بقلم د/ محمد عطا عمر
” التأمل والتدبر في إيجاد الحلول وإتباع المنهج العلمي”
إن كل مرحلة من مراحل مواجهة الأزمة تقود إلى المرحلة التالية، حتى يتم الخروج منها، فمن الاستغفار ثم الدعاء والتوجه إلى الله, إلى التأمل والتدبر وإيجاد الحلول، وهي الحلقة التالية في معالجة الأزمات, قال تعالى ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (173﴾ . (النساء 173), فقد جاء القرآن الكريم ليضع الطريقة المثلى في علاج الأزمات والابتلاءات, بخطوات منظمة، وبشكل منطقي, قال تعالى: ﴿قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ، ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّا تُحْصِنُونَ، ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾ ( يوسف الآيات 47 – 49 )
قال يوسف عليه السلام للملك وملئه ما يجب عليهم أن يفعلوه لتلافي ما تدل عليه الرؤيا, من الخطر على البلاد من زراعة القمح سبع سنين متواليات بلا انقطاع, ثم بادخار ما يحصد منه في كل زراعة في سنابله, لحفظه من السوس وتسرب الرطوبة إليه, حتى يكون القمح لغذاء الناس والقش للدواب, حين الحاجة إليه, إلا قليلاً من ذلك تأكلونه في كل سنة, مع الاقتصاد والاكتفاء بما يسد الحاجة ويكفي دفع المخمصة، ثم يأتي بعد ذلك سبع سنين كلهن جدب وقحط يأكل أهلها كل ما ادخرتم في تلك السنين لأجلهم, إلا قليلاً مما تخزنون وتدخرون للبذر.
ولكن إتباع المنهج العلمي لحل الأزمة يتدرج من خلال مراحل معينة يجب إتباعها بالترتيب لحل الأزمة حلاً موضوعياً, وهي تتمثل في التالي:
أ- قراءة التاريخ :
وذلك من باب القياس والقراءة الموضوعية للاستفادة من أزمات الأمم المشابهة, والاستفادة مما سبق من تجارب ماضية, والنبي صلى الله عليه وسلم يؤكد على عدم الوقوع في الأمر مرتين فيقول: ” لا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين”.
ب- القراءة العلمية والموضوعية للأزمة:
فمن الضروري أن تشخص الأزمة بشكل سليم ودقيق حتى يمكن أن يوفر العلاج الصحيح، وإلا ستبقى الأزمة قائمة، حيث قال عز وجل﴿ وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا (28)﴾(النجم28), فإن الحق لا بد فيه من اليقين المستفاد من الأدلة والبراهين القاطعة, الكفيلة بالخروج من الأزمة، وأما حالة الظن كفيلة باستمرار الأزمة واستفحالها.
ج- سؤال أهل الاختصاص والخبرة:
لقد أكد القرآن الكريم على ضرورة سؤال أهل الاختصاص والرجوع إليهم, والاستفسار منهم, قال تعالى ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)(النحل43) , أيضاً والاعتماد على تقييمهم وقدرتهم على الاستنباط والتحليل للخروج من الأزمات, كما قال عز وجل: ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾(النساء83) وذلك ليأخذوا لكلّ حالة حيطتها.
د- إعداد العلاج والحل :
فالأخذ بالأسباب يقود إلى العلاج والخروج من الابتلاءات والأزمات﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66)(النساء66﴾, أي لو أنهم استجابوا واستمعوا للموعظة التي يعظهم الله بها؛ لكان خيراً لهم وأشد تثبيتاً واستقراراً للإيمان في قلوبهم وأبعد عن الاضطراب فيه.
فعلى الجماعة المؤمنة ألا تعيش حالة الأزمة والابتلاء بكل كيانها, وتفتقد القدرة على القراءة والتشخيص، وتدبر الحلول.
وخلاصة القول أنه يمكننا قياس تلك الطرق السابقة على هذه الأزمة المعاصرة, فلا ينبغي الانصياع والانسياق خلف الشائعات واستخدام أسلوب التهويل والترويع الذي نحن فيه, بل يجب إتباع الطرق العلمية لحل الأزمات كما لاحظنا في تلك الحلقة وسابقتيها, وسنستكمل الحديث عن باقي الطرق لمعالجة الأزمات من منظور الشريعة الإسلامية,,,, عسى الله أن يفرج عنا همنا وكربتنا,, اللهم آمين.
,,,,,,,,,,,,,,,,,, نرجو النشر لزيادة الإفادة.