بقلم/ أحمد الطحاوي
في محرم سنة إحدى وخمسين وسبعمائة آبتدأت الوحشة بين الأمير مغلطاي أمير آخور وبين الوزير منجك اليوسفي بسبب الفأر الضامن وقد شكا منه فطلبه مغلطاي من الوزير وقد احتمى به فلم يمكنه منه وكان منجك لما فرغ من بناء صهريجه الذي عمره تجاه القلعة عند باب الوزير اشترى له من بيت المال ناحية بلقينة بالغربية بخمسة وعشرين ألف دينار وأنعم عليه بها فوقفها منجك على صهريجه المذكورة فأخذ مغلطاي يعد لمنجك تصرفه في المملكة وسكن الأمر فيما بينهما ثم توجه السلطان إلى سرحة سرياقوس على العادة في كل سنة وأنعم على الأمير قطليجا الذهبي بإقطاع الأمير لاجين أمير آخور بعد موته وأنعم بإقطاع قطلوبغا وتقدمته على الأمير عمر بن أرغون النائب ثم استقر بكلمش أمير شكار في نيابة طرابلس عوضاً عن أمير مسعود بن خطير وكتب بإحضار أمير مسعود إلى القاهرة ثم عاد السلطان من سرحة سرياقوس وكتب بعود أمير مسعود إلى دمشق بطالاً حتى ينحل له من الإقطاع ما يليق به وخلع على الأمير فارس الدين ألبكي بآستقراره في نيابة غزة بعد موت الأمير دلنجي ودلنجي باللغة التركية هو المكدي وهو بكسر الدال المهملة وفتح اللام وسكون النون وكسر الجيم وفي هذه الأيام توجه الأمير طاز إلى سرحة البحيرة وأنعم السلطان عليه بعشرة آلاف إردب شعير وخمسين ألف درهم وناحية طموه من الجيزية زيادة على إقطاعه وفي خامس عشر شوال خرج أمير حاج المحمل الأمير بزلار أمير سلاح ثم خرج بعده طلب الأمير بيبغا أرس النائب بتجمل زائد وفيه مائة وخمسون مملوكاً معدة بالسلاح ثم خرج طلب الأمير طاز وفيه ستون فارساً فرحل بيبغا أرس قبل طاز بيومين ثم رحل طاز بعده ثم رحل بزلار بالحاج ركباً ثالثاً في عشرين شوال من البركة وفي يوم السبت رابع عشرينه عزل الأمير منجك اليوسفي عن الوزارة وقبض عليه وكان الأمير شيخون خرج إلى العباسة وسبب عزله أن السلطان بعد توجه شيخون طلب القضاة والأمراء فلما اجتمعوا بالخدمة قال لهم: يا أمراء هل لأحد علي ولاية حجر أو أنا حاكم نفسي؟ فقال الجميع: يا خوند ما ثم أحد يحكم على مولانا السلطان وهو مالك رقابنا فقال: إذا قلت لكم شيئاً ترجعوا إليه؟ قالوا جميعهم: نحن تحت طاعة السلطان وممتثلون ما يرسم به فالتفت إلى الحاجب وقال له: خذ سيف هذا وأشار إلى منجك الوزير فأخذ سيفه وأخرج وقيد ونزلت الحوطة على أمواله مع الأمير كشلي السلاح دار فوجد له خمسون حمل زردخاناه ولم يوجد له كبير مال فرسم بعقوبته ثم أخرج إلى الإسكندرية فسجن وساعة القبض عليه رسم بإحضار الأمير شيخون من العباسة وإعلامه بمسك منجك الوزير فقام الأمير مغلطاي أمير آخور والأمير منكلي بغا في منعه من الحضور وما زالا يخيلان السلطان منه حتى كتب له مرسوم بنيابة طرابلس على يد طينال الجاشنكير فتوجه إليه أطينال فلقيه قريب بلبيس وقد عاد صحبة الجمدار الذي توجه بإحضاره من عند السلطان وأوقفه على المرسوم فأجاب بالسمع والطاعة وبعث شيخون يسأل في الإقامة بدمشق فكتب له بخبز الأمير تلك