بقلم سحر عبد العاطى
تميزت مصر وخاصة القاهرة بمساجدها ومآذنها فمن أكثر المبانى روعة وإثارة للإهتمام بين منشآت القاهرة هى المساجد ، فقد قام كل أمير مسلم تولى حكم مصر ببناء أحدها ، إلى جانب ضريحه الخاص ، كما قام العديد من الوزراء والأثرياء بالشئ ذاته بعضهم بدافع التقوى الخالصة والبعض الأخر أملا فى تكفير أعماله ، وتحتوى مدينة القاهرة وحدها على ما بين مائتين وثلاثمائة مسجد جامع ، إلى جانب العديد من المساجد الأصغر ، فلذلك أردنا إلقاء الضوء على بعض منها ، وخير ما نبدأ به هو الجامع الأزهر :
ففى سنة 358هـ / 969م نزل القائد جوهر الصقلى قائد قوات الخليفة الفاطمى المعز لدين الله إلى مدينة الفسطاط ، ولكنه لم يبقى بها وإختار موقع آخر لينشئ بها مدينة تكون سكناً للخليفة وجنده وخواصه ، فإختار الفراغ الواقع بين الفسطاط من ناحية الشمال إلى منطقة عين شمس ، حيث كانت منطقة رملية لايوجد بها أى مبانى أو زراعة إلا بستان يعرف بالبستان الكافورى ودير للنصارى يعرف بدير العظام ومبنى أخر يعرف بقصر الشوك .
وبدأ القائد جوهر بتخطيط المدينة حيث الجامع فى وسط المدينة وقصران احدهمها شرقى كبير والأخر غربى صغير على جانبى إمتداد الشارع الرئيسى ، ثم آخذت كل قبيلة من القبائل التى يتألف منها الجيش الفاطمى خطة عرفت بإسمها فبنوا بها مساكنهم ودورهم ومساجدهم ، ثم أحاط كل ذلك بسور كبير له ثمانية أبواب بابان فى كل جهة من الجهات الأربعة.
وقد تحولت مدينة القاهرة لتكون عاصمة الخلافة الفاطمية بعد إنشائها بأربع سنوات، وظلت مقرا للحكومة الفاطمية ومركزها الإدارى والسياسى ومركز لنشر الدعوة الفاطمية.
وكان الجامع الأزهر عبارة عن مسجد كبير تقام فيه الصلوات الجامعة بجانب الصلوات الخمس ولذلك سمى بالمسجد الجامع. بدأ البناء فيه سنة 359هـ / 970م وإنتهى عمارته فى رمضان سنة 361هـ / 972م ، وقد أطلق عليه جامع القاهرة إلا أن الخليفة العزيز بالله أطلق عليه اسم الجامع الأزهر نسبة إلى السيدة فاطمة الزهراء رضى الله عنها .
وكان يوجد فى الجنوب الشرقى من المدينة التى أقامها جوهر الصقلى وكان مسجدا رسميا للدولة الفاطمية ومقر لنشر المذهب الشيعى ، وكان فى البداية عبارة عن صحن مستطيل يتقدمه بيت الصلاة الذى يتكون من خمسة أروقة موازية لجدار القبلة عرض كل منها 4 أمتار وربع ، وكان يعلو رواق المحراب ثلاث قباب واحدة أمام المحراب وإثنين على طرفيه، ثم أدخلت عليه الكثير من التعديلات والإصلاحات والتوسيعات ، فقد إعتنى الحكام والخلفاء والسلاطين والأمراء فى كل عصر بعمارته وزخرفته وإعلاء شأنه ، وكانت أكبر الإضافات التى تمت لهذا الجامع تلك الإضافات التى قام بها عبد الرحمن كتخدا سنة 1167هـ .
يتميزهذا الجامع بمئذنته العالية التى بناها السلطان الغورى سنة 920هـ ، والتى تعتبر فريدة بين مآذن العصر حيث أن بدنها العلوى مكون من 16 ضلع بينما باقى المآذن لايتجاوز الثمانية ، وكست المآذنة من الخارج ببلاطات من القيشانى الجميل ، وتنتهى المآذنة برأسين بدلا من رأس واحدة .
يوجد داخل الجامع على جانبى المدخل الرئيسى مدرستين صغيرتين واحدة على كل جانب ، المدرسة الأقبغاوية يسار المدخل وهى تنسب إلى الأمير أقبغاعبد الواحد الذى أنشأها سنة 740هـ ، والمدرسة الطيبرسية الواقعة على الجهة اليمنى وتنسب إلى الأمير طيبرسى العلائى الذى أنشأها سنة 709هـ ، وقد ألحقهما الأمير عبد الرحمن كتخدا بالجامع الأزهر عندما قام بعمارته الكبيرة للجامع سنة 1167هـ فأصبحت داخل باب المزينين ، وبعد هذين المدرستين يوجد فناء كبير رصفت أرضيته بالحجارة، ويحيط هذا الفناء أروقة ترتكز على أعمدة رخامية ، و جانب القبلة ينقسم إلى أروقة وهى مخصصة للطلبة الوافدين من جميع البلدان الإسلامية ويفصل تلك الأروقة عن الفناء وعن بعضها من الجانين حواجز خشبية ، ويخصص كل رواق لأبناء البلد الواحد ، وإن كان الطلاب جميعهم من مصر فتكون مخصصة لأبناء الأقليم الواحد ، وكل رواق من الأروقة الجانبية يشتمل على مكتبة تتألف معظم محتوياتها من كتب الدين والنحو.
فمنذعام 378هـ تحول الأزهر إلى مسجد جامع تدرس فيه العلوم الدينية والتعليمية ، وفى سنة 1961 م صدر قانون جعل الأزهر جامعة دينية شاملة التطور العلمى الحديث فى العالم مع الحفاظ على تقاليده ورسالته الدينية ، ويضم الأزهر مكتبة حافلة بالكتب القيمة ما بين مخطوط ومطبوع وبها مخطوطات نادرة لاتوجد فى أى مكتبة فى العالم
أنظر المراجع:
إدوارد وليم لين: القاهرة منتصف القرن التاسع عشر .
- على مبارك: الخطط التوفيقية، ج2 .
- أنغام وهدى عبد المنعم ناجى: المعالم الآثرية والسياحية فى مصر، ط1
