الحلقة الثامنة والأخيرة في معالجة الأزمات من منظور الشريعة الإسلامية

58420118 445327429554282 1859332191872352256 n 8

بفلم د/محمد عطا عمر

عرضنا على مدار السبع حلقات السابقات معالجة الأزمات من منظور الشريعة الإسلامية, ووضحنا من خلالها أن الأزمات ابتلاءات من الله تعالى ليختبر بها المؤمنين ويعاقب بها الضالين, فأثناء الأزمات يغيب عنا أحياناً أن كل شيء بقضاء وقدر، وأن ما أصاب المؤمن لم يكن ليخطئه، فهو رفع للدرجات، وتمحيص للسيئات، ﴿فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ(3)﴾.(سورة العنكبوت: الآية 3) ومن هذا المنطلق نستنتج الآتي:- أولاً: أن الأزمات هي حالة إنسانية طبيعية تتعرض لها الجماعات والأفراد على حد سواء، تتفاوت فيها ردود الأفعال ومواجهتها من جماعة إلى أخرى. ثانياً: أن الجماعة المؤمنة تتميز عن باقي الجماعات الإنسانية الأخرى في قراءتها للأزمات والابتلاءات، وكيفية مواجهتها والتعاطي معها، فهي عبارة عن تربية وتوجيه للجماعة المؤمنة، بما تحمله من رحمات وتأهيل للجماعة المؤمنة لقيادة الأمة﴿ وكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ (سورة البقرة: الآية 143) ثالثاً: القرآن الكريم وصف الابتلاءات والأزمات وبين أسبابها لتتلافها الجماعة المؤمنة وتكون قادرة على مواجهتها. رابعاً: حثنا القرآن الكريم على التثبت وعدم الاستعجال وقت الأزمات, ففي غزوة الأحزاب تحدث المنافقون، وفي غزوة بدر رجع المنافقون، وهكذا هم في الأزمات، فقد يخرج المرجف والمخذل، وصاحب الشهوة الخفية فيصعدون الأزمات، وقد يجدون من يسمعهم. خامساً: لقد كشف القرآن الكريم عن الوسائل وسبل العلاج ومواجهة هذه الأزمات، فلم يترك الله هذه الأمة بدون دعم الهي وتربية إلهية، وهذا ما خصه الله المسلمين عن سائر الأمم الأخرى. ( د/ صبحي رشيد اليازجي: إدارة الأزمات من وحي القرآن الكريم, ص349, و ص283) سادساً: الاستشارة وتوسيع نطاقها, فحاجتنا إلى الاستشارة لحظة الأزمات حاجة ملحة مع أهميتها في جوانب ومراحل شتى، إلا أنها تتأكد ولا شك وقت الأزمات، والغريب في الأمر أن بعضنا لا يلجئ إلى التخفيف من حدة الأزمة بمراجعة النفس ومحاسبتها على الخلل والتقصير، ولكن يلجئ إلى المزايدة في الأعمال وافتعال دعوى الكمال, وفي موقف الرسول صلى الله عليه وسلم عندما أشارت عليه أم سلمة فقبل رأيها وهي امرأة، وما نظر إلى الأزمة من زاوية واحدة. (صفي الرحمن المباركفوري: الرحيق المختوم، ص 385) سابعاً: استخر واستعن, إن كنت قد بذلت جهدك واستفرغت كامل وسعك في حل الأزمة، فاستخر واستعن بالله عز وجل، ومن الإعانة العون والسداد، وتكون عندها قد قضيت ما عليك . ثامناً: أننا لو اتبعنا كل الطرق السابقة في معالجة أي أزمة تمر بنا, بما فيها الأزمة الحالية التي تمر بالبلاد ويمر بها العالم أجمع وهي ” أزمة وباء كورونا المستجد ” فإننا سنتمكن بعون الله وتوفيقه من الخروج منها بسلام, واثقين طامعين في رضا رب العالمين.

93584125 262315921567750 6613871399545077760 n 1
93863588 532816957670737 36884423223803904 n