بين السحب , كان يتفحصها ببطٍ وإمعان!

متأنِّقاً كان, وفخورا ًيقفُ بخيلاءٍ في حديقة منزله..كانت مشدوهة ً غير عابئةٍ بالرياح المدعومة برمالٍ زجاجيةٍ تنغزُ يديها وخدّيها بقسوة..كانت أنذاك تُخطو في عامها العشرين , وتُبطئُ الخُطي في المسافة مابين منزله وبيتها, تستعرض وسامته وجسده الممشوق.. كانت تحس خطواته وهو يهرولُ في إثرها , ومسافة ٌ لاتزال إلى بيتها..شعُرتْ أنها مَشتْ ألف ميلٍ , وهي تلمحُ من ركن عينها ظلّه يدنـو منها مصحوبا ً بعبيره الذكوريِّ الفواح!

*والتَقيـَا, وتزوجا, وتراقصا عشقا وهياما ً, وعاشا في جنتهما..حتي باغتها القدر وأختَطفْ حبيبها
*شاخَ قلبُها وهي تتفاني بحرص علي إرتداء ثيابا ً غامقةً, وسرعان ما تعود إلي كرسيها العتيق , تمارسُ آلامها , وتستجلبُ صورته , وصوته, كان يروقَها أن يحكى عن بعض الطقوس في البلدان البعيدة , كان كثيرا ًما يشعر بالحُنق والغيظ خاصة ً-في المناسبات فيصرخ:النقاء..الشفافية..الحقيقة , لماذا لا نقول الحقيقة كاملةً؟..

وكان يروقها أن تجلس طويلا ً أمام الإطار الكبير الذي يتوسط الصالة , والذي يحوي صورةً كبيرة الحجم له , ولبعض رفاقه وهم يُصوبون أسلحتهم نحو العدو وخلفهم جيشٌ من الملائكة يحمي ظهورهم..كانت تودُّ أن تري الجيش الملائكي راجلا ً, لكنها تراجعت لأنًَ الملائكة لا أرجل لها , هكذا أخبروها إبّان الطفولة !

*أما الان , فثمّةُ أشواكٍ بالقلب وأشياءٌ مفتقدةٌ , ووحشةٌ قاتلة..تناسَيت أنها تجاوزت الأربعين , فهل ستظلُّ متكأهً علي ذكرياتها , تشاهد الطيور الشفقيه والملائكة الصغيرة الشقيّة المُنفلتهُ من أفلاكها لتمرحُ , بين أترابها البشريِّين الصغار الفرحين بأعياد ميلادهم , تُضئُ لهم أعينهم الضيّقة التي أختفتْ مؤقتا ً بفعل انطفاء الشموع!
*وهي في أوجِ هذا , أتت بابتسامة شاحبة مُجاملة ً لأقاربها , وراحت تزرع المكانَ جيئة وذهابا بصُحبةِ طقوسِها وثوبِها الغامق الصارم , تصنعُ حدادا ً هادئا ً صامتا ً , يتواءم مع صخب -عيد الميلاد- المُقام ,في تضادٍ مقبول@