بدمشق وحضور تلك إلى مصر فتوجه شيخون إليها ثم قبض السلطان على الأمير عمر شاه الحاجب وأخرج إلى الإسكندرية واستقر الأمير طنيرق رأس نوبة كبيراً عوضاً عن شيخون ثم قبض على حواشي منجك وعلى عبده عنبر البابا وصودر وكان عنبر قد أفحش في سيرته مع الناس وشره في قطع المصانعات وترفع على الناس ترفعاً زائداً فضرب ضرباً مبرحاً ثم ضرب بكتمرشاد الأهراء فاعترف للوزير منجك باثني عشر ألف إردب غلة آشتراها من أرباب الرواتب وفي مستهل ذي القعدة قبض على ناظر الدول والمستوفين وألزموا بخمسمائة ألف دينار فترفق في أمرهم الأمير طنيرق حتى آستقرت خمسمائة ألف درهم ووزعها الموفق ناظر الدولة على جميع المباشرين من الكتاب أو الشهود والشادين ونحوهم والتزم علم الدين عبد الله بن زنبور ناظر الخاص والجيش بتكفية جميع الأمراء المقدمين بالخلع من ماله وقيمتها خمسمائة ألف درهم وفصلها وعرضها على السلطان فركبوا الأمراء بها الموكب وقبلوا الأرض وكان موكباً جليلاً وفي يوم السبت ثامن ذي القعدة خلع السلطان على الأمير بيبغا ططر حارس طير وآستقر في السلطنة بالديار المصرية عوضاً عن بيبغا أرس المتوجه إلى الحجاز بعد أن عرضت النيابة على أكابر الأمراء فلم يقبلها أحد وتمنع بيبغا ططر أيضاً منها تمنعاً كبيراً ثم قبلها واستقر الأمير مغلطاي أمير آخور رأس نوبة كبيراً عوضاً عن طنيرق الذي كان وليها عن شيخون وأطلق له التحدث في أمر الدولة كلها عوضاً عن الأمير شيخون مضافاً لما بيده من الأميراخوري واستقر الأمير منكلي بغا الفخري رأس مشورة وأتابك العساكر وأنعم على ولده بإمرة ودقت الكوسات وطبلخانات الأمراء بأجمعها وزينت القاهرة ومصر في يوم الأحد تاسع ذي القعدة واستمرت ثمانية أيام وأما شيخون فإنه لما وصل إلى دمشق قدم بعده الأمير أرغون التاجي بإمساكه فقبض عليه وقيد وأخرج من دمشق في البحر وتوجه إلى الطينة ثم أوصله إلى الإسكندرية فسجن بها وخلع على طشبغا الدوادار على عادته دواداراً وتصالح هو والقاضي علاء الدين بن فضل الله كاتب السر فإنه كان نفي بسببه حسب ما تقدم ذكره وأرسل كل منهما إلى صاحبه هدية وكان السلطان لما أمسك منجك كتب إلى الأمير طاز وإلى الأمير بزلار على يد قردم وأخبرهما بما وقع وأنهما يحترسان على النائب بيبغا أرس وقد نزل سطح العقبة فلما قرأ بيبغا الكتاب وجم وقال: كلنا مماليك السلطان وخلع عليه وكتب أنه ماض لقضاء الحج ثم إن السلطان عزل الأمير صرغتمش والأمير علياً من وظيفتي الجمدارية وكانا من جملة حاشية شيخون ورسم لصرغتمش أن يدخل الخدمة مع الأمراء ثم أخرج أمير علي إلى الشام وأخرج صرغتمش لكشف الجسور بالوجه القبلي وألزم السلطان أستادار بيبغا أرس بكتب حواصل بيبغا وندب السلطان الأمير آقجبا الحموي لبيع حواصل منجك وأخذت جواري بيبغا أرس ومماليكه وجواري منجك ومماليكه إلى القلعة فطلع لمنجك خمسة وسبعون مملوكاً صغارًا وطلع لبيبغا أرس خمس وأربعون جارية فلما وصلن تجاه دار النيابة صحن صيحة واحدة وبكين فأبكين من كان هناك.