من أمن العقاب أساء الأدب

85233692 4118372578188411 3774278540871073792 n


بقلم / ياسر الشرقاوي

بالرغم من عدم فهمي في مجالين الكرة و الفن ، لكن ما يدور على الساحة هذه الأيام يجعل من كل عاقل التفكر والتدبر .
وكنت قد تناولت كثيرا في كتاباتي من سنوات ما وصلت إليه من الثقافة في الشارع المصري ، وأطلقت عليها ثقافة التوك توك ، حتى أصبحت ظاهرة وجلية على اغلب المعاملات الاجتماعية وغيرها وأعتقد أنها أصبحت الغالبة ، ولم نفلح في مواجهتها .
فنصح الناصحين وتوجيه الموجهين واقلام الشرفاء الغيورين أصبح عائقا أمام المنتفعين هنا وهناك ، والمخطط هو ضرب الثقافة والهوية المصرية والاجتماعية للمصريين حتى باتت العلاقات الأسرية والاجتماعية وثقافة الشارع هي البلطجة .
فهل هذه التوجهات مقصودة لتدمير الهوية المصرية التى تقوم على القيم والمباديء والتسامح ؟!وما كانت مشكلة مطربي المهرجانات التي ظهرت منذ فترة ، ولم يتحرك لها أحد من إسفاف في القول ، وفحش في الحركة ، و ما كان جديدا على مجتمعاتنا الملتزمة .
و إن كنت أحيي ما ذهب إليه نقيب الموسيقيين الذي أدرك أخيرا خطورة ما وصلنا إليه ، وكذا ظاهرة محمد رمضان وما يقدمه من فن من وجهة نظره ، فالفن يعني الجمال والذوق الرفيع وعلاج مشاكل المجتمع وعدم إظهار البلطجة بصورة تجذب الانتباه او بصورة محببة ، مما يجعلها مادة تغرير بالجمهور وهذا ما يسمى بالفن الهابط والإسفاف ، فأين نحن من فن يوسف السباعي وعبد الرحمن الشرقاوي ونجيب محفوظ وجيل العمالقة ، كان للفن رسالة وهدف لكن اسأل الآن كل القائمين على الفنون ماهي رسالتكم ! ومن خلف شاكوش ورمضان ، ما هو هدفكم! أهو جمع الأموال والسيارات الفارهة والشهرة المزيفة !
فالفن هو الجمال فكل ما يشين ليس بفن ، وكل ما يفتقد لهدف أو رسالة نبيلة ليس بفن ، و انما يكون قوة ناعمة تفتت وتغير في الهوية الثقافية والاجتماعية للمجتمع المصري الملتزم المتدين المتسامح صاحب الحضارة ، التي قامت على الفنون والإبداع والعظمة لكن أي إبداع و أي عظمة فيما يقدمونه هؤلاء الأشخاص وما قيل عن هؤلاء يقال عما حدث في مباراة السوبر الأخيرة ، وفي دولة الامارات ولكل فريق مشجعينه ومن يهتفون له ولكن من يهتف للوطن ! ولا أحد يدرك أن كل ما يحدث يضر بنا وبوطننا وسمعتنا وكرامتنا ، فما ضر المنتصر أن يفرح ولكن بأسلوب راق يليق بمن هم قدوة لأبنائنا .
ما حدث حدث لكن العجيب أن اتحاد الكرة والمسؤولين لم يخرج منهم أحد ويتحدث ، فلابد أن يكون هناك تحقيق فيما حدث ومعاقبة المقصر أيا كان لا فرق هنا بين فريق واخر أو بين رئيس ناد واخر ، بل هو الوطن الذي لابد ان ننظر اليه فكل ما نفعله للوطن وكل هدفنا المحافظة عليه وعلى سمعتنا أمام العالم وغرس التسامح وثقافة الاختلاف وقبول الاخر وهذا ما خرجت به الفنانة هالة فاخر وحديثها عن فئة من المجتمع وهم المدرسين ، وفتح باب صراعات بحديثها عنهم بطريقة لا تليق وجعلت من نفسها وصية وحكم على المعلمين وأن منهم الفشلة ، وان كلية التربية ليست كلية قمة وان كانت ما تقوله نقدا فللنقد قواعد وأسس وعلى الناقد أن يكون ملما بما ينقد ، ونسيت أن كل مكان فيه السلبي وفيه الإيجابي ، ونسيت ان المعلم حامل لواء الانبياء ومشعل التنوير وتناست ان المدرس منهم من نال اعلى الشهادات التي ممكن أن يحصل عليها انسان ، ومن المؤكد ان اقل معلم حاصل على شهادة أعلى من شهادتها ، وأن ثقافته أعلى و أروع ، وما يقدمه للمجتمع بالإمكانيات المتاحة له أعظم وأجل .
فدائما من يحكم على الأمور ، الاكثر معرفة بها والملم بكل خباياها وكما قال الدكتور مصطفى محمود حكم كرة القدم الأكثر معرفة ولذلك يحكم وناقد الفن أكثر ولذا هو ينقد ويحلل ويدلل ، ونسيت أن كلية التربية التي تخرج منها المعلم من اكثر من ثلاثين سنة وهي من كليات القمة .
وأقول لها ان الوضع ليس في حاجة الى أوصياء وخصومات ولكن الكلمة الطيبة والتوجيه السليم والدراسات الصحيحة هي الحل ، ولذا أهيب بالمسؤولين متابعة ما يوجد من ظواهر تضر بالمجتمع والأخذ على يد كل من تسول له نفسه العبث في مقدرات الشعب والمجتمع فمن أمن العقاب أساء الأدب .
أ.الحمد لله